ساد الغضب صفوف قطاع عريض من الشعب المصري أمس، غداة توعد الرئيس محمد مرسي معارضيه، أثناء خطابه بين أنصاره مساء أمس الأول، ورجح خبراء انحياز الجيش للشارع، الذي أعلنت قوى المعارضة فيه إصرارها على النزول نهاية الشهر بهدف الإطاحة بالنظام.

Ad

ألقى خطاب الرئيس المصري محمد مرسي بظلال طائفية على المشهد السياسي الملتهب في القاهرة، بعد اعتماده لهجة الإقصاء والتخوين لقطاع عريض من الشعب المصري، عقب إعلان 15 مليونا منه تأييدهم صراحة لحركة سحب الثقة من الرئيس "تمرد".

ووصف مرسي، خلال خطابه على هامش مشاركته في مؤتمر "نصرة سورية" مساء أمس الأول، الداعين إلى تظاهرات 30 يونيو الجاري، بـ"الواهمين"، مؤكدا أنهم بقايا النظام البائد، ويريدون "دفع البلاد إلى دوامة عنف وفوضى"، مهاجما معارضيه بالقول: "هؤلاء العاجزون الذين يريدون استخدام العنف أو يخوفون الناس أو تعطيل المصالح، سنأخذهم بكل حسم".

وعلى مسمع من الرئيس، وصف نائب رئيس هيئة الحقوق والإصلاح، الشيخ محمد عبدالمقصود، من يشارك في تظاهرات 30 يونيو بـ"الكافرين والمنافقين"، داعيا الله أن يجعل كيدهم في نحورهم ويكسر شوكتهم، وسط تهليل 16 ألفا من التيار الإسلامي احتشدوا داخل الصالة المغطاة باستاد القاهرة الرياضي.

في المقابل، رفض المتحدث باسم الهيئة البرلمانية لحزب النور السلفي، النائب صلاح عبدالمعبود، وصف مرسي لمعارضيه، وقال لـ"الجريدة": "ليس معنى أنني أعارض سياسة الرئيس، أنني أعارض المشروع الإسلامي، الذين انتخبوه يعارضون أداء مرسي".

واكد المتحدث الرسمي لجبهة الإنقاذ الوطني خالد داود أن الخطاب غرضه صرف أنظار الشعب المصري عن تظاهرات نهاية الشهر، قائلا لـ"الجريدة": "إن قرارات مرسي الأخيرة مساومة رخيصة للقوى السلفية والجهادية لضمان رضاها، وحشدها في مواجهة تظاهرات المعارضة".

«تمرد» الشرطة

في غضون ذلك، تجاهلت حركة تمرد تهديدات مرسي، وواصلت استعداداتها لتظاهرات نهاية الشهر، باجتماع قياداتها مساء أمس الأول مع المعارض البارز، رئيس حزب الدستور محمد البرادعي، والقيادي الناصري، مؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي، لمناقشة التصورات السياسية المطروحة والاتفاق على سيناريو موحد لما بعد مرسي.

وصرح المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي حسام مؤنس لـ"الجريدة": "إن اجتماع صباحي والبرادعي بشباب "تمرد" انتهى بالتوافق على التصور السياسي الموحد، ومن المفترض إعلان تصور القوى الوطنية الكامل للفترة الانتقالية، خلال الأيام القليلة المقبلة".

من جانبه، قال المنسق العام لـ"تمرد" محمود بدر لـ"الجريدة": "إن لقاء الحركة بقيادات جبهة الإنقاذ جاء في إطار التنسيق المشترك ووضع الشكل العام من قبل قوى المعارضة لما بعد 30 يونيو، خاصة مع كشف مرسي في خطابه الأخير عن مدى رعبه وشعوره بقرب نهايته"، مضيفا: "انتظروا مفاجآت الأسبوع المقبل، يوم إعلان الأرقام النهائية لما جمعته الحركة من توقيعات".

ووسط هتافات "يسقط يسقط حكم المرشد"، أجمع ضباط الشرطة في اجتماع ناديهم، المنعقد أمس الأول بمقر النادي العام، على عدم تأمين مقرات "الإخوان" وقصر "الاتحادية" الرئاسي، حال الاعتداء عليها من قبل متظاهرين نهاية الشهر، مؤكدين، في بيان رسمي، أنهم لن يقتربوا من تلك المقرات مهما كلفهم الأمر، متمسكين بأن دورهم خلال التظاهرات سيقتصر على تأمين المنشآت الحيوية وحماية المتظاهرين.

من جهته، وبينما قال المتحدث الرسمي باسم النادي العام لـ"ضباط الشرطة" الرائد محمد الطنوبي لـ"الجريدة": "إن ضباط وأفراد الشرطة عاهدوا الله على عدم تكرار أخطاء الماضي. وذكر المتحدث الإعلامي لحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أحمد رامي لـ"الجريدة": "إن قرار الضباط الأخير لا يعبر عن رأي وزارة الداخلية بشكل رسمي"، مشيرا إلى أن الحديث عن تأمين شباب "الإخوان" لمقرات الجماعة والحزب سابق لآوانه.

موقف الجيش

في غضون ذلك، حث وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، خلال التدريبات التي نفذتها أمس عناصر الوحدات الخاصة البحرية، على ضرورة احتفاظ أفراد الجيش بأعلى درجات الاحترافية لتظل القوات المسلحة قوية وقادرة على حماية أمن مصر وشعبها، مضيفا: "شباب القوات المسلحة هم أمل مصر ومستقبلها لبناء جيش وطني قوي لا يعمل إلا لمصلحة الوطن".

في السياق، أجمع مراقبون على أن موقف المؤسسة العسكرية سيكون له القول الفصل في المشهد، حال نجاح المعارضة في حشد ملايين المؤيدين، للمطالبة بإقالة مرسي، ما أكده الخبير الاستراتيجي اللواء طلعت مسلم لـ"الجريدة"، قائلا: "موقف القوات المسلحة من أحداث نهاية الشهر، نفس موقفه من ثورة يناير، وهو الانحياز للشعب ومطالبه، وفي حال نجاح التحركات فإن الجيش المصري سيقف في نفس المربع الذي وقف فيه يوم 11 فبراير 2011".

برلمانيا، وافق مجلس الشورى، في جلسته العامة أمس، على إرجاء تصويت أفراد وضباط القوات المسلحة في الانتخابات حتى عام 2020 "لإبعادهم عن معترك السياسة، في ظل توليهم مهمة تأمين العملية الانتخابية في المرحلة الراهنة"، وقال مساعد وزير الدفاع اللواء ممدوح شاهين: "القوات المسلحة تؤمن الانتخابات حاليا، ونرى إرجاء مشاركتها في عملية التصويت حتى 2020 لإبعادها عن التحزب وعن معترك الحياة السياسية".