الجريدة • تنشر الطعون على انتخابات الصوت الواحد  4

Ad

تواصل «الجريدة» نشر عدد من الطعون الانتخابية التي أقيمت على انتخابات مجلس الأمة التي أجريت في الأول من ديسمبر الماضي، والتي بلغ عددها ٥٦ طعناً انتخابياً، من بينها ٢٣ طعناً قُدِّمت على المرسوم بقانون الخاص بتعديل قانون الدوائر الانتخابية، والذي انتهى إلى تخفيض عدد الأصوات لكل ناخب إلى صوت واحد بدلاً من أربعة أصوات.

وتستند الطعون الانتخابية المقامة على مرسوم الصوت الواحد إلى مخالفته لنص المادة ٧١ من الدستور، وفي الحلقة الرابعة اليوم تنشر «الجريدة» الطعن الانتخابي المقام من ناخب في الدائرة الثالثة عبر المحامي مشاري العصيمي، وفي ما يلي نصه:

تقدم المواطن خالد الثليث بطعن انتخابي عبر المحامي مشاري العصيمي على انتخابات مجلس الامة التي اجريت في الاول من ديسمبر الماضي بسبب مخالفة المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل المادة الثانية من قانون الدوائر الانتخابية بتخفيض عدد اصوات الناخبين الى صوت واحد بدلا من اربعة اصوات.

وأوضحت صحيفة الطعن المقامة الى المحكمة الدستورية ان المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 مخالف لنص المادة 71 من الدستور لافتة الى ان الدستور وضع قيدين نصيا وظرفيا لاستخدام مراسيم الضرورة الواردة بنص المادة 71 من الدستور.

ولفتت صحيفة الطعن الى ان الفقه والقضاء استقرا على تعريف حالة الضرورة بان يكون هناك خطر داهم او جسيم لا يمكن تحمل انتظار نتائجه وانما لابد من اتخاذ اجراءات عاجلة وسريعة لتداركه والا ادى الامر الى مخاطر لا تحمد عقباها وفي ما يلي نص الطعن:

أوضحت صحيفة الطعن ان من بين القيود التي فرضها الدستور لاستصدار مراسيم الضرورة قيدا زمنيا واخر ظرفيا وان الزمني حسب الواضح من النص الدستوري انه لا يجوز للسلطة التنفيذية ان تستعمل الرخصة التي تقررها المادة 71 من الدستور الا في حالة غياب مجلس الامة باعتبار ان مجلس الامة هو صاحب الاختصاص الاصيل في التشريع فلا يباشره غيره كلما كان منعقدا فيما القيد الظرفي هو ان هذا المرسوم مرتبط بظروف الاصدار ومن الواضح ان عبارة النص الدستوري ايضا انه عرف الضرورة التي تتيح للسلطة التنفيذية ممارسة سلطة التشريع بان يقع حدث في فترة غياب مجلس الامة يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير فاذا لم يتحقق في هذا الظرف الوصف الذي حدده المشرع فانه لا يجوز استعمال تلك الرخصة.

تدابير مستعجلة

واكدت صحيفة الطعن ان الخبير الدستوري د. عثمان عبدالملك اكد في مؤلفه النظام الدستوري في الكويت انه يجب ان تكون هناك ضرورة ملحة تقتضي اتخاذ التدابير المستعجلة ولذلك سميت هذه المراسيم بقوانين «لوائح الضرورة» فاذا لم يتميز الظرف الاستثنائي بهذا الوصف لا يتحقق هذا الشرط ومن ثم لا يجوز استعمال هذه الامكانية فوجود حالة الضرورة شرط اساسي في مشروعية هذه المراسيم بحكم الدستور وهنا يثور التساؤل عن السلطة التي تملك تقدير توافر حالة الضرورة، فقد ذهب بعض الفقه الى ان تقدير حالة الضرورة امر متروك للسلطة التنفيذية تحت اشراف مجلس الامة ورقابته وشايعته في ذلك بعض احكام القضاء بينما ذهب رأي اخر الى ضرورة اخضاع تقدير حالة الضرورة لرقابة المحكمة الدستورية.

ومن هذا الرأي الأخير الدكتور عثمان عبدالملك الصالح الذي يرى وجوب اخضاع تقدير حالة الضرورة لرقابة المحكمة الدستورية وحجته في ذلك انه اذا كان المشرع الدستوري يتطلب توافر حالة الضرورة لاعمال الرخصة الاستثنائية في اصدار مراسيم لها قوة القانون فان رقابة المحكمة الدستورية تمتد الى هذا الشرط للتحقق من قيامه باعتباره من الضوابط المقررة في الدستور لممارسة هذه الرخصة.

وأوضحت صحيفة الطعن ان الدكتور يحيى الجمل ذهب في كتابه «النظام الدستوري في الكويت» الى رأي يتفق مع رأي د. عثمان عبدالملك اذ قال ولكن من الذي يقرر وجود الضرورة من عدمها، من الذي يقرر ما اذا كان التدبير المقصود لا يحتمل التأخير؟ لا شك ان السلطة التنفيذية التي ناط بها الدستور اصدار هذا المراسيم بقوانين هي التي تقدر هذه الضرورة، ومن المتصور ان يساء استعمال هذه السلطة وان تصدر مراسيم بقوانين كان يمكن الانتظار بشأنها ومجلس الامة هو الذي يراقب ذلك عندما يعرض الامر عليه فيما بعد، كذلك فان ما يفترض من احترام لنصوص الدستور عند سائر السلطات العامة يدعو الى عدم استعمال هذه المكنة الا اذا وجدت مقتضياتها.

وبينت صحيفة الطعن ان استاذ القانون الدستوري د. عادل الطبطبائي اورد في مؤلفه «النظام الدستوري في الكويت» ان الفقهاء اختلفوا فيما بينهم حول ماهية القوانين التي تستطيع مراسيم الضرورة ان تتعرض لها بالالغاء او التعديل فقد جاء في هذا المؤلف ما يأتي:

ذهب رأي الى ان لوائح الضرورة ولو انها لها قوة القانون الا انها لا تستطيع ان تتناول تعديل قوانين الانتخاب، ذلك لان وجوب دعوة البرلمان الى اجتماع غير عادي على وجه الاستعجال لعرض لوائح الضرورة عليه يفترض ان يكون ذلك بناء على قانون الانتخاب المعمول به وقت اجتماع البرلمان، وذهب رأي اخر الى القول ان هذا الرأي لا يمكن الاخذ به على اطلاقه، وانما يمكن الدفاع عنه على الاقل في حالة اصدار لوائح الضرورة اثناء قيام مجلس الامة لان المادة (135) من الدستور المصري الصادر عام 1956 التي تقابل المادة (71) من الدستور - تحتم ان يدعى المجلس الى الانعقاد خلال خمسة عشر يوما ولا يمكن خلالها اجراء انتخابات جديدة، كما انه لا يمكن تعطيل حكم الدعوة خلال الخمسة عشر يوما ما دام المجلس قائما.

ولكن اذا كان المجلس منحلا فلا مانع من تعديل قانون الانتخاب بمقتضى مرسوم بقانون، على ان يترك تقدير قيام الضرورة التي اوجبت هذا التعديل للمجلس الجديد عند انعقاده.

ونعتقد (والكلام للدكتور الطبطبائي) ان الرأي الاول اولى بالاتباع فالمرسوم بقانون لا يستطيع ان يعدل قانون الانتخاب سواء كان مجلس الامة منحلا ام غير منحل.

فاذا كان مجلس الامة غير منحل فان الدعوة لاجراء انتخابات جديدة امر لا يمكن قوله دستوريا والمجلس لا يزال قائما، كما انه يجب دعوة المجلس الى الانعقاد خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور المرسوم بقانون، ولا يمكن تعطيل حكم الدعوة خلال هذه الفترة.

اما اذا كان مجلس الامة قد صدر مرسوم بحله فان تعديل قانون الانتخاب يتعارض مع المبادئ الدستورية التي تحكم عملية الحل، ذلك لان حل المجلس التشريعي قد يكون نتيجة خلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى السلطة التنفيذية ان تعود الى الشعب لتحتكم اليه. فلو عاد الشعب واختار اعضاء المجلس المنحل او اعضاء يمثلون الاتجاه ذاته فهذا دليل على ان الشعب يؤيد سلطته التشريعية في الخلاف الدائر بينها وبين الحكومة اما لو اختار الشعب اعضاء جددا في مفاهيمهم وافكارهم فانه بذلك يقف موقف المؤيد للسلطة التنفيذية فيما اتخذه من قرار بحل المجلس التشريعي. ولا شك ان حكم الشعب في الخلاف الدائر بين السلطتين يتعارض مع الاعتراف بحق السلطة التنفيذية في تعديل قانون الانتخاب عند حلها للبرلمان فاذا كانت السلطة التنفيذية قد حلت المجلس ثم شرعت بتعديل قانون الانتخاب فكانها بذلك ترسم الطريق الذي يمكنها من ضمان وصول اعضاء جدد يؤيدونها في موقفها من المجلس المنحل وبذلك تهدر فكرة  تحكيم الشعب في الخلاف الدائر بين السلطتين.

ومن جانب اخر نجد ان الدستور قد اوجب في المادة (71) منه عرض المراسيم بقوانين الصادرة خلال فترة الحل على مجلس الامة في اول اجتماع له لكي يوافق عليها او يرفضها ولا شك ان اعضاء المجلس الجدد الذين وصلوا الى مقاعد البرلمان عن طريق قانون الانتخاب المعدل سيوافقون عليه لضمان استمرارية عضويتهم في المجلس، لان عدم موافقة الاعضاء على قانون الانتخاب المعدل يعني بطلان انتخابهم بأثر رجعي كما ان الاعضاء سيكونون في موقف صعب في تقريرهم عدم الموافقة على القانون المعدل دون اثر رجعي، لانهم بذلك يعترفون ببطلان القانون ولكنهم لا يقررون ذلك باثر رجعي حماية لموقفهم.

تشريع عاجل

وبينت صحيفة الطعن ان استاذ القانون الدستوري د. محمد المقاطع اكد في مؤلفه «الوسيط في النظام الدستوري الكويتي ومؤسساته السياسية» انه لابد من الضرورة التي يتطلب الدستور توافرها الا يوجد سبيل اخر لمنع وقوع حالتها او لتجنب اثارها او لوقف حدوثها الا باصدار مراسيم او لوائح الضرورة بمعنى انه ان كان هناك سبيل اخر لمواجهة الحالة التي تتعرض لها البلاد والتي خلفت ظرف الضرورة وهو ما يعني انه كلما كان من الممكن تأخير اتخاذ او اصدار مرسوم الضرورة دون ان يلحق بالدولة اثار او اضرار او عواقب جانبية في التأخير حسب النص الدستوري هو الاصح والاولى فلا يجوز اصدار هذه اللوائح.

وبينت صحيفة الطعن حكما حديثا للمحكمة الدستورية بالكويت تخص الوضع كله بقوله انه وان كان سن القوانين هو مما تخص به السلطة التشريعية وتباشره في اطار وظيفتها الاصلية ويتولاها مجلس الامة طبقا لاحكام الدستور، الا انه نظرا لما قد يعرض للامة من الظروف والطوارئ والاحداث ما يستوجب اجراء سريعا وتشريعا عاجلا تتطلب مواجهتها بتدابير لا تحتمل التأخير، فقد اجاز الدستور للامير في تلك الحالات ان يصدر في شأنها مراسيم لها قوة القانون وانه لما كان هذا الاستثناء هو حق خارج عن الاصل، وحكم الاستثناء لا يقبل التوسع فيه ولا يصح القياس عليه، اذا التوسع او القياس قد يهدم الاصل المستثنى منه لذا فقد حرص الدستور على ان يضع لهذه السلطة الاستثنائية في التشريع من الضوابط والحدود ما يكفل عدم اهدار سلطة الامة او جعل السلطة التنفيذية سلطة تشريعية على غير ما يقتضيه مبدأ فصل السلطات أو سلطة طليقة بلا قيد عليها أو عاصم، كما أوجب الدستور عرض هذه المراسيم بقوانين على مجلس الامة عند انعقاده وفقا لمواعيد معينة لإقرارها، باعتبار ان المراسيم بقوانين الصادرة في غيبة مجلس الامة تبقى اعمالا للدستور بإرادة المجلس، فله أن يبقي ما يبقي ويذر ما يذر حيث نص الدستور في المادة 71 منه على أنه إذا حدث فيما بين ادوار انعقاد مجلس الامة او في فترة حله، ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير ان يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور او للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الامة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها، إذا كان المجلس قائما، وفي اول اجتماع له في حال الحل او انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى اصدار قرار بذلك، أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر».

3 نواح

وأوضحت صحيفة الطعن انه بتطبيق كل ما تقدم على المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 المشار إليه يتبين انه وإن كان قد صدر في غيبة مجلس الامة الا أنه لا تتوافر فيه حالة الضرورة التي استلزمها الدستور في المادة 71 وذلك من ثلاث نواح: الأولى انه لم يقع حدث يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، فالحالة التي صور المرسوم بقانون أنه يواجهها ليست حالة مستحدثة وقعت بعد حل مجلس الامة الاخير وإنما هي حالة كانت قائمة في ظل وجود المجلس ومن ثم كان يتعين على الحكومة إذا ما قدرت وجوب تعديل عدد المرشحين الذين يجوز للناخب انتخابهم ان تعرض الأمر على مجلس الامة حال وجوده لا أن تتحين الفرصة لكي تصدره بمرسوم بعد حل ذلك المجلس، والثانية ان الهدف من ذلك المرسوم ينحصر في تحديد عدد المرشحين الذين يملك الناخب التصويت لهم في كل دائرة وهو هدف يحتمل التأخير بلا شك فليس ثمة خطر داهم يتهدد المصلحة العليا للبلاد خاصة أن تحديد اربعة أصوات كان باقتراح من الحكومة نفسها فهي التي قدمت مشروع القانون رقم 42/2006 المشار إليه فأقره مجلس الامة.

والثالثة أنه على ما ذهب إليه بعض الفقهاء بحق لا يجوز تعديل قانون الانتخابات بمرسوم من مراسيم الضرورة لأنه قانون من القوانين الأساسية المكملة للدستور فهو القانون المسؤول عن إنشاء سلطة من السلطات الثلاث التي تقوم عليها الدولة فلا يصح ان ينظم بمرسوم شرع اساسا لمواجهة حالة طارئة ولم يشرع لمواجهة حالة دائمة، كما انه يخلق صعوبة عند عرضه على مجلس الامة لإقراره او الغائه فلا يتصور ألا يقر مجلس الامة مرسوما كان هو السبب في وجوده وإلا كان معنى هذا انه يقر فناءه.

ولفتت صحيفة الطعن إلى ان المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 لا تكون قد توافرت له حالة الضرورة التي جعلها المشرع الدستوري شرطا اساسيا لاعمال المادة 71 من الدستور وهو ما يترتب عليه ان يصبح هذا المرسوم مخالفا للدستور مستوجبا القضاء بعدم دستوريته مع ما يترتب على ذلك من آثار وأخصها بطلان الانتخابات التي جرت وفقا لهذا المرسوم.

وأوضحت صحيفة الطعن ان السبب الثاني من الطعن هو مخالفة المرسوم الصادر للمادتين 50 و79 من الدستور، حيث نصت المادة 50 من الدستور على أنه «يقوم نظام الحكم على اساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لاحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل او بعض اختصاصاتها المنصوص عليها في هذا الدستور»، كما تنص المادة 79 على أنه: «لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الامة وصدق عليه الأمير، ولما كان ذلك وكان صدور مرسوم بقانون في غير حالة من حالات الضرورة التي سبق بيانها، يعد افتئاتا على سلطة مجلس الامة، ومن ثم يكون مخالفا للدستور مستوجبا الحكم بعدم دستوريته مع ما يترتب على ذلك من آثار وأخصها بطلان الانتخابات التي تمت على اساسه».

وبينت الصحيفة ان افساح المجال امام السلطة التنفيذية لاصدار مراسيم في غيبة البرلمان في غير حالة الضرورة التي حددها الدستور يعطيها سلاحا تتفادى به رقابة السلطة التشريعية كلما أرادت الافلات منها، فحينما تجد الباب موصدا امامها لتمرير قانون لا تقره السلطة التشريعية تحل مجلس الامة وتصدر القانون الذي تريده بمرسوم ضرورة.

وأشارت إلى أن الامر في النهاية سيعود إلى مجلس الامة الذي يملك اقرار المرسوم أو عدم اقراره، لأن ثمة اعتبارات قد تحول دون استعمال المجلس لسلطته في عدم الاقرار كما هي الحال في تعديل قوانين الانتخاب على ما قدمناه، كما أن نص المادة 114 من اللائحة الداخلية لمجلس الامة يقف عثرة في سبيل استخدامه لسلطته في مراجعة المراسيم التي تصدر في غيبته، لانها تستلزم اغلبية خاصة لعدم اقرار المرسوم ما يجعل ممارسة هذه السلطة امرا متعذرا وهذا كله يشكل في النهاية اخلالا بالتوازن بين السلطات لانه لا يعطي للسلطة التشريعية مكنة مقابلة وموازية للمكنة المقررة للسلطة التنفيذية فيما لو اطلقنا حقها في اصدار مراسيم الضرورة.

ولفتت صحيفة الطعن الى أن المرسوم خالف مبدأ الانحراف التشريعي وذلك رغم المخالفة للاحكام الصريحة للدستور فإن الواضح من المذكرة الايضاحية للمرسوم ومن اسباب الطلب الذي تقدم به مجلس الوزراء إلى المحكمة الدستورية للطعن على عدم دستورية المادتين الاولى والثانية من القانون رقم 42/ 2006 باعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة ان الحكومة تسعى إلى غاية وحيدة لا تحيد عنها هي ابطال المادة الثانية من القانون المشار إليه للاسباب التي بينتها في ذلك الطلب.

سلطة تقديرية

ولم تقر المحكمة الدستورية رأي الحكومة فقضت بأن المشرع الطبيعي وهو مجلس الامة يملك سلطة تقديرية في تحديد عدد المرشحين الذين يحق لكل ناخب ان ينتخبهم ـ أرادت الحكومة أن تحقق ذات الهدف ولكن بوسيلة اخرى فاستصدرت المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 ليحدد عدد المرشحين الذين يحق لكل ناخب ان ينتخبهم بمرشح واحد فقط وهو ما يعد تحايلا على الحكم القضائي الصادر من المحكمة الدستورية ويمثل انحرافا بالسلطة التشريعية ومخالفة للدستور فالحكومة لم تكن غايتها من المرسوم محل النظر مواجهة حالة طارئة حسبما يقتضي نص المادة 71 من الدستور وإنما كان دافعها العناد والاصرار على التمسك بالرأي حتى وإن كشف القضاء انه رأي غير سديد فإذا كانت الحكومة قد اتجهت في بداية الامر إلى الطعن على القانون رقم 42 لسنة 2006 بزعم انه مخالف للدستور وعندما فوجئت بأن المحكمة الدستورية رفضت هذا الطعن اتجهت إلى اصدار هذا المرسوم.

 

ماذا قالت «تشريعية» مجلس 2009 في مراسيم الضرورة؟

أوردت صحيفة الطعن ان «تقرير لجنة الشؤون التشريعية كشف عن اسباب عدم اقرار مرسوم ضرورة في مجلس 1999، حيث قالت اللجنة انها استمعت بعد ذلك إلى رأي كل من الخبيرين الدستوريين أ.د. عادل الطبطبائي وأ. د. محمد المقاطع اللذين اجمعت اقوالهما على انتفاء حالة الضرورة الملحة لاصدار مثل هذه المراسيم بقوانين على سند من القول ان المادة 71 من الدستور واضحة في تحديد شرط الضرورة، كما ان الفقه والقضاء الدستوريين مستقران على تعريف حالة الضرورة بأن يكون هناك خطر داهم او جسيم لا يمكن تحمل انتظار نتائجه وإنما لابد من اتخاذ اجراءات عاجلة وسريعة لتداركه وإلا أدى الامر إلى مخاطر لا تحمد عقباها، وقد يقتضي الامر وجود أزمة سياسية او اقتصادية او حتى كارثة طبيعية، كتفشي الامراض او فيضان وغيرهما، ولتدعيم هذا الرأي فقد استند الاستاذان الدكتوران إلى حكمين: الاول صادر من المحكمة الادارية العليا والثاني من المحكمة الدستورية العليا في مصر، الاول الصادر في 26/3/1966 عرفت فيه المحكمة حالة الضرورة التي تستوجب اصدار مراسيم او قرارات بقوانين بأن الادارة تجد نفسها امام خطر داهم يقتضي ان تتدخل فورا للمحافظة على الامن والسكينة او الصحة العامة بحيث لو تأخرت لترتبت على ذلك اخطار جسيمة، أما الحكم الثاني الصادر من المحكمة الدستورية العليا فتعرف هذه المحكمة فيه حالة الضرورة بأنها مخاطر تلوح نذرها بأضرار جسيمة تواكبها، يستوي في ذلك أن تكون المخاطر طبيعية مادية او ان تكون مستندة الى ضرورة تدخل الدولة بتنظيم تشريعي».