أشعر بالقلق بسبب عدد الأشخاص الذين ينتظرون فعلياً إصابتهم بنوبة قلبية. لا يلحظ هؤلاء الأشخاص أي مؤشرات ولا يدركون أن أسلوب حياتهم يرفع بنسبة كبيرة احتمال إصابتهم بأمراض الأوعية الدموية. أحاول تثقيف مرضاي بشأن الرعاية بالقلب ومساعدة الأكثر عرضة للخطر على تحديد الخيارات الصائبة في أسلوب حياتهم.

Ad

لكن ما هي تلك الخيارات؟ وما هي التغيرات التي يجب إحداثها لتحسين الصحة وإطالة الحياة؟

تبدأ الخيارات والتغيرات عبر التدقيق بعدد من العادات التي تطبع أسلوب الحياة، بما في ذلك نوعية ما نأكله، الوزن، النشاط الجسدي، مستوى الضغط النفسي، وعادة التدخين طبعاً.

نخوض، نحن أطباء القلب، مع مرضانا معركة مستمرة في ما يخص طريقة ونوعية الأكل. في النهاية، تنتشر مشكلة الوزن الزائد في العالم. إنه أمر مؤسف لأن تغيرات بسيطة تستطيع تحسين صحتنا وشكلنا ومزاجنا وإطالة حياتنا.

تشمل أحدث المبادئ التوجيهية للأكل الصحي، وفق {جمعية القلب الأميركية}، أربعة أكواب ونصف الكوب على الأقل من الفاكهة والخضار يومياً بالإضافة إلى حصتين على الأقل من السمك الزيتي أسبوعياً. يشمل النظام أيضاً 85 غراماً من الحبوب الكاملة الغنية بالألياف، و1500 ملغ من الصوديوم يومياً كحد أقصى، وليتراً من المشروبات الغنية بالسكر أسبوعياً كحد أقصى.

كذلك، توصي {جمعية القلب الأميركية} بأربع حصص من المكسرات والبذور أسبوعياً وحصتين من اللحوم المصنعة أسبوعياً كحد أقصى، مع الحرص على الحد من الدهون المشبعة.

ثم تبرز مسألة الوزن. الوزن له أثر هائل على احتمال الإصابة بأمراض القلب. حين يبدأ البطن بالنمو، يزيد خطر ارتفاع ضغط الدم وارتفاع معدلات الكولسترول والسكري بشكل ملحوظ. يكثر الحديث عن مؤشر كتلة الجسم. إذا كنت لا تعلم معنى هذا المؤشر، فحان الوقت كي تفعل.

لتحديد مؤشر كتلة الجسم لديك، يجب أن تضرب وزنك بوحدة قياس الباوند بعدد 703 وتقسم النتيجة بمربع طولك بالإنش. توصي {جمعية القلب الأميركية} بضرورة إبقاء المؤشر تحت مستوى 25.

إذا كان مؤشر كتلة الجسم أقل من 25، تابع المسار الفاعل نفسه. لكن إذا كان المؤشر أعلى من 25، فيجب أن يكون الأمر بمثابة إنذار لك كي تغير أسلوب حياتك وطريقة أكلك وتكثف مستوى الحركة في حياتك اليومية.

ضرورة الحركة

إلى جانب احتمال زيادة دهون الجسم، تُعتبر قلة الحركة عامل خطر للإصابة بأمراض القلب التاجية. يساهم النشاط الجسدي المنتظم والمعتدل أو المكثف في منع أمراض القلب والأوعية الدموية. كلما زادت حدة النشاطات، تزيد المنافع. حتى النشاطات المكثفة والمعتدلة تكون مفيدة عند تطبيقها بانتظام ولفترة طويلة. يمكن أن يساعد النشاط الجسدي على التحكم بمعدل الكولسترول في الدم والسيطرة على السكري والبدانة فضلاً عن تخفيض ضغط الدم عند البعض.

تذكّر أن النشاط الجسدي لن يساعدك حصراً على تخفيف الوزن بل إنه يساهم أيضاً في تخفيض ضغط الدم وزيادة مستوى الكولسترول الجيد وتحسين حساسية الجسم تجاه الأنسولين، ما يساهم في السيطرة على سكر الدم. أوصي بتخصيص 30 دقيقة من النشاط المعتدل، خمس مرات في الأسبوع. يجب أن يمارس المرضى التمارين بمستوى معتدل (ما يعني التعرق وضيق التنفس وعدم التمكن من التفوه بجملة كاملة من دون أخذ نَفَس) لكن من دون الوصول إلى مرحلة اللهاث.

كقاعدة عامة، أوصي باتباع برنامج تكيّف جسدي يركز على 4 أهداف: التحمّل (تمارين تقوية القلب)، القوة، المرونة، الرشاقة.

الإقلاع عن التدخين

يبلغ خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية عند المدخنين ضعفَي أو أربعة أضعاف الخطر الذي يواجهه غير المدخنين. ويكون خطر النوبة القلبية عند الأشخاص الذين يدخنون علبة سجائر يومياً أعلى بمرتين من الأشخاص الذين لم يدخنوا مطلقاً. تدخين السجائر عامل خطر مستقل وقوي لموت القلب المفاجئ عند المصابين بأمراض القلب التاجية. يتفاعل التدخين أيضاً مع عوامل أخرى لزيادة خطر تلك الأمراض. يرتفع خطر الوفاة بسبب أمراض القلب التاجية (وربما الجلطة الدماغية) عند الأشخاص الذين يدخنون السيجار أو الغليون، لكنه يبقى أقل من الخطر الذي يواجهه مدخنو السجائر. يؤدي تنشق دخان الآخرين إلى زيادة خطر أمراض القلب، حتى بالنسبة إلى غير المدخنين.

على صعيد آخر يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى إجهاد القلب، ما يعني زيادة سماكة القلب وتصلّبه. هذا التصلب في عضلة القلب ليس طبيعياً وهو يجعل القلب يعمل بشكل غير مناسب. يزيد أيضاً خطر الجلطة الدماغية والنوبة القلبية والفشل الكلوي وقصور القلب الاحتقاني. حين يترافق ارتفاع ضغط الدم مع البدانة والتدخين وارتفاع مستويات الكولسترول في الدم أو داء السكري، يرتفع خطر نوبات القلب أو الجلطة الدماغية بأضعاف.

محاربة السكري

أخيراً، يزيد السكري خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. حتى إذا بقيت مستويات الغلوكوز تحت السيطرة، يرفع السكري خطر الإصابة بمرض القلب والجلطة الدماغية، لكن تكون المخاطر أعلى من ذلك إذا لم تتم السيطرة على سكر الدم كما يجب. يموت 65% من المصابين بالسكري على الأقل بسبب شكل من أمراض القلب أو الأوعية الدموية. إذا كنت مصاباً بالسكري، من الضروري أن تتعاون مع مقدم الرعاية الصحية لضبط عوامل الخطر الأخرى والسيطرة عليها.

إذا كنت تشك بوجود أي خطر للإصابة بأمراض القلب، من الأفضل استشارة الطبيب لإجراء فحص عام. ستكتشف بذلك مدى صحة قلبك وتتلقى النصائح المناسبة بشأن أسلوب الحياة السليم استناداً إلى نتائج الفحص.