الأغلبية الصامتة: ابزغ يا قمر

نشر في 13-06-2013
آخر تحديث 13-06-2013 | 00:01
عندما قرأت قصيدة «الدستور» مرة ثانية وثالثة تساءلت منذ متى ودستور الكويت محتبس علينا فعلياً وليس ظاهرياً؟ لأن الدساتير موجودة في أعتى الدكتاتوريات، والعبرة في التطبيق والاستمرار وليس في النصوص الجميلة المفرغة من المصداقية والمليئة بالكوميديا السوداء.
 إبراهيم المليفي طال احتباسك عنّا أيها القمر

فما أخالك بعد اليوم تستتر

ابزغ علينا وبدّد كلّ مظلمة

فما لنا قط عن رؤياك مصطبر

الشاعر عبدالله سنان  

***

قبل أن أقرأ عنوان هذه القصيدة ظننت أن عبدالله سنان (1917- 1984) فاض به الوجد والشوق، فكتب هذه القصيدة "مفضفضاً" عمّا في صدره، ولكن سرعان ما اكتشفت عدم صواب ظني، عنوان تلك القصيدة هو "الدستور"، وكل ما فيها يلخص رؤية ذلك الشاعر لمرحلة ولادة الدستور، وتقديره لدور أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم في "دسترة" الكويت، وجعل الأمة فيها مصدر السلطات جميعاً.

الشاعر عبدالله سنان لم يكن يكتب عن دستور تم تعليقه بسبب عدم تعاون مجلس الأمة أو بغرض مراجعة كامل التجرية البرلمانية في الكويت، بل كتب متحمساً لولادة الدستور "ابزغ علينا" والذي كان في غرفة عمليات لجنة الدستور، ثم المجلس التأسيسي الذي نسج مواد دستور الكويت الذي نعرفه اليوم بدستور 62، وهنا يحق لي أن أسأل: هل كتب سنان أبياتاً عن الانقلاب الأول على الدستور عام 1976م؟ أما الانقلاب الثاني عام 1986م فحدث بعد أن توفاه الله بعامين.

عندما قرأت قصيدة "الدستور" مرة ثانية وثالثة هذه الأيام، تساءلت منذ متى ودستور الكويت محتبس علينا فعلياً وليس ظاهرياً؟ لأن الدساتير موجودة في أعتى الدكتاتوريات، والعبرة في التطبيق والاستمرار وليس في النصوص الجميلة المفرغة من المصداقية والمليئة بالكوميديا السوداء.

الدستور لدينا محتبس- أو "محبوس" بمعنى أصح؛ لأن حبسه تم بفعل فاعل وليس بإرادته– منذ أن "كَرَّت" سبحة القوانين المقيدة لممارسة الديمقراطية والحريات العامة كقوانين الصحافة والتجمعات وإنشاء مؤسسات المجتمع المدني... إلخ، وما تلا ذلك من سياسة مباشرة لتخريب "العش قبل لا يكبر طيره"، تزوير وتعليق وتجميد وتجنيس وتخريب ذمم، وحل مجالس إدارات وتعطيل صحف، بمعنى آخر لعب على المكشوف لتغيير موازين الحكم وتمييل كفتها على حساب الشعب.

وبلا شك رغم استمرار حالة المراوحة بين الشكل والمضمون والنظام الديمقراطي وفدرالية القبائل والطوائف والتجار ومجاميع تسمى "الأمة" تسبق الحكومة بما لديها من كروت إضافية كل الأصوات الإصلاحية بخطوات، فطال احتباس القمر وتم "تستيره" بألف حاجب وحجاب؛ مرة بفتاوى وجوب الخنوع ومرة "بخرخشة" أكياس الدراهم.

أراد عبدالله سنان وفي زمانه من القمر "الدستور" أن يبزغ كي يبدد كل مظلمة، فما عساني أن أقول في زماني والقمر أوشك على التحول إلى صالة متعددة الاستعمالات، مكتوب فوق بوابتها الرئيسة "البقاء لله"، أقول بعد الاتكال على الله... "القمر من فرحنا حينور أكثر"!

back to top