الجامعة الأميركية في الكويت
في أكثر من ندوة بحثية متخصصة وعامة عُقدت بمشاركة أكثر من مؤسسة وهيئة رسمية وأهلية، أجمع الباحثون على أن التواصل بين الكتّاب المبدعين وفئة الشباب وطلبة الجامعات والمرحلة الثانوية في المدارس، ربما يأتي على رأس أولويات العمل الثقافي. بالنظر إلى أهمية تأكيد قيمة القراءة، والعلاقة بين الطالب والكاتب، وأخيراً كون هؤلاء الشباب هم أمهات ورجال الغد، وأن التواصل معهم يعني بين أمور أخرى التواصل مع وجه من وجوه المستقبل.يوم الثلاثاء الموافق 23 أبريل الماضي، وبتنسيق وتعاون مع الدكتور ريموند فارين، رئيس قسم اللغة العربية واللغات الأجنبية في الجامعة الأميركية في الكويت. وكذلك الدكتورة ختام الخولي، حضرت لأستمع لرأي الطالبة لولوة الكندري حول روايتي "الثوب"، تناولت من خلاله تحليل عوالم الرواية من حيث الحدث والمكان والزمان والشخوص ووجودي الشخصي باسمي الصريح وبعض أفراد أسرتي كشخصيات في الرواية. بعدها أتيحت لي فرصة الحوار مع طلبة الفصل، وبيان تجربتي في كتابة رواية "الثوب" خاصة، والرواية بشكل عام، وانني استند إلى الواقع الاجتماعي الكويتي في استلهام عوالم كتاباتي، وأشعر وكأن الرواية هي تأريخ للمكان والزمان والحدث بشكل حكائي، بعيداً عن المباشرة، وبما يزيح الستار عن الكثير من الخصائص والأسرار الخاصة بالمجتمع الكويتي.
كما تطرقت في حواري مع الطلبة إلى الفرق بين كتابة القصة القصيرة والرواية، وتوزعي بين كتابة الرواية كعمل يومي، أقرب إلى الصيغة البحثية، أعكف عليه منذ عام 1996، وعشقي وتعلقي بالقصة القصيرة كفن صعب يصاحبه جهد خلاق أثناء الكتابة، ومتعة نزقة أثناء القراءة. تكرر لقائي بطلبة الجامعة الأميركية في الكويت، يوم الثلاثاء الموافق 21 من الشهر الجاري، مع فصل آخر من فصول اللغة العربية، حول موضوع "الكتابة الإبداعية"، مع الدكتور ريموند فارين، حيث جرى الحوار حول كتابي "المسرح في الكويت، رؤية تاريخية"، وكذلك عن بعض قصص مجموعتي القصصية "سرقات صغيرة"، وقصص مجموعتي الأخيرة "الكرسي". وكما في المرة الأولى، وبعد تقديم الدكتور لي، بدأت حديثي مع الطلبة، عبر أسئلتهم، ومن بينها سؤال عن الدافع الذي حملني للكتابة والأدب وأنا المهندس المدني. وأبسم في وجه السائل أجبت: القراءة. فالقراءة وحدها سحرتني في عوالمها، وطارت بي لسموات وبلدان وبشر ما كان لي أن أعرفها لولاها. كما أن سؤالاً آخر جاء حول السبب الذي يدفعني للكتابة عن قضايا اجتماعية بعينها، هل لأنها تحدث لي شخصياً أو لأنني أريد تسليط الضوء عليها. وكانت إجابتي بأنني، ومن واقع قناعة شخصية بحتة، أرى أن مهمة الأدب هي تسليط الضوء على البؤر المظلمة، بغية فضحها وتعرية عوالمها الفاسدة، وأن هذا يأتي ليس من باب التشهير وليس من باب حب الفضائحية، لكن من باب الإشارة إلى المظاهر الخاطئة بغية التنبيه إليها وإدانتها وبيان بشاعتها، فالأدب في مهمته المقدسة هو التبشير بالحرية والمساواة والعدالة والمحبة والسلام، وما فضح وإدانة الظواهر الفاسدة إلا نبذ لها، ودفع مشروع للبحث عن المخرج منها.أسئلة كثيرة أثارها شباب الجامعة الأميركية في الكويت، حول الكتابة والشهرة والمرأة والقراءة وخصوصية حياة الكاتب الأسرية، وعن سوق الكتاب في الكويت، وعن الأسماء المهمة في عالم كتابة القصة والرواية. ولقد كنت فرحاً بكل أسئلتهم لأنها كانت جسر وصل ليس بيني وبينهم، لكن بين الساحة الثقافية في الكويت وبينهم.إن حرص الجامعات الخاصة في الكويت على التواصل مع المبدعين والأدباء والفنانين، ووصلهم بطلاب الجامعة، ليصب في خانة إعلاء شأن الثقافة والمثقف، وما أجلّه من هدف نبيل!