يا سادة... اتفقوا وإلا!

نشر في 03-02-2013
آخر تحديث 03-02-2013 | 00:01
No Image Caption
 د. ساجد العبدلي كحال كل صراع سياسي في أي مكان في الدنيا، يكون العناد سيد الموقف في البدايات، ويكون الإصرار على كسر عظم الطرف الآخر، وعدم إعطاء أي فرصة للحوار معه، بل حتى للاستماع إليه، ومع مضي الوقت وحتى لو اكتشف أي طرف من الأطراف أنه كان على خطأ، فإنه تأخذه العزة بالإثم ويستمر عاضا بالنواجذ على موقفه.

أعتقد أن أغلب المتابعين للمشهد السياسي باتوا يشعرون اليوم بأن جميع الأطراف المؤثرة قد أصبحت في موقف صعب، بل في مأزق حرج، وأن سائر هذه الأطراف لا تدري ماذا يجب عليها أن تفعل في المرحلة القادمة، اللهم إلا أن تظل متشبثة بموقفها حتى مع إدراكها أنه لم يأخذها إلى أي مكان مفيد طوال الفترة الماضية في حقيقة الأمر.

كحال كل صراع سياسي في أي مكان في الدنيا، يكون العناد سيد الموقف في البدايات، ويكون الإصرار على كسر عظم الطرف الآخر، وعدم إعطاء أي فرصة للحوار معه، بل حتى للاستماع إليه، ومع مضي الوقت وتتابع الأحداث وتوالي الجراحات والإصابات وتشابك الخيوط بطبيعة الحال، وحتى لو اكتشف أي طرف من الأطراف أنه كان على خطأ بشكل من الأشكال في هذا الجانب أو ذاك خلال الفترة السابقة، فإنه تأخذه العزة بالإثم ويستمر عاضا بالنواجذ على موقفه، لأن كل الأطراف ترى أن الاعتراف بالخطأ في مثل هذه الظروف سيكون بمنزلة هزيمة، أو تسجيل نقطة لمصلحة الطرف الآخر على أقل تقدير، مما قد يخسرها قاعدتها الجماهيرية.

نحن اليوم في هذا المأزق بكل بساطة، فالسلطة تؤمن بأنها الطرف الأقوى والمنتصر حتى هذه اللحظة، وهو إيمان خطأ إلى حد كبير في تقديري، ولذلك تستمر مصرة على مواقفها، بل صارت تمعن في ممارسة القسوة ضد معارضيها، وفي الكفة الأخرى فإن فئات المعارضة، على مختلفها، تستمر في اجترار ذات الخطوات السابقة لإبداء معارضتها، بالرغم من أن الواقع أثبت أنها لم تتحرك بأي شيء إلى الأمام تجاه تحقيق أي هدف، من الأهداف المعلنة وغير المعلنة، بشكل مرض أو مقنع.

وقائع التاريخ في الشرق والغرب علمتنا أنه عندما يحصل مثل هذا في أي مكان في العالم، ويطول الأمر، فإنه سرعان ما ستظهر جماعة، أو ربما جماعات، لا تنتسب إلى أي طرف من الأطراف المباشرة، بل أحيانا لا تعترف بها جميعا، فتقوم بتفجير الموقف عبر تحركات خارجة عن الحسبان، قد يكون منها ما هو عنيف جدا ودموي، وذلك كردة فعل بإمكاننا أن نسميها "مجنونة" تجاه جمود الموقف السياسي وفشل الأطراف المتنازعة في الوصول إلى نقاط اتفاق، أو أرضية مشتركة يقوم عليها حوار بناء يجعل الناس تشعر بوجود أمل يلوح في الأفق، فتقطع الطريق على مثل هذه الانفعالات والاندفاعات المجنونة.

أدعو الله ألا أرى بلدي يصل إلى هذه الحال في أي وقت من الأوقات، ولكنني في ذات الوقت أؤمن بأن صوت العقل إن استمر في غيابه وإذا استمرت الأطراف بالتباعد عن بعضها بعضاً ولم تتفق على صيغة موضوعية للحوار لإخراج البلاد من واقعها المشلول بل من تدهورها المستمر، فإنه لا عاصم لنا من أن نجد أنفسنا أمام هذه الجماعات.

لا أتمنى أن أرانا هناك أبدا، وإن كنت واثقا حينها أنه ستذعن كل الأطراف وستجد نفسها وقد أتت راغمة للجلوس على طاولة الحوار!

back to top