مصالحة غير مشروطة!
مصطلح المصالحة الوطنية غير المشروطة في حقيقة الأمر هو مصطلح انهزامي ساذج في ظل تتابع الأحداث المتزاحمة ووصولها اليوم إلى نقطة رفع سقف المطالبات الشعبية إلى مستوى المطالبة بالحكومة الشعبية المنتخبة والنظام البرلماني الحزبي الكامل بشكل صريح ودون مواربة.
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
لذلك عند الحديث عن "مصالحة وطنية غير مشروطة" فلا نجدنا في قدرة على فهم المقصود بذلك؛ هل المراد أن يعاد الوضع برمته إلى نقطة ما قبل ما حصل كله، وأن يتم إلغاء كل ما جرى، بما فيها "مجلس الصوت الواحد" وكأنه لم يكن؟ لا أعتقد ذلك أبدا، أم المقصود أن تنطلق المصالحة من نقطة جديدة تتجاهل الواقع معتبرة إياه وضعا قائما لن يتغير؟ أم ماذا على وجه الدقة؟ مصطلح المصالحة الوطنية غير المشروطة في حقيقة الأمر هو مصطلح انهزامي ساذج في ظل تتابع الأحداث المتزاحمة ووصولها اليوم إلى نقطة رفع سقف المطالبات الشعبية إلى مستوى المطالبة بالحكومة الشعبية المنتخبة والنظام البرلماني الحزبي الكامل بشكل صريح ودون مواربة.وبالتالي فإن أي تنازل وقبول بهذه المصالحة الوطنية غير المشروطة هو وبكل بساطة تضييع لمكسبنا الرئيسي، والذي هو أن الحراك الشعبي اليوم قد صار يرفع بكل جرأة هذه المطالبة الطموحة العالية السقف.نعم، أنا ممن كتبوا سابقا عن ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار ما بين السلطة والمعارضة، ولكن المراد دوما أن يكون الحوار حول هذه المطالبات لرسم خريطة وجدول زمني للوصول إليها ووضعها حيز التنفيذ بطريقة تحفظ للأسرة الحاكمة مكانتها وقيمتها تاريخيا ورمزيا وسياسيا، وتعطي في الكفة الأخرى للشعب حقوقه الدستورية الكاملة المتمثلة أساسا بأنه مصدر السلطات جميعا، وليس حول القبول بالأمر الواقع في مقابل التنازل عن القضايا والمحاكمات مثلا.مسيرة الحراك الشعبي اليوم ليس لها سوى اتجاه واحد اسمه الحكومة الشعبية المنتخبة والنظام البرلماني الحزبي الكامل، وأي انحراف عن هذا الاتجاه في أي طريق آخر هو هزيمة على طول الخط، وأي مسمى "فهلوي" لهذه الهزيمة، كمسمى "المصالحة الوطنية غير المشروطة" ليس سوى خديعة لا يصح أن يقع بها الحراك المعارض أبدا.