زيادة النمط الاستهلاكي وارتفاع التضخم وتراجع تصنيفات البنوك أبرز آثاره
أكد عدد من المصرفيين أن فتح ملف إسقاط فوائد القروض قد يعرض الكويت لكوارث اجتماعية واقتصادية، ويهدد استقرار القطاع المصرفي، ويزيد الضغوطات والتحديات على الاقتصاد بصفة عامة.عاد مجلس الامة مرة أخرى للحديث عن شطب فوائد الديون الاستهلاكية والاسكانية للمواطنين، مستخدما هذه القضية "الفنية" بشكل "سياسي"، وتحويلها إلى قضية شعبوية، بحثا عن مزيد من التأييد الشعبي، ورغم أن المواطن يجب أن يتحمل مسؤولية قراره بالاقتراض، وان يقوم بخدمة دينه، فإن بعض النواب يلقون باللائمة على البنك المركزي والبنوك، متعللين بوجود مخالفات جسيمة وقعوا فيها خلال السنوات الماضية، جعلت المواطنين يتحملون أعباء أكثر وفوائد مرتفعة غير صحيحة.وأكد محافظ البنك المركزي محمد الهاشل، في اكثر من مناسبة، أن المخالفات التي حدثت في السابق تم إلزام من قام بها بالمعالجة وفق القانون، وتشديد العقوبات على المخالفين لتصل إلى عزل الموظف المسؤول ووقف النشاط. وشدد الهاشل على أنه منذ عام 2008 وما بعده اتخذ "المركزي" اجراءات مشددة بزيادة رقابته وجزاءاته على البنوك، لكن النواب لم يقتنعوا بهذا الرد وواصلوا محاولتهم لتمرير شراء الدولة فوائد القروض.واكدوا ان أكثر من 80 في المئة من المواطنين سيستفيدون من هذا القرار، وهو ما نفاه "المركزي" ايضا بعرضه أعداد المواطنين المقترضين المسجلين لدى البنوك، وهم نحو 341.2 الفا، بنسبة 45.3 في المئة من اجمالي المواطنين الذي يحق لهم الاقتراض.وبين "المركزي" أن 1.8 في المئة فقط من المقترضين من البنوك المحلية متخذ بشأنهم إجراءات قضائية، وهي نسبة متدنية جداً، ما يدل على انتظام محفظة القروض لدى البنوك وجودتها، مشددا على ان اسقاط القروض ينطوي على ضرر كبير على المجتمع كله والقطاع المصرفي، وليس فيه عدالة، ويحمل اخلالا واضحا بمبدأ العدالة، وهو ما جعل موقفه ثابتا ومحددا من حيث عدم الموافقة على أي معالجات غير سليمة، وتضر بالمجتمع اكثر من افادته. ووافق رأي "المركزي" العديد من المصرفيين في تصريحات متفرقة لـ «الجريدة» إذ أكدوا أن تكرار فتح هذا الملف قد يعرض الكويت لكارثة اجتماعية، تتمثل في زيادة الأمراض المجتمعية، مثل الحسد والتباهي بين المواطنين، وكارثة اقتصادية بسبب عدم التزام المقترضين بسداد التزاماتهم، ويهدد استقرار القطاع المصرفي، ويؤثر عليه سلبا، ويزيد الضغوطات والتحديات على الاقتصاد كله، محددين عددا من السلبيات ستتأثر بها البنوك بشكل واضح، اهمها:مبدأ العدالةيرى المصرفيون أن انتهاج الحكومة سياسة تدليل المواطنين منذ فترة، من زيادة المنح واسقاط ديونهم عن الخدمات المقدمة مثل التلفونات والكهرباء، يؤدي إلى افسادهم، وعدم تحملهم قراراتهم، ويزيد ترسيخ مبدأ عدم الالتزام بين المواطنين، خاصة ان المواطن غير الملتزم هو الذي يكافأ، أما الملتزم فقد تفوته فرصة اسقاط قروضه والتزاماته.وعن معالجة مشكلة المتعثرين أكدوا أن صندوق المتعثرين قام بدور هام في ذلك، حيث دخل فيه قرابة 26 الف مواطن ممن كانوا يحتاجون الى بعض الدعم في هذا الشأن، وتحصلوا على قروض من غير فائدة وميسرة على فترات طويلة جدا من الدولة، تصل الى نحو 420 مليون دينار اعطيت لمستحقيها، مشيرين إلى أن الصندوق قد يحتاج إلى بعض التعديلات ليزيد المستفيدين منه، وهو أمر مطروح وقابل للمناقشة.ارتفاع التضخموأكد اقتصاديون أن اسقاط القروض سيزيد السلوك الاستهلاكي للمواطنين، ويدفعهم للاقتراض بالحد الاقصى، واستخدام هذه الاموال في شراء سلع استهلاكية أو خدمات لن تعود بإيرادات عليه، خاصة مع انغلاق أغلب قنوات الاستثمار وانخفاض اسعار الفائدة على الودائع، ما يساهم في تعزيز استهلاكية المجتمع الكويتي، ويزيد أسعار السلع لزيادة الطلب عليها وارتفاع السيولة في الاسواق، ما سيؤدي إلى ارتفاع التضخم إلى مؤشرات عالية جدا.انتظام المقترضينلعل اهم الآثار السلبية المترتبة على ملف اسقاط القروض قيام أغلب المواطنين باستخدام الحد الاقصى لقدرتهم على الاقتراض دون وجود نية حقيقية لخدمة ديونهم، في انتظار اسقاطها مرة اخرى.اهتزاز الثقة بالقطاعتوقع مصرفيون أن يؤدي اسقاط القروض إلى اهتزاز ثقة المتعاملين مع القطاع المصرفي، سواء محليا أو اقليميا أو عالميا، بسبب عدم استقراره امام المطالب السياسية، اضافة لاهتزاز الثقة باستقلالية البنك المركزي، وعدم قدرته على اتخاذ قرارات مهنية وفنية صحيحة، مقابل تدخلات حكومية ونيابية تسعى لمكاسب سياسية.هروب المستثمرينذكرت مصادر مصرفية أن مساهمي البنوك والمستثمرين فيها، الذين يتجاوز عددهم أكثر من 15 ألف مساهم، قد يراجعون استثماراتهم في القطاع، نظرا لتخوفهم من حدوث ردة فعل سلبية لمثل هذه القرارات السياسية على اسعار اسهمهم وعلى استثماراتهم في البنوك، مؤكدة أن عدم استقرار القطاع ينبئ بسحب عدد من المساهمين اموالهم منه، ووضعها في قطاعات اخرى اكثر امانا.تأثر التمويلاتأشار مصرفيون إلى أن تمويلات البنوك للقطاع السكني ساهمت في سد العجز الذي واجهته الحكومة في تحقيق الرعاية السكنية للمواطنين، حيث تتجاوز هذه التمويلات نحو 6 مليارات دينار، وإذا تم اسقاط فوائد القروض فسيؤدي ذلك إلى تشدد البنوك في منح القروض السكنية، خوفا من تعثرها لعدم سداد من يحصل عليها انتظارا لاسقاطها، لاسيما ان هذه القروض ليست قروضا استهلاكية، لكنها قد تصل إلى 70 ألف دينار.
اقتصاد
مصرفيون: إسقاط فوائد القروض يدخلنا في أزمة اقتصادية
21-01-2013