«الاستئناف» طبقت الشرط على المحكوم بتزوير محررات رسمية ومحكوم بالامتناع ولم تطبقه على محكوم بتزوير الاكتتاب!

نشر في 04-08-2013 | 00:01
آخر تحديث 04-08-2013 | 00:01
No Image Caption
المحكمة اعتبرت «إصدار شيكات بدون رصيد» ليست من الجرائم المخلة بالأمانة واعتبرتها «التمييز» من الجرائم الفاقدة للترشح
أصدرت وزارة الداخلية قرارات بحرمان 10 مرشحين من الترشح لانتخابات مجلس الأمة لافتقاد بعضهم شرط حسن السمعة، الذي قررته وفرضته المحكمة الدستورية، ومن بعدها محكمة التمييز، ولعدم رد البعض الآخر منهم شرط الاعتبار القانوني الذي قررته المادة الثانية من قانون الانتخابات لضرورة الترشح.
 قررت المحكمة الادارية الابتدائية والاستئناف مجموعة مهمة من الضوابط، على ضوء قضايا الشطب التي نظرتها، لتفعيل شرط حسن السمعة الواجب توافره في المرشحين، والواجب إعماله من قبل وزارة الداخلية لدى شطبها للمرشحين لدى بحثها لملفات الترشح.

وبينما أيدت المحاكم الابتدائية قرار شطب واستبعاد سبعة مرشحين، والسماح لمرشح واحد هو سلطان الشمري بالترشح للانتخابات في المجلس، جاءت محكمة الاستئناف لتؤيد عودة 4 مرشحين فقط هم سلطان الشمري وخلف دميثير وخالد الشليمي وهاني حسين من أصل السبعة المستبعدين من محاكم أول درجة وتلغي أحكامها.

مبادئ قضائية

وأيدت محكمة الاستئناف ايضا قرارات استبعاد ترشيح ثلاثة مرشحين هم سعود احماده ومبارك اطراد ومبارك القفيدي، إلا أن محاكم الاستئناف وهي في سبيلها إلى تقرير عودة 3 مرشحين للانتخابات، وهم خلف دميثير وخالد الشليمي وهاني حسين، الذي سبقت لمحاكم أول درجة استبعادهم وشطبهم، قررت جملة من المبادئ القضائية التي طبقتها في جانب مع الطاعنين على أحكام محكمة أول درجة، وأخلت بها في جانب آخر مع طاعنين آخرين.

وهذا الأمر يجب الاشارة اليه بقدر من التفصيل في مجال البحث العلمي، كما يجب على محكمة التمييز التطرق له في أحكامها في حالة الطعن على أحكام محكمة الاستئناف من قبل إدارة الفتوى والتشريع، والتي الغت أحكام محكمة اول درجة، وسمحت بترشح كل من خلف دميثير وخالد الشليمي وهاني حسين وحتى سلطان الشمري لمزيد من الوضوح لتطبيق شرط حسن السمعة اللازم توافره بالمرشحين لانتخابات مجلس الامة، وهو الشرط الذي اعتمدته وقررته وفرضته المحكمة الدستورية في الطعن رقم 8 لسنة 2008 في قضية محمد الجويهل، واعتمدته من بعدها محكمة التمييز في الطعن الحديث الصادر منها بتاريخ 13 مارس الماضي.

ويتضح التفاوت في أحكام محكمة الاستئناف، التي طبقت شرط حسن السمعة تارة ولم تجدها منطبقة على المرشحين خلف دميثير وخالد الشليمي وهاني حسين تارة أخرى، فبينما أكدت محكمة التمييز أن شرط حسن السمعة هو شرط مستقل، ومن الشروط الواجب توافرها في المرشح لانتخابات مجلس الامة، وإذا لم يتوافر فيه جاز لجهة الإدارة ممثلة بإدارة الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية استبعاده من الترشح.

تشابه الأحكام

وقامت محكمة الاستئناف بأحكامها بتطبيق هذا الشرط إلا أنها لم تبرر في حيثيات حكمها كيفية تبيانها لتوافر الشرط بحق المرشحين خلف دميثير وخالد الشليمي وهاني حسين، ولا يمكن توافره بحق المرشحين سعود احماده ومبارك القفيدي ومبارك اطراد رغم تأكيدها انطباق حكم التمييز سالف الذكر على حالات احماده والقفيدي واطراد رغم تشابه الأحكام الصادرة فيها بحق كل منهم.

فمحكمة الاستئناف أيدت استبعاد المرشح مبارك القفيدي على سبيل المثال لأنه أدين في جريمة تزوير، وحكم عليه بتقرير الامتناع عن العقاب، ورأت أن ذلك سبب لاستبعاده من الترشح لان الجريمة التي أدين فيها تفقده شرط حسن السمعة، وفي الوقت ذاته رأت محكمة الاستئناف أن خلف دميثير وإن كان أدين بجريمة تزوير في اكتتاب بنك بوبيان، وبحكم بتقرير الامتناع عن العقاب فإن تلك الجريمة التي أدين بها لا تفقده هذا الشرط، رغم أن كلتا التهمتين هي التزوير، وكلا الحكمين هما تقرير الامتناع عن النطق بالعقاب هذا أولا.

الأمر الثاني ان محكمة الاستئناف لم تعتبر في حكمها بإعادة المرشح خالد الشليمي للترشح الجريمة التي أدين بها وهي إذاعة أخبار كاذبة من الجرائم المخلة بالاعتبار التي تفقده شرط حسن السمعة، رغم أن هناك حكما صادرا من محكمة الاستئناف ومطعونا عليه أمام محكمة التمييز وإن كان موقوف النفاذ مؤقتا إلا أنه قد قطع بحرمانه من الترشح بعد إدانته بهذه الجريمة وبافتقاده هذا الشرط.

وكان يجب على محكمة الاستئناف أن تسمح للشليمي بالترشح للانتخابات، لان الحكم الذي استندت اليه جهة الادارة بشطبه واستبعاده من الترشح هو حكم موقوف، ولم يتحدد المركز القانوني للمرشح، ومطعون عليه أمام محكمة التمييز، فتسمح له بالترشح لهذا السبب، وقد يصلح كذلك للمرشح خلف دميثير، لا أن تقرر أنه لم يفتقد هذا الشرط وقد يكون حكمها نهائيا في حال عدم الطعن عليه أمام محكمة التمييز، وهو أمر ليس بمستبعد، وعندها لا يكون للطعن المقام من الشليمي أو دميثير امام محكمة التمييز على قرار شطبهما من الانتخابات الماضية والمحدد لنظره جلسة في سبتمبر المقبل أي قيمة، وقد يتنازلان عنه لعدم جدوى أثره على مركزهما القانوني من الترشح!

حسن السمعة

الامر الثالث أن حكم محكمة الاستئناف لم يبين بماذا أخطات محاكم أول درجة عند تطبيقها لشرط حسن السمعة عندما حرمت المرشحين الثلاثة، وهم خالد الشليمي وخلف دميثير وهاني حسين، لكنها قالت إنه وبشأن إعمال شرط حسن السمعة «يتوجب أن يؤخذ بقدره دون إسراف»، ودون أن تحدد الاسراف والتشدد الذي أخذت به محاكم أول درجة بحقهم رغم أن محكمة الاستئناف ذاتها أيدت أحكام محاكم أول درجة الاخرى بشطب سعود احماده ومبارك القفيدي ومبارك اطراد، وبذات الاسباب التي رأتها ان شابها الاسراف في تطبيق هذا الشرط على حالات شطب المرشحين خلف دميثير وخالد الشليمي وهاني حسين، وهو ما يوصم حكم الاستئناف بعدم الوضوح في تحديد المعيار الذي من خلاله قد بنت تحقق شرط حسن السمعة في حالات ولم تجدها في حالات أخرى.

الأمر الرابع، الذي قد توجه لاحكام محكمة الاستئناف، وهي التي تقرر في حكمها، أنها طبقت شرط حسن السمعة الذي فرضته محكمة التمييز في حكمها الصادر في 13 مارس من هذا العام بأن اعتبرت ان الجريمة التي أدين بها المرشح سلطان الشمري، وهي شيك بدون رصيد، ليست من الجرائم المخلة بالشرف والامانة، في حين أن محكمة التمييز نفسها بذات الطعن الذي استندت الى مبادئه محكمة الاستئناف قد أكدت ما يلي ان «الثابت من مطالعة الحالة الجنائية للمرشح ان الطاعن قد اعتاد ارتكاب جرائم اعطاء شيكات بدون رصيد مع تعددها وتنوعها وتعدد المجني عليهم وامتدادها الى ما يقارب سبع سنوات، فضلا عن ارتكابه جنح ضرب ومنع حيازة عقار، مما يستدل من مجملها ومضمونها أنها تخل بالثقة فيه وتفقده الهيبة والاحترام وتجعله غير أهل لتمثيل الأمة في المجلس النيابي»، وهو ما يعني أن محكمة التمييز قد اعتبرت أن جرائم إعطاء الشيكات بدون رصيد من الجرائم المخلة بالثقة.

ورغم الملاحظات السابقة على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف سواء بإعادتها عددا من المرشحين بعد وضعها لضابط التقدير على تطبيق شرط حسن السمعة دون إسراف، أو بتأييدها استبعاد مرشحين آخرين، فإنه يحسب للقضاء اعتماد شرط حسن السمعة كشرط واجب للترشح لانتخابات مجلس الأمة، رغم عدم النص عليه في قانون الانتخاب، وهو ما يجب على المشرع ممثلا بمجلس الأمة الاسراع باعتماد هذا الشرط المعتمد قضائيا، ووضع الضوابط اللازمة التي تبرر اتخاذه من قبل جهة الادارة أو رفضه، لأن عدم النص على هذا الشرط صراحة سيفتح باب الاجتهاد القضائي في المحاكم بالتعاطي معه، وسيجعل منه شرطا تقديريا للمحاكم قد لا يسمح في ما بعد لمحاكم التمييز بسط رقابتها مستقبلا عليه إلا إذا خالف القانون حفاظا على حق المواطنين بالترشح، ولحق الامة في اختيار من تراه مناسبا خصوصا أن محكمة التمييز أكدت ان الترشح حق كفله الدستور ويعد من قبيل الولاية العامة.

back to top