قلناها مراراً وتكراراً بأن التصدي لمن يتجرأ على التطاول على خدش الوحدة الوطنية وشق نسيج المجتمع مسؤولية جماعية يزداد حجمها ومكانتها على النخبة والرموز وأهل الفضل دون سواهم، فما بالك بمن يتعمد إشعال النار بسبق إصرار وترصد، وإدراك بأنها سوف تجر الويل على الجميع؟

Ad

في أي مجتمع هناك حمقى وهناك مرضى نفسيون، وهناك من "شايف" نفسه قد يستلذ بالإثارة والصخب الإعلامي، وهذه سمة طبيعية قد تشمل القس ورجل الدين، وقد يعكسها سياسيون مخضرمون، وقد تكون من شطحات الشخصيات الفنية والرياضية، وقد يستهويها أساتذة وأكاديميون، ولكن أن يطبل لها الجمهور البسيط والمشحون بعاطفة أو سذاجة أو حتى من باب التنفيس وسط صمت مريب ممن يعتبرون أنفسهم قادة المجتمع ورموز العمل السياسي الوطني ورافعي شعارات الإصلاح والحريات، فهذه قد تكون جريمة مضاعفة لأصل العمل القبيح.

وقد بات واضحاً أن البعض لا يمكن أن يعيش في أجواء التسامح وفي ظل ترتيب الأوراق، وبدء الخطوات الجريئة في تصفية خط المعارضة السياسية وإعادتها نحو المحاور الحقيقية التي انطلقت من أجلها عبر سنوات طويلة من العمل والجهد والتضحيات، فيستميت من أجل إبقاء الحالة السياسية في مستنقع راكد ليتركها تغرق تدريجياً.

ولعل أحدث مثال على ذلك الخطاب ذو الرائحة النتنة ضد النواب الشيعة في مجلس الصوت الواحد، وفي توقيت مهم مع إعلان مشروع الحوار الوطني على المستوى الشعبي الذي لاقى استحساناً من قبل العديد من المكونات الكويتية، واختيار بائس لمكان بث هذه السموم بين شريحة عزيزة هي أبناء القبائل، وبطريقة مخجلة في استجداء السلطة لاحتوائه بين أحضانها بدلاً من هؤلاء الصفويين!

إن أبواب السلطة مفتوحة بمغرياتها، ولطالما كانت كذلك، وتستقبل المريدين، ويمكن دخولها بكل سهولة دونما إشعال "حريجة" سياسية أو الحاجة إلى إطلاق دخان أسود للعبور تحت ظلامها حتى لا يراه أحد! ومن ناحية أخرى نعلم اليوم أن القبائل أصبحوا عملة صعبة ذات وزن ثقيل، ولم تنجح الكثير من المؤامرات لتهميشهم أو ضرب ولائهم أو محاولة سلخهم من النسيج الكويتي الكبير، وأصحاب الطرح الطائفي اليوم الذين يحاولون التغزل بهم والعبور على أكتافهم كانوا كقبور صامتة عندما شنت حملات التشويه عليهم، بل كانوا يتندرون عليهم وليس دفاعاً عنهم، واليوم بقدرة قادر أصحبوا بالقلب ومحطة للتزاور والتآخي!

وأجزم بأن الكثير الكثير من أبناء القبائل على درجة راقية من الوعي والمسؤولية بحيث لا تنطلي عليهم مثل هذه الألاعيب، واستخدامهم كوقود من أجل معارك خاصة تحول فيها الفكر إلى كفر والسياسة إلى نجاسة، أو تحويل مسار عملهم الوطني ومطالباتهم السياسية والدستورية لتلميع فلان أو علّان.

وإذا كان الصفويون بهذه الدرجة من الخطورة على بلادنا وشعبنا فلماذا ارتمى من يحذر منهم اليوم في أحضانهم طوال ثلاثين سنة ومجّدهم إلى مستوى القدسية، وجعل منهم قادة الإسلام الشرعيين لمواجهة الظلمة من الأنظمة الصحراوية البدوية في الخليج والجزيرة العربية من عملاء أميركا وإسرائيل؟! ومع هذا يبقى كل اللوم والمسؤولية على الساكتين من مدّعي الوطنية ووحدة الصف في مواجهة الفساد والمفسدين على هذا النوع من الفساد والمفسدين!