فجر يوم جديد: «نظرية عمتي»... البليدة!

نشر في 19-08-2013
آخر تحديث 19-08-2013 | 00:01
 مجدي الطيب لا ينبغي لأحد؛ خصوصاً النقاد، أن يلقوا باللائمة على الجمهور المصري لأنه سجل استياءه من فيلم {نظرية عمتي}، الذي عُرض في موسم عيد الفطر المبارك، وأعلن عن هذا بوضوح من خلال شباك التذاكر، الذي أسفر عن احتلال الفيلم ذيل قائمة الإيرادات في ما يُشبه الصدمة لأسرة الفيلم، لكنها لم تكن كذلك بالنسبة إلي!

شاهدت {نظرية عمتي} في عرض خاص، وأتصور أن أزمة الفيلم الحقيقية تكمن في النص الذي كتبه عمر طاهر، الذي كتب للسينما المصرية سابقاً سيناريو وحوار فيلمي {طير إنت} (2009) و{عمليات خاصة} (2007). لكنه آثر أن يكتب {نظرية عمتي} بكثير من الحذلقة، والثقة التي تصل إلى حد التعالي والغرور، الأمر الذي أدى إلى سطحية ملحوظة في صياغة السيناريو والحوار، ووفرة هائلة في الشخصيات الدرامية الرئيسة المكتوبة بإهمال وركاكة، وتلك الزائدة التي لا تضيف إلى الأحداث، ولا مبرر لوجودها (عاشقة البطل/ مساعدة الطبيبة/ صديقة البطلة/ البواب). كذلك وقع الكاتب في مأزق فادح بعدما قام بإلهاء المتابع بتفاصيل سقطت من الذاكرة، ولم يستثمرها في ما بعد (البطل يُوقع عقداً للسفر إلى دبي وتقديم البرامج هناك ولا شيء بعد ذلك!).

الثقة التي انقلبت إلى تعال وغرور، تمثلت في قيام الكاتب بوضع يديه على مقاطع رئيسة في فيلم {البحث عن فضيحة} (1973)، من إخراج نيازي مصطفى، تحديداً  المشاهد التي كتبها فاروق صبري، وينصح فيها الأخير صديقه عادل إمام بألا يستسلم لنزواته العاطفية، وإلا تحول إلى ضحية، واستلهمها طاهر من دون الإشارة إلى المصدر، لينسج منها مشاهد كاملة تُحذر فيها الطبيبة (لبلبة) مريضتها (حورية فرغلي) من مصير ضحاياها. وبينما تميز أسلوب فاروق صبري بخفة الظل والرشاقة والحيوية، اكتست المشاهد التي كتبها عمر طاهر بالفتور والسذاجة والسطحية والبلادة، ومن ثم لم تبعث على البهجة، ولم تفجر كوميديا من أي نوع!

غياب الشكل والأسلوبية لم يكن مقصوراً على الكاتب عمر طاهر، بل يتحمل المخرج أكرم فريد جانباً كبيراً من المسؤولية، باستسلامه غير المفهوم للنص الذي اتسم بإبداع كسيح وتكرار عقيم واختياره غير الصائب لممثلة (حورية فرغلي) لم يسبق لها الاقتراب من اللون الكوميدي، بل يمكن القول إن تكوينها الذهني والجسدي لا يؤهلها للتعامل مع هذا اللون!

يتحمل المخرج أيضاً، مع فنان المونتاج معتز الكاتب، مسؤولية عدم التخلص من الشخصيات الهامشية التي أثقلت كاهل الفيلم، ولم تدفع الأحداث خطوة إلى الإمام، وما ترتب على هذا من وجود حفنة من الممثلين غير المؤثرين، ممن خصموا من رصيد الفيلم، وقللوا من إيجابياته، وهو ما انطبق على: إيناس كامل، تتيانا ويوسف عيد. بل إن الأمر تجاوزهم إلى حسن حسني، الذي جسَّد دور {الأب}، وبدد كثيراً من إمكاناته المعروفة، وهو يُجسد شخصية هزيلة لم تُكتب بإحكام، ولم تُراع الدقة في رسم تفاصيلها. أما توجيه {الشكر الخاص} إلى الراقصة سما المصري في عناوين الفيلم، على رغم ظهورها المتهافت والمبتذل في المشاهد الأولى، فيمثل سقطة مدوية تُضاف إلى سقطات الفيلم الفنية!

في هذا المناخ المُلبد بالاضطراب الدرامي، الذي لجأ المخرج خلاله إلى استنساخ {التوليفة السبكية}، وإن أظهر تميزاً في لغته السينمائية (مشهد استعراض محل المجوهرات عبر اختيار زوايا الكاميرا (إيهاب محمد علي) وقطعات المونتاج (معتز الكاتب) ودوران الكاميرا في مشهد المواجهة بين الأب وابنته والطبيبة). اجتهد الممثل حسن الرداد في تقديم نفسه كممثل كوميدي، بعد تجربته الناجحة في فيلم {الآنسة مامي}، وجرأته في تقديم أكثر من شخصية، على رأسها شخصية أمين الشرطة، الذي يستغل موقعه للتحرش بالفتيات والسيدات، وشخصية الثري العراقي في المشهد الذي تم إفساده بإضافة عبارة {كبيرة عليك يا جمال} بتوقيع حركة {كفاية} ثم قول حورية فرغلي برعونة: {آسفين يا ريس}؛ فالزمان والمكان لا يستوعبان مثل هذه المزايدات والمبالغات!

فيلم {نظرية عمتي} أريد له أن ينتمي إلى اللون الكوميدي لكنه خرج كالقطار، عن مساره نتيجة لمواقف سخيفة، و{إفيهات} غليظة (إقدام نجم كرة القدم على تعرية حكم المباراة من لباسه الداخلي لإظهار أنه مشجع للفريق المنافس، ومباهاة العروس بخيانتها لزوجها العاجز وإنجابها طفلاً أبيض وآخر أسود). وجاءت أغنية النهاية لتجهض التجربة بأكملها بكلماتها المبتذلة التي تقول: {بحبك يا سارة حب الخرمان للسيجارة... حب الأسمنت للشيكارة... حب النقاش للمحارة... حب البواب للعمارة... حب النجار للنشارة}... ويا حسرة على الإبداع!

back to top