بينما كانت ردود الفعل يوم الخميس الماضي على شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر» بحبس المغرد ناصر الديحاني سنة وثمانية أشهر بعد إدانته بالإساءة للذات الأميرية لم تأخذ حيزا من النقد للقضاء ولحكمه الصادر، في المقابل حظي الحكم بحبس المغرد صقر الحشاش سنتين مع الشغل والنفاذ بذات التهمة لردود فعل واسعة، فسارع العديد من المغردين من أهل السياسة ونواب سابقين كانوا او مقربين من الحراك المصنف بالمعارض إلى انتقاد ذلك الحكم، بل وسارع حساب كرامة وطن إلى الدعوة إلى مسيرة كرامة وطن الثامنة للمطالبة بتطهير القضاء ورفع شعار الشعب يريد تطهير القضاء، ولا أعلم ما سبب عدم صدور ردات الفعل تلك بعد صدورحكم الديحاني رغم أن الفارق بين الحكمين هي مسألة نفاذ تنفيذه رغم ثبوت الادانة في كلا الحكمين!
الأمر الأهم برأيي هو التعاطي مع الاحكام القضائية بازدواجية غير مقبولة، تنم إما عن عدم فهم حقيقي لظروف كل قضية على حدة أو أن أصحاب ردات الفعل يرغبون رغم علمهم بتلك الإجراءات أن يبالغوا بها من أجل خلط أكبر عدد ممكن من الأوراق والتي انتهت أخيرا بالمطالبة بتطهير القضاء لمجرد صدور حكم ابتدائي بحبس مغرد!ففي الوقت الذي أصدرت فيه محكمة الجنايات برئاسة المستشار صلاح الحوطي في 28 فبراير الماضي حكما ببراءة المغرد حامد الخالدي من تهمة المساس بذات الامير لعدم ثبوت التهمة، وحظي ذلك الحكم بتصفيق حار لبراءته فإن ذات الأيدي التي صفقت لذلك الحكم، قذفت ذات المحكمة برئاسة المستشار صلاح الحوطي التي أصدرت حكم حبس المغرد صقر الحشاش بالحجارة يوم الخميس الماضي لأنها انتهت إلى حبسه سنتين مع الشغل والنفاذ لثبوت التهمة، وأصبح حكمها مبالغا فيه ومتعديا لحقوق الرأي رغم أنه حكم ابتدائي يجوز الطعن عليه أمام المحاكم العليا.والسؤال الذي يطرح نفسه إن كان البعض يحسب ردات فعله على وقع الحدث ذاته ألم يكن من باب الانصاف أن تتم الدعوة لإجراء مسيرة كرامة وطن بعد صدور حكم براءة المغرد حامد الخالدى وقبله بيوم حكم ببراءة خمسة مغردين من قضية «هاشتاق بطارية» تحت شعار الشعب يريد تكريم القضاء، وذلك من باب الإنصاف؟ لأن القضاء لمجرد حكمه بحبس مغرد استلزم الأمر إجراء مسيرة كرامة وطن الثامنة لتطهيره!والأمر الأهم الذي يتعين على المغردين العلم به جيدا بأن التعرض للذات الألهية أو الرسول وأهل بيته أو الأنبياء أو الصحابة أو ذات الأمير هي من المسائل التي وضع لها قانون الجزاء عقابا على الوقائع التي تجرى علانية، ومن بينها ما يقع على شبكة الانترنت ومنها ما يقع في تويتر، ولذلك لا يمكن التعذر بسلامة القصد الجنائي رغم صدور عبارات المساس، لأن مجرد المساس بها يعد من الأمور المجرمة قانونيا وأمر التقدير متروك للمحكمة لكنه ليس بمانع من إدانة المتهم، وبالتالي فالحديث عن ضرورة استثناء القضاء لأي نوع من تلك الجرائم أو حتى جميعها يكون عبر تعديلها من قبل مجلس الأمة.أخيرا أن النصوص التي تطبقها المحاكم الجزائية في حبس المغردين تعود إلى قوانين صادرة في الستينيات والسبعينيات، وبالتالي فإن دعاة الاعتراض من النواب السابقين على تلك الاحكام كان بمقدورهم إلغاء تلك القوانين أو تعديلها، وبالتالي لا يمكن اليوم مطالبة القضاة بأن يتجاهلوا تطبيق تلك النصوص ليشرعوا من جانب آخر باب القذف والسب للذات الأميرية والطعن على سلطات الأمير في حين أن الدستور أكد أن ذاته مصونة لا تمس!
مقالات
مرافعة : الشعب يريد تكريم القضاء!
10-03-2013