ذات مرة كان هناك سباق تجديف بين فريقين "كويتي" و"ياباني"، كل قارب يحمل على متنه تسعة أشخاص وفي نهاية السباق وجدوا أن الفريق الياباني انتصر بفارق كبير. وبتحليل النتيجة وجدوا أن الفريق الياباني يتكون من مدير للقارب و8 مجدفين اما الفريق الكويتي فيتكون من 8 مديرين ومجدف واحد.

Ad

بعدها حاول الفريق الكويتي تعديل التشكيل ليتكون من مدير واحد مثل الفريق الياباني وتمت إعادة السباق مرة أخرى وفي نهاية السباق، وجدوا أن الفريق الياباني انتصر بفارق كبير مرة ارخرى، وبتحليل النتيجة وجدوا أن الفريق الياباني يتكون من مدير للقارب و8 مجدفين والفريق الكويتي يتكون من مدير عام و3 مديري إدارات و4 مديري أقسام ومجدف واحد فقرر الفريق العربي محاسبة المخطئ فتم فصل المجدف!

حلول كثيرة

هذا ما قد يفسر الحالة التي تعيشها الكويت منذ ان تم الغاء مشروع "ك-داو" وصدور تحكيم دولي أوقع الكويت في عقوبة مالية تصل الى اكثر من 2.16 مليار دولار الذي كان مقررا ان يكون مناصفة بين الكويت وشركة داو كيميكال الاميركية بالاضافة الى الغرامة اليومية 250 الف دولار يوميا للمماطلة في الدفع حيث لم تكن هناك جدية لانهاء هذا الملف حتى جاء الامر من مجلس الوزراء الاسبوع الماضي بتكليف وزير النفط بتشكيل فريق يتفاوض بشكل مباشر مع "داو" علما ان "الجريدة" قد اشارت في تقرير نشر في 4 نوفمبر 2012 الى ان هناك حلولا كثيرة لدفع الشرط الجزائي لـ"داو" بشرط التفاوض المباشر وهو ما تم!

«داو» لن تتراجع

على اي حال، ما يعنينا الآن هو كيف سيتم دفع الغرامة المليارية مع الاخذ بعين الاعتبار ان "داو" بأمس الحاجة الى المال "الكاش"، وان لديها برنامج تقشف حيث قامت بتسريح كثير من العاملين لديها، لحاجتها الى المال اكثر من اي وقت مضى، حيث ان الشركة لا تتبع دولة بل هي مملوكة لمجموعة من المساهمين وهم يرغبون بادخال مبلغ الغرامة ضمن الميزانية كايرادات لتحسين ميزانيتها، ومن المؤكد ان "داو" لن تتراجع.

فالوفد المتجه الى "داو" سيتفاوض على اساس ان هناك مصالح مشتركة وايضا عالقة وتحديدا ما ذكره تقرير ديوان المحاسبة ان مؤسسة البترول الكويتية مستمرة في تحمل قيمة الغاز المسال المحقون لشركة "ايكويت" للبتروكيماويات و"داو" شريك فيها، لعدم تضمين بند تكلفة الغاز المحقون، حيث ان المؤسسة تتحمل النسبة العظمى من تكلفة الغاز المسال المحقون والمستهلك من قبل مصانع "ايكويت" وصغار مستهلكي الغاز بسبب عدم امكانية الزام الشريك الاجنبي لشركة صناعة الكيماويات البترولية بتحمل بعض من تكلفة الغاز المسال المحقون وذلك لعدم ادراج بند في هذا السياق ضمن اتفاقية التزويد المعمول بها حاليا بين المؤسسة و"ايكويت".

كما ان الهيئة العامة للاستثمار لديها اسهم ممتازة "ذهبية" في"داو" علاوة على المشاركة مع "ايكويت"، فقد ينتج عن الحوار الدخول في شراكات جديدة معها، وقد يستغرب البعض من هذا الامر ويرون ان "داو" اصبحت عدوة للكويت بعد مطالبتها بدفع الغرامة، او بيع بعض حصص "الكيماويات البترولية" المشاركة مع "داو"، او شراء اصول "داو" في الكويت وبيعها الى شريك آخر، اذاً محاربة "داو" لن تأتي بنفع للكويت.

«الكيماويات البترولية» تقترض

ويرجح البعض ان آلية الدفع المناسبة في ظل الاوضاع الاقتصادية هي ان تقترض "الكيماويات البترولية" وهذا الامر سيكون اقل كلفة على المال العام من الدفع بواسطة السيولة المالية لديها او لدى مؤسسة البترول الكويتية لان فوائد القروض الحالية تصل الى 1.5 في المئة، ولكن لو تم الدفع "كاش" فستكون الخسارة مضاعفة، حيث سيتم دفع 2.16 مليار دولار، وهو مبلغ الغرامة المستحق اضافة الى 6 في المئة، وهي نسبة فوائد استثمار هذه الاموال في حال لم يدفع. وقد يصل المبلغ في تلك الحالة الى 3 مليارات دولار، حيث ان افضل طريقة للدفع هو الاقتراض، وهو ما يقوم به اغلب المستثمرين حول العالم.

تهديد نموذج «إيكويت»

سؤال سيتداوله البعض بعد دفع الغرامة وخاصة من يرون انها فرصة للظهور الاعلامي ولعب دور حامي الاموال العامة حول دور الشريك العالمي في صناعة البتروكيماويات، وهل يمكن الاستغناء عنه لاحقا؟ فالاجابة ستكون ان علاقة الكويت بمختلف المستثمرين العالميين اتسمت بالايجابية والتنموية، فنموذج "ايكويت" من افضل الشراكات العالمية على مستوى العالم لا في الكويت والخليج فحسب، وذلك بفضل القيادات الكويتية في هذا القطاع الذين يمتلكون الرؤى والقدرات لتأسيس شراكات عالمية مع مختلف الجهات والمحافظة عليها بما يعود بالنفع على الكويت وشعبها وعلاقاتها الخارجية في المجالات ذات العلاقة. ولا بد من حسن فهم طبيعة العلاقة مع هذا المستثمر العالمي الذي يريد المحافظة على مصالحه وتحقيق اهدافه دون الاضرار بالغير وهذه امور طبيعية ولا غبار عليها خصوصا وان الكويت كشريك تريد تحقيق نفس الامور، حيث ان الشريك العالمي يضع كامل خبراته وموارده المالية في الشراكة مع الحصول على المقابل المناسب.

مبدأ الشراكة

واما عن الاستغناء عن مثل هذا الشريك، فان مبدأ الشراكة بين مختلف الجهات يساهم كثيرا في تسهيل كثير من الامور مثل تأسيس مشاريع في دول تشترط مساهمة شريك محلي مع الشريك العالمي، كما ان بعض الشركاء يمتلك التكنولوجيا وغيرهم يمتلك المواد اللقيم والبعض الآخر يمتلك القدرات التنظيمية وهناك من يمتلك البنية التحتية مما يعني ان استغناء الشركات عن بعضها بعضا امر صعب التحقيق وفي ظل التنافسية العالمية تكون هذه الشركات أساسية لاستمرار خوض غمار هذا التنافس العالمي.

خلاصة القول ان "ايكويت"  لديها شريك أجنبي قوي في هذا الجانب ممثلا بشركة داو للكيماويات، ويمثل اليد اليمنى للشركة، فهل سيتم قطع هذه اليد بعد دفع الغرامة؟