حسب معلوماتي فإن السيدة الفاضلة ذكرى الرشيدي وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل قبل نجاحها في الانتخابات النيابية الأخيرة وتوزيرها، كانت خبراتها تنحصر في المجال القانوني ومهنة المحاماة والأنشطة المتعلقة بالعمل السياسي وحقوق المرأة، ولم يكن لها علاقة بمجال علم السكان (الديموغرافيا) أو القوى العاملة، لكنها وبعد أقل من ثلاثة أشهر من توزيرها أحاطت – ما شاء الله- بملف التركيبة السكانية والعمالة، ذاك الملف المعقد في الكويت، واتخذت قراراً تاريخياً بترحيل 100 ألف وافد سنوياً، بمجموع مليون منهم بعد 10 سنوات، أي تقريباً ترحيل ثلث سكان الدولة الحاليين، وهو قرار مهم لا نعرف على أي دراسات استند ووفق أي منهج اتُخذ.

Ad

لا نختلف مع الوزيرة الرشيدي حول خطورة قضية العمالة الهامشية والسائبة في البلد وضرورة معالجتها، لكننا لا نعلم ما الفئات المستهدفة بعملية الترحيل الكبرى هذه، فالناس بدأت تعاني، والأجرة اليومية لعمال البناء والإصلاحات الفنية أصبحت في السماء والعمالة نادرة في ظل حملات الترحيل التي تشمل البعض بالخطأ، بينما تسعى الدولة إلى بناء عشرات آلاف القسائم السكنية والمستشفيات والمدن الجديدة ومشاريع تنموية كبرى جديدة ستحتاج إلى مزيد من العمالة، وهو ما كان يتطلب فتح فترة زمنية مناسبة لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة قبل حملات المداهمة والترحيل المستعرة حاليا، خاصة أن ترحيل عمالة مدربة على احتياجات البلد وطرق العمل فيه والإتيان بعد فترة بعمالة جديدة هو هدر لطاقات الدولة، كما أن هناك سؤالاً مستحقاً في دولة تسعى إلى بناء 5 مستشفيات كبرى جديدة هل يجوز أن يرحل أطباء وممرضون وفنيون طبيون، كما يشاع، وسط ندرة وجود هذه التخصصات حول العالم؟!

بلا شك أن قرار ترحيل مليون وافد هو قرار أكبر من أن تتخذه وزارة منفردة، ولا ندري إن كان مجلس الوزراء قد اطلع عليه واعتمده أم لم يفعل، لأن  لهذا القرار تبعات على علاقات الكويت الدولية، وانعكاسات اقتصادية، كما أن القرار له ارتباطات بوضع العمالة الوطنية، فمعظم الخريجين الكويتيين هم أصحاب مؤهلات إدارية ومهنية مالية -اقتصادية متوسطة وعليا، ولا نملك العامل الوطني الميداني والفني الذي تستهدفه حملات الترحيل بشكل أساسي حالياً، بينما الوافد الذي يشغل وظائف إدارية ويحتل فرص توظيف الكويتيين في البنوك والشركات الاستثمارية ومؤسسة البترول والشركات النفطية سيبقى في موقعه، فهل تملك الوزيرة الرشيدي اتخاذ قرار وقف أذون العمل للبنوك وبقية الجهات من الوظائف الإدارية التي يتخرج آلاف الكويتيين سنوياً وهم يحملون تخصصاتها المختلفة؟!

***

بعض وسائل الإعلام المصرية بدأت تُلمح إلى أن الحملات الأمنية الكبرى المتزامنة في أكثر من دول خليجية لترحيل العمالة، تستهدف ضمنياً وبشكل أساسي العمالة المصرية، بعد أن كانت الورقة الرابحة العام الماضي في إنقاذ الاقتصاد المصري عبر تحويلات المصريين في دول مجلس التعاون الخليجي وليبيا، وأن هذا القرار يهدف إلى الضغط على حكومة الإخوان المسلمين هناك، ورغم إيماني بعدم مصداقية هذه الادعاءات، فإننا يجب ألا نخاطر بعلاقتنا مع الشعب المصري، وأن نوضح بشكل شامل ما هو سبب قرارات الترحيل في هذا التوقيت لأن قضية المساس بمصدر الرزق تتجاوز أي علاقات بين الحكومات وتمس صميم العلاقات بين الشعوب.