استثمر المخرج عبدالعزيز النصار العلاقة بين فضاء اللعب والفرجة في عرض «حنظلكم واحد» لفرقة مسرح الشباب.

Ad

اختتمت الكويت عروض المسابقة الرسمية لمهرجان الخليج المسرحي العاشر للشباب أمس الأول، من خلال «حنظلكم واحد» لمسرح الشباب، عن نص الكاتب السوري الراحل سعدالله ونوس وإعداد وإخراج عبدالعزيز النصار.

مؤلف النص سعدالله ونوس (1941 -1997) هو أول عربي قام بكتابة الرسالة السنوية في اليوم العالمي للمسرح، في 27 مارس 1996، وله العديد من النصوص المسرحية التي قدمها الكثيرون في عالمنا العربي منها: «الفيل يا ملك الزمان»، «مغامرة رأس المملوك جابر» (قدمتها فرقة المسرح الشعبي في الكويت)، «سهرة مع أبي خليل القباني»، «طقوس الإشارات والتحولات» (قدمها المخرج سليمان البسام في فرنسا)، «مأساة بائع الدبس»، أما «رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة» التي اقتبس فكرتها ونوس عام 1978 عن نص الكاتب المسرحي والروائي الألماني بيتر فايس «كيف تخلص السيد موكينبوت من آلامه» عام 1968، فقد قدمها المخرج القدير فؤاد الشطي في الكويت على مسرح الدسمة ثم في مهرجان بغداد المسرحي عام 1985 وحصلت المسرحية على جائزة الإبداع الكبرى.

نأتي إلى العرض الذي قدمه المخرج النصار فهو يتناول «حنظلة» الشخصية السلبية الخانعة، يتم القبض عليه في البداية أثناء مروره بأحد الشوارع، دون أي تهمة تذكر، لكنه يدفع مجبراً ماله الذي ادخره منذ أعوام عديدة كرشوة ليخرج من زنزانته، وينتقل بلهفة وشوق متجهاً إلى البيت لملاقاة زوجته الحبيبة، فتصده وترفضه بعد أن حولت عش الزوجية إلى مكان لممارسة الرذيلة، ويسير نحو مقر عمله في بنك الازدهار والسعادة ليجد نفسه مفصولاً منه، يلجأ إلى الدجل ولا مفر من هذا الواقع المرير، ومن ثم يستسلم «حنظلة» للقدر بعدم مقاومة الأمر الواقع والسلطة الفاسدة.

معد نص قام باستبدال شخصية «حرفوش» في نص ونوس بالكورس الذي شارك في كل التابلوهات، ووظف مقولة «ما شوف شي ما اسمع شي ولا أنطق بشيء» المقتبسة من أحد أعمال الرائد المسرحي المخرج صقر الرشود توظيفا موفقا.

وعلى صعيد تصميم الأزياء فهي لم ترمز إلى زمن معين، وتميز زي السلطة الفاسدة باللون الأسود كإسقاطات لتيارات وفئات متنوعة من العالم السلطوي، أما زي شخصية حنظلة فهو باللون الرمادي دلالة على عدم مقدرته على اتخاذ رأي أي أنه مسيّر، ويحسب لمصمم الديكور أنه جاء بعيداً عن أي عنصر واقعي، وجاءت الإضاءة في قتامتها موفقة كدلالة على الفساد قد استشرى في كل مكان.

الممثل هو العنصر الهام في هذا العرض المسرحي، حيث استخدم المخرج مقابل فضاء الصراع الدرامي، الفضاء اللعبي ويكمن في التشكيلات الحركية، من خلال أداء الممثل وحركة جسده في الفراغ، مستثمراً العلاقة بين فضاء اللعب والفرجة.

وقد حافظ المخرج على إيقاع العرض من خلال الصور البصرية والتشكيلات الجماعية، بيد أن الإيقاع قد هبط منه أثناء الاستعانة بـ(النهام)، وكان باستطاعته حذفه من العرض لأنه ترك عنصراً مباشراً يدل على ما يرمي إليه بزيه الشعبي، الدشداشة والغترة.

كما حقق التغريب عبر التقنيات التي كسرت الإيهام، فالعلاقة الأحادية بين الممثل والشخصية تم كسرها إذ لعب عدة شخصيات مثل ما قدمه خالد السجاري وموسى كاظم وسعاد الحسيني.

ومن أفضل التابلوهات هو تشكيل السفينة البشرية مع استخدام الشمسيات كمجاديف التي يقودها ربان فاسد دلالة على السلطة الفاسدة التي يمكن تفسيرها أنها الإدارة الفاسدة، ويجب الثورة عليها فالأمل موجود بتخليص الجسم من هذا الدنس.

«حنظلكم واحد» قدم سينوغرافيا بصرية رائعة معتمداً على الممثلين كأهم عنصر من عناصره، تحية لمسرح الشباب وفريق العمل على هذا الجهد الذي يستحق كل مفردات الإشادة.