مجلس شكلي لا يمثل الأمة
قضية الرفض الشعبي والسياسي لمجلس الصوت الواحد وتحوله إلى مجلس شكلي لا يمثل الأمة، لا تحتاج إلى مزيد من الأدلة، فقد أصبحت واضحة وضوح الشمس وتجاوزت بمراحل متقدمة الحديث المكرور والممل عن نسبة المشاركة في انتخاباته أو نسبة المقاطعة، رغم أن النسب كانت واضحة إحصائياً وسياسياً إلا لمن لا يريد أن يرى الواقع كما هو، بل كما تصوره له أوهامه وأحلامه!كما أن مسألة الاعتراض الشعبي والسياسي على عملية الانفراد بالقرار السياسي تجاوزت ما يسمى "الأغلبية"، وأصبحت تشكل رأياً عاماً شعبياً واسعاً ومتنوعاً يلاحظه أي متابع موضوعي، وليس من توقف به الزمن عند سبعينيات القرن الماضي فانفصل عن الواقع وبات لا يرى أبعد من أرنبة أنفه.
من هذا المنطلق، فإنه لا قيمة إطلاقاً لما تردده أبواق الفساد والمنافقين والمفصولين عن الواقع من أن تراجع أعداد المشاركين في المسيرات الشعبية يعتبر دليلاً قاطعاً على تراجع الاعتراض الشعبي والسياسي على تعديل النظام الانتخابي أو على مجلس الصوت الواحد، حيث سبق أن عبّر المواطنون بطرق مختلفة عن رفضهم الانفراد بالقرار السياسي وهدم الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية، ومن ضمن طرق الاحتجاج كانت المسيرات الشعبية التي شارك فيها أعداد هائلة تجاوزت في بعض المرات المئة ألف مواطن رغم تعرضها للقمع والاستخدام المفرط للقوة من قبل قوى الأمن، فضلاً عن الملاحقات الأمنية وتلفيق التهم للمشاركين فيها، وهو ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند الحديث عن أعداد المشاركين في المسيرات والاحتجاجات الشعبية. غياب الشرعية الشعبية والسياسية عن مجلس الصوت الواحد وتحوله إلى مجلس شكلي لا يمثل الأمة عكسته تصريحات أعضائه وتصرفاتهم على طريقة و"شهد شاهد من أهلها"... فرئيسه يوظف النائب العام المصري السابق المقال كمستشار قانوني، بالرغم من الاتهامات والبلاغات التي تلاحقه في مصر حول عمله أثناء حكم مبارك وبعد سقوطه مباشرة، ما يعتبر من الناحية السياسية والأخلاقية موقفاً غير طيب من الثورة المصرية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعبّر عن موقف الشعب الكويتي المساند للثورة.وما زاد الطين بلّة أن رئيس مجلس الصوت الواحد في رده على الانتقادات التي وجهت لهذا القرار المثير للجدل، قال بعبارات قاسية وأسلوب يخلو من اللباقة السياسية لا يمكن أن يستخدمهما رئيس برلمان حقيقي يمثل الأمة ويحترمها فعلاً: "اللي عاجبه عاجبه... واللي مو عاجبه هذا شأنه"!وماذا بعد؟!... فيصل الدويسان، يعترف بأن المجلس شكلي "المجلس لا يهش ولا ينش"، وأحدهم يعلنها صراحة أن "المجلس في جيب الحكومة"! وعسكر العنزي يقول: "الحكومة ماسحة فينا البلاط"! أما حسين القلاف الذي يعتبر من أكبر المدافعين عن "مرسوم الضرورة" فقد لخص وضع مجلس الرأي الواحد بعد تأجيل استجوابه مدة طويلة عندما قال: "على الرئيس أن يطلع على ردة فعل الناس عليه وعلى الأعضاء الذين أتت بهم الحكومة"، وأضاف: "ما قام به الراشد وفرقة حسب الله النواب أصحاب 506 أصوات خيانة للوطن والدستور ولحقوق الناس والمال العام ... كفى كذباً على الناس"!أما من ناحية التصرفات، فقد أصبح الشغل الشاغل لأغلب أعضاء مجلس الصوت الواحد ملاحقة المعترضين على "مرسوم الضرورة" حتى في مصادر أرزاقهم، بينما تخصص بعضهم في ملاحقة أعضاء ما يسمى "الأغلبية" بشكل انتقامي مقزز ومستهجن شعبياً وسياسياً.