هل يقتلك هذا الشعور بأنك مظلوم؟ هل راودك هذا السؤال: لماذا أنا؟ هل خنقك تتالي الأحداث غير المنصفة؟ وهل توسدت الأحزان وأخذت تدعو "حسبي الله ونعم الوكيل فيهم"؟ نعم... كلنا نعرف هذا الشعور لأننا على الغالب ظلمنا بطريقة أو بأخرى، لكن راجع نفسك، وتذكر هل ظلمت اليوم شخصا؟

Ad

نعم نحن نظلم كما نظلم تماما، ولكن بدرجات مختلفة، أحيانا الشعور بأنك الضحية دوما يجعلك تظلم دون أن تشعر، فلا يكفي أن تكون مظلوماً فحسب، بل يجب أن تصفي النوايا وتقف عند أخطائك وتحاسب نفسك، حتى يرفع الله الظلم عنك.

البشر نوعان: نوع يظلم فيظلم، ونوع يظلم فينصف، تأكد أنك إن كنت من النوع الأول، فلن تهدأ نارك ولن تنطفئ حسرتك، ولن تنال حقك مهما فعلت طالما أنك ظلمت ضعيفاً، وفرغت به طاقتك السلبية.

لن تصل للعدالة لأنك لم تصف النوايا، ولم تعامل غيرك بإنصاف، أحيانا هناك حكمة من الله حين تظلم، فقد يكون تكفيراً لذنوب قمت بها، وقد يكون صفعة لتراجع ماذا فعلت بحق غيرك، وقد يكون ابتلاء ستؤجر عليه لا محالة.

ولكن من اختار أن يكون مظلوماً فينصف، فهذا الإنسان سويٌّ، قرر ألا يتسلل الحقد إليه وينفّسه عنه من خلال الآخر، وتمسك بمبادئ الإسلام حين أنصف، والأهم من ذلك لم يرهق نفسه بعذاب تأنيب الضمير.

كيف نظلم، كثيرة هي طرق الظلم، سوء النية ظلم، افتراض الشر من الآخر ظلم، الصراخ على الخدم ومعاملتهم وكأنهم جماد وليسوا بشراً ظلم، التفرقة بين الأبناء ظلم، تفضيل موظف على آخر بسبب معرفة شخصية ودون كفاءة ظلم، عدم احترام حرية الآخر ظلم، التحكم بقرارات الآخرين ظلم، إجبار الشخص على الزواج والطلاق ظلم، تدليل أحد أبنائك والبخل على الآخرين ظلم.

صور الظلم كثيرة حتى العبوس في وجه شخص مبتسم ظلم، كلنا نظلم دون أن نقصد، لنفكر قليلا قد يكون هذا الآخر الذي نفّسنا فيه غضبنا مظلوماً ومسحوقاً من الداخل، لنرحم قليلاً، لنعمل لدنيانا وآخرتنا وكأننا راحلون، لنترك هذه الدنيا وهم يدعون لنا لا علينا.

الوقت ليس متأخراً في مراجعة الضمير والأخطاء، ولنبدأ بالرحمة على الضعيف، لأننا في يوم قد نكون مكانه، وكم هو ضعيف الإنسان أمام إرادة الله، أنت يا من تظلم متناسياً أن رحمة الله أوسع من قدرتك، لك يوم ستظلم لدرجة تشلّ قدرتك.

قفلة:

من الحماقة أن تحكم على شخص قابلته مرة في حياتك، فهناك أصدقاء وأقارب تطلّب الأمر سنوات لنكتشف مدى قبحهم من الداخل.