محسنة توفيق: سعيدة بجائزة الدولة التقديرية لأنهم تذكروني قبل وفاتي

نشر في 06-09-2013 | 00:02
آخر تحديث 06-09-2013 | 00:02
فنانة من زمن الفن الجميل أدّت أدواراً من علامات الفن، هي الأم المصرية المنكسرة والمناضلة الثورية، عندما تراها تشعر أنها قريبة منك، لها مواقف سياسية حادة دفعت ثمنها غالياً، لم يمنعها المرض ولا السن من المشاركة في الثورة إيماناً منها بأن للفنان دوراً في المجتمع.
إنها محسنة توفيق التي التقيناها بعد حصولها على جائزة الدولة التقديرية، وكان الحوار التالي معها.
كيف استقبلتِ خبر حصولك على جائزة الدولة التقديرية؟

لم أفرح يوماً بجائزة أو تكريم على مدى تاريخي الفني، بل سعادتي الكبرى بنجاح عملي الفني، لكن جاءت الجائزة بعد مسيرة فنية طويلة وفي وقت أعاني فيه حالة نفسية سيئة بسبب ظروفي الصحية وتجاهل الوسط الفني لي، فكانت بمثابة قبلة الحياة التي حسنت حالتي النفسية وأشعرتني بالسعادة، وبأن ثمة من يتذكرني بعد سنوات طويلة من التجاهل.

ما أبرز الجوائز التي حصلتِ عليها؟

وسام الدولة في العلوم والفنون (1967) وكنت في بداية مسيرتي الفنية، وأنا أصغر من حصل على هذا الوسام حتى الآن، بعد ذلك نلت جوائز عدة وتكريمات في مصر وفي خارجها.

ما سبب غيابك عن الأعمال الفنية؟

هذا السؤال يوجه إلى المنتجين والمخرجين وليس إلي. في البداية، كانت تعرض علي أعمال دون المستوى وبالطبع كنت أرفض، لكن لم يعرض علي عمل منذ فترة طويلة، ما أحزنني لأن لدي طاقة فنية جيدة لا يتم استغلالها، لذا توقفت عن متابعة الدراما التلفزيونية كي لا أجد عملاً يصلح لي وأحزن لأنه لم يعرض علي.

ما الأعمال التي تفتخرين بها على مدى تاريخك الفني؟

 

«يرما» لغارسيا لوركا، ودور كاسندرا في الأسطورة الإغريقية «أجاممنون»، وقد شاركت في المسرحيتين مع المخرج الكبير كرم مطاوع الذي اكتشف موهبة وطاقة كبيرة في داخلي، بالإضافة إلى مسرحية «جميلة بو حريد».

 وفي السينما أفتخر بأفلام: «العصفور» و{إسكندرية ليه» مع يوسف شاهين، «قلب الليل» و{الزمار» مع عاطف الطيب. وفي الدراما التلفزيونية أعتز بـ «الوسية» لأنني كنت فيها بأفضل حالاتي الفنية، «ليالي الحلمية»، «المرسى والبحار» مع يحيى الفخراني منذ ثماني سنوات، وكان آخر أعمالي.

من له دور أو فضل في حياتك الفنية؟

يوسف شاهين لأنه اكتشف في داخلي طاقات لم أكن أدركها وقدمت معه أفضل أدواري: بهية في «العصفور» وأم يحيى في «إسكندرية ليه». المخرج المبدع عاطف الطيب الذي قدمت معه أدواراً جيدة في «قلب الليل» و{الزمار». في المسرح الراحل كرم مطاوع، إذ تألقت معه ونجحت في أعماله المسرحية، وهو أحد المخرجين المجددين ولا يقل عن يوسف شاهين في السينما.

كيف تقيمين سينما يوسف شاهين؟

يوسف شاهين أحد أفضل المخرجين في تاريخ السينما المصرية وهوعبقري في الإخراج، لكن وعيه السياسي كان مشوشاً يشبه طريقته في الكلام، وقد ظهر ذلك في بعض أفلامه، إذ تعرض للاضطهاد ولم يكن قوياً لدرجة تجعله يصمد، فعاش مكسوراً وعانى أزمة نفسية لأنه في النهاية ابن الطبقة التي ينتمي إليها وتحكمت به المواءمات والتوازنات، على عكس فنانين كثر وأنا منهم، لم ننكسر بعد ما حدث لنا وحافظنا على مبادئنا.

برأيك هل وصلت سينما يوسف إلى المشاهد؟

معظمها باستثناء بعض الأعمال التي تحمل أفكاراً مشوشة. ثمة أفلام عظيمة وصلت إلى الناس مثل «الأرض» و{العصفور»، وأخرى كانت سيئة مثل «الآخر» ولا أعرف لماذا قدمه، وأخرى أيضاً كانت مسخاً نتيجة أزمة يوسف النفسية.

ما تعريفك للفيلم السياسي ولماذا غاب عنا منذ زمن؟

لا وجود للفيلم السياسي، فالفن بحد ذاته سياسة وكل ما يتعلق بالناس سياسة. أما الأفلام التي ترصد أحداثاً ووقائع تاريخية فهي مرتبطة بهذا الحدث وهذه الوقائع، لذا أتعجب من تصوير أفلام تتحدث عن الثورة أثناء قيام الثورة ولم تكتمل ملامحها وتفاصيلها بعد، لكنّ المهرولين والأفاقين لا بد من أن يستفيدوا من كل شيء مستغلين الأحداث، حتى لو غيروا في تاريخها، المهم بالنسبة إليهم المكاسب التي سيجنونها.

هل تتابعين الدراما؟

منذ فترة طويلة لم أعد أتابعها كي لا أرى عملاً يناسبني وأحزن لأنه لم يعرض علي، كما قلت سابقاً. إنما نظراً إلى ظروفي الصحية تابعت أعمالاً في رمضان الماضي وفرحت بالمستوى الذي بلغته الدراما بفعل التطور الذي لحق بالفن على يد شباب واعد ما يبشر بالخير، وقد لفت نظري «ذات» لصنع الله إبراهبم وأداء نيللي كريم وباسم سمرة، و{نيران صديقة» و{موجة حارة».

لماذا تحقق الدراما التركية نجاحاً على شاشاتنا برأيك؟

قدمت شكلاً فنياً جديداً من نواحي الكتابة والإخراج والتمثيل وأماكن تصوير لم نعتدها مع أنها ضعيفة فنياً، فنحن مللنا النمط التقليدي الذي تقدمه الدراما المصرية منذ سنوات. ولكن ظهر شكل درامي في رمضان الماضي قد يؤثر على متابعة الجمهور للأعمال التركية، لأن مستواه الفني أعلى منها بكثير.

كيف تقيّمين دور الإعلام وطريقة تناوله للأحداث؟

بعد فترة من متابعة برامج الحوارات قررت الإحجام عن مشاهدتها نظراً إلى التضليل الذي تمارسه والبتر وتلفيق الحقائق، وأصبحت أعتمد على خبراتي وثقافتي في تفسير ما يحدث، بالإضافة إلى التحدث مع الناس في الشارع. معظم ما يحدث في القنوات الفضائية هو تزوير فاجر.

تطالب أصوات بمقاطعة الأعمال التركية رداً على موقف تركيا من ثورة 30 يونيو، ما تعليقك؟

هذا نوع من «النطاعة السياسية» وادعاء بطولة زائفة، لأن الأعمال التركية ليست من إنتاج أردوغان، والممثلين فيها ليسوا منافقين مثل بعض فنانينا، فكثر منهم يعارضون أردوغان الذي يعادي الفن، وتصب هذه المقاطعة في مصلحته. ثم أين هم مروجو هذه الحملة من الأعمال الأميركية، باعتبار أن أميركا هي العدو الرئيس لنا في العالم؟

هل تتذكرين مواقف معينة في مسيرتك الفنية؟

في مسرحية {أجاممنون} عرض علي كرم مطاوع الدور بعد انسحاب سهير البابلي بسبب خلافات بينهما، وبعد مضي ثلاثة أشهر على عرض المسرحية وتحقيقها نجاحاً عادت سهير وأرادت أداء الدور، فوجدت نفسي في موقف حرج ورفضت التنازل عن الدور، عندها قرر كرم مطاوع أن تؤدي كل واحدة منا الدور لمدة أسبوع فوافقت، لأنني كنت متوقفة عن العمل بسبب السياسة وفي تحدٍ لمن منعني من العمل ولسهير التي أحجمت عن الدور وعادت لتسحبه مني، والحمد لله حققت نجاحاً.

ما أصعب اللحظات التي عشتها؟

عندما قرأت في الصحف اسمي في قرار الرئيس بالعزل السياسي ومنعي من العمل ونقلي من وزارة الثقافة إلى هيئة الاستعلامات، وكنت في قمة نجاحي، لكني لم أشعر بالندم رغم حزني على ما حدث لي. كذلك من أسوأ أيام حياتي يوم توقيع المعاهدة مع الكيان الصهيوني، ويوم وقف إطلاق النار في حرب أكتوبر.

ما رأيك بموقف بعض الفنانين من الثورة؟

أي إنسان حقيقي لديه إحساس ويعرف معنى الظلم يؤيد ثورة 25 يناير، لكن من وقف ضدها في الأصل ليس فناناً وستجد موقفه هذا مبنياً على مصلحة شخصية أو أضرته الثورة بشكل ما، مثل عزل مسؤول كبير كان ينافقه.

في أثناء تكريمي في مهرجان أبو ظبي سئلت رأيي في الثورة فتحدثت عنها وأيدتها وباركتها، وفجأة، بعد نزولي من على خشبة المسرح، هاجمتني فنانة لها موقف ضد الثورة بأبشع الألفاظ وبمنتهى السوقية، فلم أهتم بها ولكنني عرفتها على حقيقتها وتأكدت وقتها أن مثل هذه الشخصية من الطبيعي أن ترفض ثورة ضد الفساد.

back to top