ما دامت خيارات النظام السوري للخروج من هذا المأزق هي، كما قال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد: إمَّا حل سياسي وفقاً لما عرضه بشار الأسد في خطابه الشهير في السادس من يناير (كانون الثاني) الماضي أو الاستمرار في محاربة "الإرهاب" "فلدينا جيشٌ قوي ودولة قوية" فإن هذا يعني أن هذا النظام مصرٌّ على خيار الحرب، لأنه يعرف أنه من غير الممكن أن تقبل المعارضة ما عرضه الأسد، لأن ما عرضه هو استسلام هذه المعارضة بدون قيد ولا شرط.
وحقيقة أن هذا الذي قاله فيصل المقداد يشير إلى أنَّ هذا النظام قد أصبح في ورطة فعلية فهو يطرح حلولاً سياسية لا هي معقولة ولا هي مقبولة، ومنها هذا الحل المشار إليه آنفاً الذي طرحه بشار الأسد في خطاب يناير (كانون الثاني) الماضي والذي عرض فيه التفاوض مع المعارضة، التي وصفها في هذا الخطاب ذاته بأنها "عصابات مسلحة تأتمر بأمر الخارج"، على أساس إلقاء السلاح والتسليم بشروطه التي أهمها بقاؤه في السلطة وعدم تنحِّيه.ولعل ما يؤكد أن بشار الأسد ونظامه قد أصبحا في مأزق فعلي من الصعب الخروج منه من خلال التسويات والحلول السياسية أن فيصل المقداد هذا قد لجأ، لإخافة من يعتبرهم أعداءً، إلى تهديد الولايات المتحدة بهجمات إرهابية كهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 الشهيرة وإلى التحذير من أن "المقاتلين الإسلاميين" سينشرون نار الإرهاب في أنحاء العالم إذا استمرت أميركا في دعمها للمعارضين السوريين المسلحين!والمعروف أن هذا ما فعله نظام صدام حسين الذي عندما دارت الدوائر عليه، كما يقال، وعندما تأكد من اقتراب لحظة دفع الحسابات التي كان يهدده بها الغرب والولايات المتحدة لم يجد ما يفعله سوى التهديدات الفارغة والقول إنَّ المصالح الأميركية في العالم كله سوف تصبح أهدافاً للإسلاميين ولـ"الأحرار"، وعندما وقعت الواقعة وبدأ هجوم النهاية لم يكن هناك في الكرة الأرضية كلها إلا تفجير قنبلة صغيرة من صنع محليٍّ في أحد شوارع "أثينا" الخلفية أعلنت مسؤوليتها عنه منظمة مغمورة وهمية.والخوف، وهذا وارد في ضوء هذا المأزق، أن يلجأ نظام دمشق إلى الأسلحة الكيماوية، التي لجأ إلى استخدامها صدام حسين ضد الأكراد في مذبحة "حلبجة" الكارثية الشهيرة، وألا يكتفي باستخدامها ضد الشعب السوري والمعارضة السورية، وفقاً لتقصِّيات الاستخبارات الغربية والتقصِّيات الأميركية، بل سيذهب إلى أبعد من هذا باستخدامها ضد الدول المجاورة بحجة تحولها إلى مراكز لإطاحة بشار الأسد وإلى قواعد للمعارضة السورية، والحقيقة أنَّ تجارب التاريخ تؤكد أن أنظمة كهذه لا تتورع عن القيام بما هو غير متوقع وغير معقول وأن رؤساء وقادة كهؤلاء لا يترددون في استخدام أكثر الأسلحة خطورة عندما تصبح الآفاق أمامهم مسدودة ومغلقة.إنه غير مستبعد ولا مستغرب أن نسمع ذات يوم قريب هذه الزمر الداخلية والخارجية التابعة والمؤيدة لهذا النظام الذي بات يغرق في دماء شعبه حتى العنق تهتف :بـ"الكيماوي" يا بشار فهذا ما كان فعله "الصَّداميون" الذين كانوا لا يعرفون حقائق الأمور والذين كانوا يعيشون في الأوهام على "الهوامش" والذين، كما هو معروف، قد سارعوا إلى الفرار بجلودهم عندما حانت لحظة الامتحان وبدأت الدبابات الأميركية تزحف على بغداد العظيمة كما زحفت عليها جحافل البرابرة المغول في لحظة تاريخية كانت أيضاً مريضة!
أخر كلام
بـ«الكيماوي» يا بشار!
29-04-2013