كنت كتبت منذ مدة عن رحلتي مع وفد جمعية الرحمة العالمية إلى جيبوتي، ووعدت أن أعود إلى الموضوع مجدداً لأنه يستحق ذلك، وهأنذا أفعل.

Ad

واقع الفقر والمعاناة الذي رأيناه هناك في جيبوتي أبعد ما يمكن عن أي وصف، فلا الكلمات المنطوقة ولا المكتوبة يمكن لها أن تصل إلى المتلقي ذلك الواقع حياً نابضاً كما رأيناه، ولكن لعل من الممكن أن يجد الراغب في ذلك في شريط الصور ومقاطع الفيديو التي التقطها الزميل عبدالرحمن التركيت ورفعها على شبكة اليوتيوب بنفس عنوان هذا المقال جزءاً يسيراً من حقيقة ذلك الواقع النازف!

العمل الخيري في الكويت، وربما في كل العالم العربي، يتعرض لهجمات تشكيكية شرسة من أطراف متعددة لأهداف عديدة، ولم أكن لأفكر أن أتصدى لذلك لإيماني بأن للعمل الخيري الصادق رباً يحميه، ولأن له كذلك فرساناً قادرين على مواجهة هذه الحملات الظالمة في معظمها بالوثائق والأدلة، وقبل ذلك بالعمل الخيري الحقيقي على الأرض في مشارق الأرض ومغاربها. لكنني في هذا المقال سأكتفي بنقل جزء من تجربتي الشخصية ومشاهدتي الحية لما رأيته في جيبوتي من أنشطة جمعية الرحمة العالمية.

هناك في ذلك المكان الفقير، في قلب جيبوتي العاصمة المتهالكة ببيوتها وشوارعها وطرقها وخدماتها، وبالبؤس الذي يكسو كل زواياها كما يكسوها الغبار، ينتصب مجمع الرحمة العالمية شامخا وكأنه "جوهرة في يد فحام"، ذلك المجمع الذي شيدته جمعية الرحمة العالمية بأموال وتبرعات أهل الخير والمحسنين، لينتهي صرحاً عظيماً يضم مدرسة لجميع المراحل التعليمية تحوي في صفوفها قرابة الأربعمئة طالب من الأيتام، ومستشفى عاماً يعد من الأكثر تطوراً في جيبوتي إن لم يكن الأكثر تطورا، أنشئ ليقدم خدماته للجمهور برسوم زهيدة، وذلك لضمان استمرار عمله، والعديد من الورش المهنية والخدمات الأخرى.

مجمع الرحمة العالمية صرح خيري متكامل يشيد بفضله أهل جيبوتي قاطبة، ويشكر جهوده على الدوام رئيسها وحكومتها، ويفتخر به أعضاء السلك الدبلوماسي في سفارة الكويت هناك، وهي التي افتتحت في جيبوتي مؤخرا، ليجد سفيرها وزملاؤه أن سمعة الكويت الطيبة قد سبقتهم لفضل وتميز الخدمات التي يقدمها هذا المجمع لأهل جيبوتي.

هذا الصرح الذي شاهدته عياناً، وزرته وتجولت في أروقته ولمست أنشطته بنفسي، ليس سوى وجه رائع واحد من وجوه الخير التي تقوم بها جمعية الرحمة العالمية في ذلك المكان الفقير من الأرض وفي أماكن أخرى متفرقة حول العالم.

الأعمال التي تقوم بها جمعية الرحمة العالمية، ومعها الكثير من أخواتها جمعيات العمل الخيري في الخليج والكويت على وجه التحديد، أعمال جبارة تستحق الفخر وتستلزم الدعم والإشادة المستمرة، خصوصا في ظل ما يتعرض له العمل الخيري عموما من تشكيك وهجوم غير موضوعي في الكثير من جوانبه، فشكراً جزيلاً للقائمين عليه، ولا يشكر الله من لا يشكر الناس.

أسأل الله أن يوفق القائمين على هذه الأعمال الخيرية وأن يجزل لهم المثوبة، وأن يجزي أهل الخير والمحسنين أفضل الجزاء بما يقدمونه، وأن يثبتنا جميعاً على دروب الخير كل وفق طاقته واستطاعته، وأن يحمينا من شرور أنفسنا أولاً وأخيراً.