بتاريخ 11- 5 - 2012 نشرت مقالاً في هذه الزاوية تناول موضوع "الهدامة الثانية" سنة 1954، التي سقطت فيها أمطار كثيرة دمرت منازل عديدة في مدينة الكويت وقراها، ما استدعى تشكيل فريق حكومي برئاسة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، للإشراف على الإغاثة ومساعدة المنكوبين ومواساتهم.

Ad

وكانت هذه المهمة بالنسبة لسمو الأمير، حفظه الله، من أوائل المهمات التي كلف بها وهو شاب في العقد الثالث من عمره، وقام بأداء هذه المهمة خير أداء.

واليوم سنتحدث عن مهمة أخرى أشرف عليها سمو الأمير أيام شبابه، وكأنه الفارس المنقذ لأهل الكويت كلما حلت بهم كارثة.

يذكر في بداية الخمسينيات، أنه ارتفعت أسعار المهور للراغبين في الزواج، ويبدو أن هذا الأمر لاحظته الحكومة، التي لم تقف موقف المتفرج من هذا الأمر، فقامت على الفور وشكلت لجنة برئاسة سمو الشيخ صباح الأحمد عام 1959م لتدرس الأمر، وتعمل على حل المشكلة التي تزايدت أعداد الساخطين بسببها، والتي دفعت العديد من الكويتيين إلى الزواج من غير عربيات لانخفاض مهورهن. وقد نشرت جريدة الكويت اليوم بياناً في عددها رقم 269 (السنة السادسة)، تحت عنوان "بيان إلى الجمهور الكويتي صادر عن لجنة مراقبة المهور"، واليكم النص الكامل للبيان:

"تلبية للرغبة التي أبداها أفراد الجمهور الكويتي الكريم لتلافي المغالاة في قيمة المهور والهدايا التي تصحبها، مما جعل من الزواج عقبة كأداء لا يتخطاها إلا الأقلون من المتولين، الأمر الذي قد يؤدي إلى عزوف الشباب الكويتي الطيب عن الزواج من البنات العربيات واتجاهه إلى غيرهن من الأجنبيات اللواتي لا يتقيدن بالمهور ولا تضع تقاليدهن أية عقبات في طريق الزواج، فقد اقر المجتمعون ما يلي: 1- جعل الحد الأعلى للمهر ستة آلاف روبية.

2- جعل الحد الأعلى للشبكة (الهدية التي تلازم المهر) ألفي روبية.

3- الاستغناء عما يعرف ب "اكليل العرس" والاكتفاء بثوب زواج بسيط.

وقد اقر المجتمعون تأليف لجنة تتولى مهمة مراقبة تنفيذ هذه القرارات وهي تتألف برئاسة صاحب السعادة الشيخ صباح الأحمد الصباح وعضوية السادة: مشعان الخضير، الشيخ احمد بن خميس، حمود الزيد الخالد، خليفة الغنيم، عبدالعزيز الصقر، يوسف الفليج، احمد الفهد، سليمان المسلم، عبدالرزاق حمد الخالد، فهد المرزوق، حمود النصف، خالد العدساني.

هذا وقد تحاشت اللجنة فرض هذه المقررات بصورة رسمية، ثقة منها بأن الكويتيين جميعا سوف يتقيدون بها كعهد شريف يقطعونه على أنفسهم مختارين، وهي تهيب بالمواطنين جميعا المحافظة التامة على هذه المقررات التي تمليها المصلحة العامة. والله ولي التوفيق".

جميل جداً هذا البيان، فقد كان حقاً يراعي فئة من المجتمع شعرت بأن هناك مغالاة في مهور الزواج فتفاعلت الدولة معها، ليس بالقول فقط بل بالعمل، حيث شكلت لجنة برئاسة أحد أبناء الأسرة الحاكمة، وعضوية رجالات من الكويت لهم مكانة رفيعة واحترام واسع في البلد، ومهمتهم أن يراقبوا مهور الزواج، بحيث لا تزيد على حد معين، فيجعل أبناءنا يتجهون إلى الزواج من أجنبيات غير عربيات.

والجميل أكثر أن البيان يضع الثقة كاملة بأبناء الشعب، فيقول لهم إن اللجنة تثق بأن الكويتيين سيلتزمون مختارين وليس بالإجبار، وأنهم سيتقيدون بتعليمات اللجنة بدون مراقبة فعلية لذلك... يا سلام على تلك الأيام، وعلى الثقة المتبادلة بين الشعب والحكومة... فقد كانت مشاكلنا غير معقدة وبسيطة، ومع ذلك كنا نواجهها بكل جدية وحسم، واليوم نرى مشاكلنا تهدد استقرارنا وانسجامنا، ونحن نتفرج عليها، وننام دون أن نبذل شيئاً من جهدنا لمعالجتها بالجدية اللازمة.