استمرارهم يعرقل التطوير ويمنع ترقي الكفاءات... وقدوم جيل جديد بات أمراً واقعاً يجب التعامل معه
• الجهاز التنفيذي بحاجة إلى التجديد • ألا تكفي خدمة 15 عاماً لمعرفة قدرات الموظف الإدارية والقيادية؟لو افترضنا أن موظفاً انضم إلى مؤسسةٍ ما في سن الـ23، وعمل 15 عاماً فيها، ألا يتبين خلال هذه المدة إن كان كفئاً لتولي منصب قيادي من عدمه، خصوصاً أن الجانب القيادي في أي شخص من الممكن أن يتلمس في أقل من هذه الفترة بكثير.تتكرر الأخبار بين حين وآخر عن رغبة الحكومة في إحالة العديد من «قدامى» القياديين إلى التقاعد، لاسيما من أمضى منهم في عمله أكثر من 30 عاماً، في سبيل ضخ دماء شبابية جديدة في الجهاز التنفيذي للدولة.ولعل نظرة سريعة على عدد من المؤسسات الحكومية تجعلنا نرصد مجموعة كبيرة من القياديين القدامى الجاثمين على «الكراسي» منذ نحو 30 عاماً أو آخرين تم تعيينهم في وظائف قيادية بعد التقاعد، ما ساهم ي رفع درجة الجمود في العديد من الإدارات والهيئات الحكومية.دراسات قديمةورغم وجود دراسات في مجلس الوزراء بشأن احالة من امضى 30 عاما في الوظائف القيادية الى التقاعد، فإنه من المفيد القول ان هذه الدراسات موجودة منذ زمن طويل، ولم يتخذ قرار جاد بشأنها، وغالبا ما يتم التجديد لنفس القياديين رغم أن بعضهم يشغل المنصب منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهو امر ينافي ابسط قواعد الادارة السليمة.فليس جديدا القول إن استمرار اي شخص في منصبه مدة طويلة مُضر بالجهاز الذي يديره، لأن ذلك يؤدي الى احباط الافكار الجديدة، فضلاً عن منع الكفاءات في اي مؤسسة من ان تأخذ فرصتها في الترقي والادارة بأسلوب جديد يختلف عن القديم، ولنا ان نتخيل كيف يمكن ان تكون اليوم ادارة جهة ما يرأسها نفس الشخص منذ «أيام الملفات»، في وقت يفترض ان تكون كل المعاملات فيه الكترونية.ثمة معلومات بديهية لا يستوعبها الكثيرون، خصوصا من هم في الجهاز التنفيذي، اهمها ان مواليد عام الغزو 1990 دخلوا اليوم سوق العمل ومواليد 1995 انضموا إلى التعليم العالي، وبالتالي فإن الحديث عن جيل جديد قادم بقوة الى سوق العمل بات امرا واقعا يجب التعامل معه كي يتم فتح المجال له ولمن قبله في تولي اعمال الادارة في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية.فلو افترضنا ان موظفا انضم إلى مؤسسة ما في سن الــ23 عاما، وعمل فيها 15 عاما، الا يتبين خلال هذه المدة ان كان كفئا لتولي منصب قيادي من عدمه وهو في نهاية الثلاثينيات من العمر، خصوصا ان الجانب القيادي في اي شخص من الممكن ان يتلمس في اقل من هذه الفترة بكثير، لذلك فإنه كلما تمسك القياديون الحاليون بمناصبهم قمعوا فرص الاخرين في القيادة والترقي وطرح افكار جديدة لا يعرفها من امضى 30 عاما في منصبه.دماء جديدةولضخ دماء جديدة في الجهاز التنفيذي بالدولة يجب اتخاذ مجموعة من الاجراءات، اهمها:- عدم التجديد لأي منصب قيادي «وكيل مساعد، وكيل، رئيس هيئة او جهاز ومن في حكمهم» لأكثر من دورتين، مدة الواحدة منها 4 سنوات.- عدم تعيين القيادي الذي ناهز عمره 60 عاما او الذي سيبلغ هذا العمر في الدورة الاولى من عمله على الاقل.- وجود آلية تقييم واضحة للموظفين والمرشحين لأي منصب قيادي تكون نتائجه معلنة وعلى درجة عالية من الشفافية.- وقف سياسة الاستعانة بالمتقاعدين او العسكريين السابقين في ادارة مهام جديدة، فالمتقاعد - منطقيا- انتهى دوره الوظيفي، وبالتالي لا حاجة لإعادة تعيينه في مناصب قيادية جديدة.- وقف اي تعينات قيادية مبنية على اسس غير مهنية كالقرابة او الواسطة او الولاء السياسي على حساب الكفاءة الفنية.هذه النقاط يمكن ان تكون منطلقا لضخ دماء وأفكار جديدة في الجهاز التنفيذي، خصوصا أن ثمة قرارات حكومية تصب في اتجاه احالة القياديين الحالين إلى التقاعد، الا انه من المهم الا يكون البديل امضى سنوات طويلة في العمل الحكومي وعلى مشارف التقاعد، فعندئذ سنستبدل عقلية قديمة بأخرى قديمة، ولن يكون المجال مفتوحا لأي عقلية شبابية في ادارة اي منصب.الإدارة للشبابويشكل من هم دون الـ21 عاما نحو 51% من الكويتيين، وهذه النسبة ستتزايد في المستقبل القريب، لأن معدل المواليد يتجاوز معدل الوفيات، مما يعني اننا خلال 10 سنوات من الآن سنكون امام جيل شاب من حقه ان يدير التحديات التي تواجهه، لا سيما في التعليم العالي والرعاية السكنية او الصحية او سوق العمل مع تحديات حقيقية على مستوى البطالة.وعلى ذلك فإن تجديد الجهاز التنفيذي ليس ترفا او صراع اجيال بقدر ما يعبر عن ضرورة ملحة لتغيير انماط وسلوك القياديين في الدولة، وهذا يستوجب ايضا تغيير العقلية التي تختارهم في مجلس الوزراء لأن الاختيار غالبا ما يكون فيه جانب كبير من الشخصانية، مع ان الاختيار المهني المبني على الخبرة والشهادة سوف يدعم من أداء الاجهزة الحكومية، وبالتالي يشعر الوزراء ومجلس الوزراء بأن الاداء تحسن، خصوصا في ما يتعلق بالأجهزة الخدمية والتنفيذية.
اقتصاد
تقرير اقتصادي: قياديون جاثمون على «الكراسي»... ألم يحِن وقت تقاعدهم؟!
16-05-2013