العراق... «الحرب أولها كلام»!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
إن الأمور أصبحت مقلقة وخطيرة بالفعل، وبعد كل هذا الاستقطاب، الذي بات يضرب العراق إنْ بدوافع مذهبية وطائفية وإنْ بدوافع قومية وإثنية، لا جدوى من إجراء انتخابات جديدة مادام طابع التيارات المتصارعة الآن لم ولن يتغير، ومادامت مثل هذه الانتخابات، التي إن هي أجريت، ستكون معركة تكسير عظام ومعركة تصفية حسابات بين قوى متناحرة قد يلجأ الخاسر فيها إلى السلاح والمتفجرات وإلى إشعال نيران الحرب الأهلية التي جرَّب ويلاتها العراقيون في سنوات سابقة معروفة. ثم إن ما يعزز هذه المخاوف أن مرض رئيس الجمهورية (مام) جلال الطالباني الخطير والمفاجئ الذي قد يمنعه، والواضح أنه سيمنعه، من مزاولة مهامه الرئاسية، قد ترك فراغاً دستورياً منذ الآن، فالمعروف أنَّ نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، الذي من المفترض أن يحل محله في مثل هذه الحالات، قد اضطُرَّ إلى اللجوء إلى تركيا بعد استهدافه بمجموعة من التهم الخطيرة، وبعد إصدار ستة أحكام بالإعدام بحقه، البعض يصفها بأنها أحكام سياسية لا قضائية.وحقيقة فإن هذه مشكلة أخرى ستكون لها انعكاساتها الخطيرة على العراق، وهي ستزيد الاستقطابات الحالية استقطاباتٍ جديدة، وذلك لأن الأكراد سيعتبرون أن هذا الموقع المعنوي لهم، وأنهم الأَولى بتقديم مَن سيخلف الطالباني في رئاسة الجمهورية العراقية، بينما سيصرُّ العرب عموماً على أن "القِسْمة" السابقة كانت قسمة "ضيزى" لأنها جاءت في ظروفٍ استثنائية، ولأن "بريمر" الأميركي هو الذي فرضها فرضاً على الشعب العراقي، كما سيرفض أهل السُّنَّة رفضاً قاطعاً ومانعاً أن يذهب هذا الموقع السيادي أيضاً إلى "الشيعة" الذين، ونتيجة لهذه الظروف الاستثنائية الآنفة الذكر، كانت حصتهم الجزلة رئاسة الحكومة، حيث يضع الدستور العراقي كل أمور البلاد الرئيسية والأساسية في يد رئيس الوزراء الذي هو الآن نوري المالكي.وهكذا، فإنَّ من حق وواجب كل محبٍّ للعراق ولشعب العراق أن يضع يده على قلبه وهو يرى كل هذه العصيانات المدنية، وهو يتابع كل هذه التراشقات الكلامية "والحرب أولها كلام"، وهنا فإن ما يزيد الطين بلَّة، كما يقال، أنَّ التدخل الإيراني في شؤون هذا البلد قد تجاوز كل الحدود، وأنَّ ما يجري في سورية ينعكس انعكاساً مباشراً على بلاد الرافدين بعربها وأكرادها وبشيعتها وسنتها وباقي فئاتها العرقية وطوائفها الدينية.