يبدو ان الحكومة بعد ان نجحت في نزع مخالب المجلس بتأجيل الاستجوابات الى دور الانعقاد التالي، تريد ترحيل الاسئلة الى مدة غير معلومة لتنزع سلطة الرقابة نهائيا عن المجلس.

Ad

تدخل الحكومة ومجلس الأمة في صراع جديد عنوانه "الأسئلة البرلمانية"، في ظل استمرار شكوى النواب من تجاهل الوزراء الرد على أسئلتهم النيابية.

وتضيف اجواء التوتر في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وقودا اضافيا، لتحول بند الأسئلة عنواناً للمعركة القادمة بين المجلس والحكومة.

فلم يعد البند الثالث في جدول اعمال جلسات مجلس الأمة، بعد التصديق على المضابط وكشف الأوراق والرسائل الواردة، مخصصاً للرد على اسئلة النواب، بل تحول هذا البند، المفترض ان تناقش فيه اجوبة الوزراء عن الأسئلة الموجهة اليهم، الى محطة شكوى للنواب وتذمرهم من عدم رد الوزراء، وتأخرهم في الاجابة، عن المهلة المحددة في اللائحة الداخلية.

ويتكرر مع كل جلسة من جلسات مجلس الأمة هذا المشهد المعاد ازاء عدم الرد على اسئلة النواب من دون اتخاذ اي اجراء عملي حيال التعامل مع تجاهل الحكومة الرد على الأسئلة البرلمانية.

وأعطت المادة (99) من الدستور الحق للنواب في توجيه الأسئلة إلى أعضاء الحكومة، اذ نصت على أن 'لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء أسئلة لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصهم، وللسائل وحده حق التعقيب مرة واحدة على الإجابة".

ومنحت اللائحة الداخلية للمجلس الوزير الحق في أن يطلب تأجيل الإجابة عن السؤال البرلماني إلى موعد لا يزيد على أسبوعين، اما التأجيل أكثر من هذه المدة فيكون بقرار من المجلس.

ويبدو ان اهتمام النواب بموضوع الأسئلة جزء من محاولات اثبات الوجود التي يحاول المجلس ان يصنع من خلالها مكانته كسلطة قائمة في مواجهة سيطرة الحكومة على القرار في قاعة عبدالله السالم، فبعد ان تخلى المجلس عن اداة الاستجواب، بتأجيل مناقشة اربعة استجوابات قدمت خلال الشهرين الفائتين الى دور الانعقاد المقبل، يواجه مأزق فقدان سلطة الاسئلة ليتحول الى مجلس بلا رقابة، "لا استجوابات ولا أسئلة".

وكشفت السجالات التي دارت بين عدد من الوزراء والنواب في الجلسة الفائتة، عن توجهات الحكومة بشأن التعامل مع الأسئلة البرلمانية ورغبتها في عدم الالتزام بالمهلة المحددة للرد على الاسئلة استنادا الى تفسير من المحكمة الدستورية حول السؤال البرلماني.

وتذرعت الحكومة في طلبها احالة موضوع الاسئلة الى اللجنة التشريعية بوجود لغط حول المهلة المخصصة للرد على الاسئلة، لذلك تطلب حسم هذا الأمر بصورة واضحة حتى لا تثار مسألة تأخر ردود الأسئلة.

غير ان هذا الأمر قوبل برفض عدد من النواب الذين اعتبروا توجه الحكومة بمنزلة استفزاز للمجلس، وأنه في حال تم العبث بموضوع الأسئلة فسيتم تحويل كل سؤال الى استجواب برلماني.

نزع الرقابة

ويبدو ان الحكومة بعد ان نجحت في نزع مخالب المجلس بتأجيل الاستجوابات الى دور الانعقاد الثاني، تريد ترحيل الاسئلة الى مدة غير معلومة لتنزع سلطة الرقابة نهائيا عن المجلس.

وسيعاد في جلسة مجلس الأمة الثلاثاء المقبل فتح موضوع "عدم التزام الوزراء بالرد على أسئلة النواب"، لكن ليس من باب بند الاسئلة كما جرت عليه العادة في الجلسات الفائتة، بل من خلال طلب تقدم به النواب عصام الدبوس وعسكر العنزي وناصر الشمري وعبدالله التميمي وكامل العوضي.

وبرر النواب تقديمهم طلب المناقشة بأنه يأتي "لما كان للأسئلة التي يوجهها اعضاء مجلس الأمة، بصفتهم ممثلين عن الشعب بأسره، من دور مهم وحيوي في استبيان الحقائق والوقائع التي تدور حول موضوعات تلك الاسئلة، وكان ذلك من الواجبات الأساسية المنوطة بالنواب تحقيقا لرغبات وتطلعات الشعب الذي كلفهم بهذه المهمة، وحيث إن الوزراء لا يعيرون تلك الاسئلة الاهمية التي من أجلها تم تشريع حق المساءلة للنائب".

وتابع النواب: "واستنادا إلى نص المادة (122) من الدستور والمادة (147) من القانون رقم (12) لسنة 1962 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة والقوانين المعدلة له"، تقدموا بطلب طرح موضوع "عدم التزام الوزراء بالمدة القانونية للرد على اسئلة النواب وتقديمهم لردود غير كاملة ولتجاهلهم الرد عليها في احيان اخرى" للمناقشة العامة بجلسة عادية او خاصة.

وأرجع النواب ذلك "لاستيضاح سياسة الحكومة المتبعة في شأن تعاونها مع مجلس الأمة ولبيان استجابتها الدستورية والقانونية الفعالة للمهام المنوطة بالنواب ولبيان مقدرة وزرائها على تطبيق نص المادة (99) من الدستور والمادة (124) من القانون رقم (12) لسنة 1963 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس الامة والقوانين المعدلة له، مع ضرورة اشراك ممثلي قطاع الشؤون البرلمانية واللجان، للرد على الملاحظات الموجهة اليها حول تأخرها في انجاز مراجعتها على اسئلة النواب تمهيدا لاحالتها إلى الوزراء".

غير ان مناقشة "طلب عدم التزام الوزراء بالمدة القانونية للرد على اسئلة النواب"، سيكون سلاحاً ذا حدين، ربما ينقلب ضد المجلس، اذا نجحت الحكومة كما هي العادة في دفع المجلس الى اقرار احالة الموضوع الى اللجنة التشريعية لحسم اللغط الدائر حول مهلة الاسبوعين المخصصة للرد على الاسئلة البرلمانية، وهو الهدف الذي تسعى اليه الحكومة للخروج برأي من "التشريعية" يخدم توجهها في التعامل مع الاسئلة البرلمانية، فهل يتكاتف النواب ضد الحكومة للحافظ على حق السؤال البرلماني ام تستمر الحكومة في اسقاط ادوات المجلس الرقابية.