البعض متفائل بأن هذا المجلس سيكمل مدته القانونية، ويعيد للمجالس التشريعية دورها المفقود والغائب منذ تولي سمو الشيخ ناصر المحمد رئاسة الوزراء.

Ad

رغم تفاؤلهم وأملهم المعقود فإنني أخالفهم الرأي لأسباب أشرحها في هذا المقال، وقد أكون مخطئاً لكن تلك هي رؤيتي.

الشعار الذي واكب انتخابات الصوت الواحد هو الملل من التأزيم، والانطلاق نحو التنمية، وهو الحلم الذي حاول المرشحون والحكومة تقريبه للمواطنين لتسويق الصوت الواحد، فأثمر هذا المجلس ذا النسبة الأقل في تاريخ المجالس النيابية الكويتية.

ورغم الاختلاف الكلي لمجلس ٢٠١٢ مكرر عن سابقه، فإن الحكومة عادت بنفس التشكيل تقريباً، وأقصد هنا العقلية لا الأسماء، فالحكومة بغض النظر عن تشكيل المجلس تصر على تشكيل المحاصصة دائماً (عوائل- قبائل- طوائف ومن الجنسين)، وهو أمر لم يجدِ نفعاً عن ذي قبل ولن ينفع اليوم، فحتى عندما عملت الحكومة دون مجلس لأكثر من عشر سنوات في فترة حل مجلس ٧٥ ومجلس ٨٥، فإنها لم تحقق أي نجاح يذكر لأنها لم تعتمد على الكفاءة والقضاء على الفساد، بل على الترضيات والاستثناءات وبعض الحمقى أحياناً.

الآن لنفترض أن هذا المجلس يرغب فعلاً في التنمية بنية صادقة وعمل دؤوب، وأنا هنا أفترض مع كثير من الشك، بناء على هذه الفرضية فإن المجلس سيسعى لإقرار أمور تضمن هذه التنمية، مثل تحرير المزيد من أراضي الدولة لحل المشكلة الإسكانية غير المبررة، أو تيسير الأمور بشكل أكبر على القطاع الخاص كخطوة نحو المركز المالي المزعوم، أو المدن الجامعية في مختلف المحافظات، أو تحسين القطاع الصحي والطرق وغيرها من مشاريع.

فإن أُقر كل ما سبق أو جزء منه على الأقل، فإنه بذلك وضع الكرة في ملعب الحكومة لإنجاز تلك الأمور، وبالتأكيد فإن حكومة ترضية مكونات المجتمع والمحاصصة لن تتمكن من ذلك، ولنا في عجزها عن تنفيذ المشاريع أمثلة كثيرة كاستاد جابر والدائري الأول ومدينة الحرير والمنطقة الحرة وميناء مبارك ومحطة مشرف والخطوط الكويتية وجامعة الشدادية وإنقاذ البورصة، وأمثلة عجز أخرى لا تحصى.

وإن عجزت وستعجز طبعا كما عهدناها، فذلك سيجبر المجلس على خيارات محدودة، إما التصادم مع الحكومة لعدم إنجازها، وهو ما ستسميه الحكومة تأزيماً، وإما أن يختار مجلس الأمة مهادنة الحكومة في عجزها عن الإنجاز، وهو ما سيجعل المجلس في صدام مع الناخب الذي لا يجد ما سمعه منهم عن التنمية وبقية الأحلام.

وإن كان الصدام هو خيار المجلس، فذلك سيعجل بإعادة صياغة تشكيل الحكومات بشكل مغاير عن الخمسين سنة الماضية، وهو أمر لا تريد السلطة تغييره بإرادتها رغم كل المتغيرات في تفكير وسلوك الناخبين، أما إن كان اختيار المجلس الحالي هو مهادنة العجز الحكومي فذلك سيجبر الناخب مستقبلا على إعادة اختيار نواب من نوعية مجلس فبراير، على اعتبار أن مجلس ديسمبر شريك في عدم تحقق التنمية من الحكومة، وتترسخ فكرة أن منهج الحكومات هذا يجب أن يحارب.

هناك خيار أخير للحكومة والمجلس الحاليين للاستمرار، وهو توزيع أموال بشكل فردي كإسقاط القروض والزيادات وبقية الحماقات الأخرى، فإن أقدموا على هذا الأمر فهذا باب لن يوصد أبداً إلى أن تفلس الدولة، وهي نتيجة حتمية للتغيير أيضاً.

لكل تلك الأسباب أقول إن المجلس سيُحل، ولن يستمر كي تحافظ الحكومة على تشكيلاتها العقيمة قدر المستطاع، وألا تنكشف أمام من تبقى من مصدقيها من الشعب.

ملاحظة:

لم أتطرق في هذا المقال إلى عوامل أخرى كانتظار حكم الدستورية بدستورية مرسوم الصوت الواحد، أو حتى الحراك المعارض لهذا المجلس، بل تعاملت مع هذا المجلس دون أي ظروف تؤثر عليه خارج إطاره.