مشرف مكتب رسالة الأزهر د. أسامة الأزهري لـ الجريدة•: التطرف حوَّل صورة المسلمين من التحضر إلى التناحر

نشر في 20-07-2013 | 00:01
آخر تحديث 20-07-2013 | 00:01
أكد الدكتور أسامة الأزهري المشرف على مكتب رسالة الأزهر، والمتخصص في علوم الحديث، أن الخطاب الديني المتسلط أبعد ما يكون عن مقاصد الشريعة الإسلامية، وحدّد في حواره مع «الجريدة» صفات المتطرفين من بينها غياب الفهم وشدّة الاجتهاد في الطاعة، معتبراً أن الأزهر الشريف صمام أمان وأن غياب منهجه يعدّ فرصة لظهور التيارات التكفيرية التي تُعدّ أحد أوجه التطرف.
كيف ترى المشهد في العالم الإسلامي في هذه المرحلة عموماً؟

 المشهد مضطرب، وفيه فوضى عارمة، ويمرّ بفترة تحوّلات عميقة، حيث انقسم السودان، وشهدت سورية هذه الحالة المأساوية التي تحتاج إلى عقود حتى تندمل جراحها، وتمر مصر بهذه الحالة المحتقنة، التي يلوح فيها خطر في سد النهضة الإثيوبي، مع قلق عميق على الوضع في سيناء، مع وضع اقتصادي عصيب، وحالة سياسية مرتبكة، مع الحالة المزمنة في العراق وفلسطين، والمخاطر المحدقة مثلا في مالي، حيث يهدد الفكر التكفيري هناك بحرق مكتبات تنبكتو، التي تضم 700 ألف مخطوط، مع الجماعات المتطرفة بوكو حرام في نيجيريا، إلى غير ذلك من البؤر الملتهبة، كل ذلك مع التخلف الاقتصادي. وانعدام البحث العلمي، وامتهان الإنسان، ما جعل صورة العالم الإسلامي أمام العالم في غاية السوء، فتحولت الأمة المحمدية الهادية، من أمة علم، ورحمة للإنسانية، وصناعة للحضارة، وشغف بالبحث العلمي في مجالات المعرفة كافة، ونهوض بالجوهر الأخلاقي في العالم، إلى أمة مغرقة في التخلف والتناحر، والتدافع العنيف، وعدم القدرة على بناء دول ومؤسسات مستقرة، مما يضطر دول العالم إلى التدخّل لإدارة شؤوننا، بعد عجزنا عن ذلك.

وما هي انعكاسات المشهد هذا؟

يشغلني أمران: أولهما أثر هذه الحالة على نفسية الإنسان المسلم والعربي، حيث ينعكس هذا المشهد عليه بضغوط نفسية، وشعور بالانهزام والعجز، والإحباط، واليأس، فيقع ضحية أطيافٍ متصارعة، ما يزلزل بناءه النفسي والأخلاقي والعقدي، فتظهر تيارات الإلحاد من ناحية، وتيارات التطرف الديني والتكفيري من ناحية أخرى، ويساهم كل من هذين التيارين في استفحال الأمور.

ما أبحث عنه في الحقيقة وسط هذا التخبط هو الرحمة بالإنسان، والتمعّن في إجراءات تساهم في رفع تلك الضغوط النفسية الهائلة عنه، لأنّ الشرع الشريف علمنا أن قيمة الإنسان وكرامته وراحته وسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة فوق أي اعتبار.

الأمر الثاني الذي نلحظه هو غياب المقاصد الشرعية تماما، وزيادة انهيار لصورة الإسلام والمسلمين أمام العالم، وتخلّي الأمة عن مهمّة التثقيف لتقديم نموذج رفيع عن حضارة قوامها احترام الإنسان، غبر تشجيع العلوم المستنيرة بالوحي الشريف.

في ظل هذا الجو المكفهر والملبد بالغيوم تلوح عدة أضواء تلوح في الظلمات، وهي متمثلة بالعقول والخبرات والكفاءات النادرة في التخصصات المعرفية المختلفة. هؤلاء هم ضمير الأمة، وصوت العقل فيها. هذا طبعاً مع وجود الثروات الطائلة، وقابلية هذه الشعوب للصبر والتحمل وإعادة البناء، فبدون القيادة الحكيمة، وعلم الادارة تتبعثر الإمكانيات والخبرات.

 أيهما الغالب في العالم الإسلامي، التطرّف أم التسامح؟

السمة الغالبة على المشهد الآن في الحقيقة هي الاضطراب، والضبابية، واختلاط الأمور، والتعقيد والالتباس، مما يجعل الناس عموماً في حالة من الحيرة، والشعور بالعدمية والضياع، ما يبدّد يقين الإنسان، ويجعل همته وأمله في الحضيض. ولا شكّ في أنّ هذا الجو يمثل بيئة خصبة لصعود تيارات دينية متطرفة، وصور من الخطاب الديني المتسلط، والصادم، والمهين، والجارح، والفاقد للأخلاق، والعاري تماما عن مقاصد الشريعة وغاياتها وسموها ونُبْلِها، أما الخطاب الديني الحق، فإنه خطاب ربانيٌّ محمديٌّ أخلاقيٌّ رحيم، يملأ القلوب سكينة، وتنحسر به عن النفوس موجات الحقد والغضب والأهواء المتصارعة، ويُذَكِّر بالمقاصد العليا.

ولا تزال المعاقل العلمية الكبرى في العالم بخير، كالأزهر الشريف، وما يشبهه من المدارس العلمية العريقة، المنتشرة في المشرق والمغرب، والتي هي في جوهرها مناهج منضبطة في فهم الدين، تفهم عن الله مراده، وتحفظ الفهم الإنساني من التطرف، وتنور آفاقه وعقله بمسالك الفهم. 

التطرف وتصنيفاته

ما هي أنواع التطرف، وكيف يمكن تصنيفها؟

التطرف انحراف خطير في مشاعر الإنسان وقناعاته ونظرياته وأفكاره، يخرج به الإنسان عن حدِّ الإنسانية الكاملة الراقية، ليتحول إلى طاقة سلبية من التحامل والبغضاء والتعدي، مدعياً أنه يمتلك وحده الحقيقة المطلقة، ولا تجود نفسه بذلك على بقية الناس، ولو أنه اعتقد ذلك وكف عن الناس شره لكان أمره هيناً، لكن ذلك السياق النفسي يؤدي بالإنسان لا محالة إلى العدوان، وقد قال رسول الله  {ص}: {إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن، حتى رُئيت بهجته عليه، وكان ردئا للإسلام، غيَّره إلى ما شاء الله، فانسلخ منه، ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف، ورماه بالشرك، قال: قلت: يا نبي الله! أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي؟ قال: بل الرامي}.

فهذا التصوير النبوي الجليل لنفسية المتطرف يكشف لنا أمورا، أولها أن المتطرف شخص قرأ القرآن، ولاحت عليه بهجته وأنواره، لكن نفسيته منحرفة، فغيَّرتْ هدي القرآن، وادَّعتْ احتكار هدايته، وحرمان الغير منها، فحمله ذلك على حمل السلاح وإيذاء الغير، وهكذا يمضي التداعي النفسي بالمتطرف.

أما بالنسبة إلى أنواع التطرف وطريقة تصنيفه فهناك أنواع كثيرة، لأن التطرف هو غياب المنهج المنضبط في فهم الوحي، وعند غياب المنهج فإن النفوس تندفع عشوائيا وعلى غير هدى، كمثل سيارة فقد قائدها السيطرة عليها، فإنها تندفع به في مسارات عشوائية، ويخرج كل فرد منهم بتيار فكري غريب، ومثال ذلك في التاريخ فرقة الخوارج الذين كفّروا الصحابة، وحملوا السلاح، وفقدوا منهج الفهم المنضبط، وعند غياب المنهج فإن العقول تسترسل في التفكير من غير قواعد ضابطة، فتتولّد تيارات وأطياف كثيرة، وقد أعجبني تعليق للحافظ ابن كثير على الخوارج قال: {ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة}.

وكيف يمكن التعايش مع المذاهب المختلفة؟

عند وجود المنهج المنضبط في الفهم، تتبادل المذاهب التوقير والاحترام، ويدرك كل طيف منها ما بذله الآخر من جهد، وأمانة شديدة، في الاستنباط والفهم، فنجد الشافعي يقول: {إذا جاء الحديث فمالك هو النجم اللامع}، ويقول: {الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة}، ويقول أحمد بن حنبل عن الشافعي: {إن الشافعي كالشمس للدنيا والعافية للبدن}، وهكذا، فالتطرف يؤدي إلى العدوان والظلم، لأنه مبني على الأهواء، والعلم الصحيح الصادق يثمر احتراما للمخالف.

وبالنسبة إلى المرحلة الراهنة فإن الدراسة المتأنية تكشف عن وجود تطرفين رئيسيين: أولهما التطرف في التدين، وتحته أطياف وتيارات، وثانيهما: التطرف في رفض التدين، وتحته أطياف وتيارات، ولكل تيار مجموعة مقولات وأفكار، والكلام في تفصيل ذلك طويل جدا.

في سياق حديثنا عن التطرف نجد البعض يستند في عنفه إلى حديث «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده». هل يعد ذلك تفسيراً صحيحاً؟

لا بدُّ عند صناعة العلم من أركان ثلاثة، أولها: الأدلة ومصادر، وثانيها: المنهج المعتمد والمنضبط في فهم تلك الأدلة، وثالثها: شروط ومؤهلات شخصية، ومواهب محددة، لا بد من توفرها في الشخص الذي يقوم بذلك كله، فإذا اختلت هذه الأركان، وجاء شخص يقتحم هذه المنظومة، ويدخل إلى الوحي الشريف مباشرة، من غير أدوات الفهم ومناهجه، فإنه يخرج بفهم وتفسيرات في غاية الغرابة، ومثال ذلك شخص عامي يدخل إلى المحكمة الدستورية، ويقحم نفسه بين كبار فقهاء القانون في مناقشات وتفسيرات قانونية دقيقة جداً، فإنّ كلامه يأتي في غاية من التخبط، ويجعل أهل العلم يذهلون من النتائج التي سيخرج بها، وهي بعيدة تمام البعد عن نسق القانون ودلالاته وشروحه، والتعامل السطحي المعاصر مع الحديث النبوي الشريف الذي تفضلت بذكره نموذجاً لذلك، فإن أول شروط التفسير الصحيح هو جمع كل الآيات والأحاديث المتعلقة بتلك القضية، حتى نصل إلى التصور الكلي ونرى المسألة من كل زواياها، ومن تكلم في قضية من القضايا انطلاقا من آية واحدة أو حديث واحد، دون جمع أدلتها ومصادرها، فإنه يجعل ذلك الحديث كسمكة أخرجت من الماء، وانتزعت من سياقها، وبعد جمع الأدلة تأتي خطوة أخرى، وهي تركيب الأدلة مع بعضها، بحيث نعرف العام من الخاص، والمطلق من المقيد، والمحكم من المتشابه، ويوضع كل نص في موضعه، وبعد الجمع والتركيب خطوة ثالثة، وهي النظر في دلالات ألفاظه، ويقول الإمام الغزالي في كتاب {المستصفى} في أصول الفقه: إن باب دلالة الألفاظ هو عمدة علم الأصول، ثم بعد الجمع والتركيب والنظر في أبواب الدلالات النظر في التفسير الذي خرجنا به، هل هو محقق لمقاصد الشريعة، وهل هو متسق مع بقية الفروع والمسائل الشرعية، أم أنه فهم مصادم لعشرات المسائل والأصول الأخرى، بمثل هذه الطريقة قام الأئمة والعلماء بتشييد العلوم الشرعية، وخلاصة الكلام أن الإمام الماوردي والإمام الفراء وغيرهما يجعلان إنكار المنكر بابا واسعا، يقوم به مختصون مفوضون من الدولة في التنفيذ، موزّعون على عدد من الأجهزة الرقابية الموجودة بالفعل، كالنائب العام، والجهاز المركزي للمحاسبات، والرقابة الإدارية. هذه الهيئات وغيرها هي التي تقوم بتنفيذ إنكار المنكر، والإمام الغزالي يقول: لابد لمن يقوم بتلك المهمة من ثلاثة شروط، وهي: العلم، والورع، وحسن الخلق.

هل استخدام الدين في الصراعات السياسية نوع من التطرف؟

بل هو أخطر من ذلك، لأنه يجعل من الدين لعبة، يسعى كل طرف أن يقوي به جبهته، مما يجعل قراءته وفهمه للدين محفوفة بالأهواء المضللة، التي تسعى إلى استنطاق الدين بما يريده هو، لا بما يرشد إليه الدين بحد ذاته، فبدل أن يكون الدين معياراً وبلاغا عن الله، ومنارةً يهتدي بها المختلفون، يتحوّل إلى تابع، يتم تطويعه واستغلاله من كل طرف، فيصبح سبباً للشقاق والخلاف، ويتحوّل استغلال الدين بهذه الصورة إلى حجاب يصد الناس عن ربهم، وهناك فارق مهم بين سريان بصائر هذا الدين وأخلاقه إلى الأداء السياسي والتيارات المختلفة، بحيث تحتكم إلى معاييره عندما تختلف، وتهتدي به وهي تعمل، وبين استغلال الدين، بحيث يتحرك كل فريق ليوهم الناس أن أداءه السياسي هو عين الدين، ويجعل المعارض له، ليس فقط مختلفا في تقييم الأداء ونظام الإدارة، بل يصوره للناس على أنه خارج على الدين محارب لله ورسوله، لقد جاء هذا الدين ملهما للقيم والأخلاق، يعطي كل فصيل في المجتمع مجموعة الضوابط التي ينجح بها عملهم، وينظم أمورهم إذا اختلفوا، ويأمر بالإنصاف من النفس والاعتراف بالحق لصاحبه.

ولادة التطرف

هل التطرف وليد العصر الحديث أم ظهر مع بداية الإسلام؟

ظهرت منه نماذج فردية في عهد النبوة، حتى نرى منهج النبوة في التعامل مع تلك الظاهرة، وكيفية استيعابها، فلما أن قسم النبي {صلى الله عليه وسلم} العطايا في أصحابه، قال رجل: {اعدل فإنك لم تعدل}، فهذا تطرف شديد، وعدوان على مقام النبوة المعصوم، حتى قال النبي {صلى الله عليه وسلم}: {ألا تأمنونني وأنا أمين من في السماء}، فقال خالد بن الوليد: {ألا أضرب عنقه؟}، قال: لا، لعله أن يكون يصلي، فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم}: {إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس، ولا أشق بطونهم}، فلما انصرف الرجل ذكر النبي {صلى الله عليه وسلم} خصائص هذا الفكر المتطرف، وأن أصحابه يقرأون القرآن، فهم مجتهدون في الطاعة، ومتدينون، وقد جاء في الحديث: {تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم}، فأخطر صفاتهم هي غياب تام للفهم، رغم شدة الاجتهاد في الطاعة، فهذه النماذج المبكرة من التطرف تحتاج إلى ذلك المنهج من المعالجة، وإن أساس معالجة هؤلاء هو الحوار، وتصويب الأفكار، والمبالغة في البيان، وأن نبين للناس أن جوهر الدين ليس بالمبالغة في شعائره، بل في فهم غاياته، واستخراج ما فيه من السعة والرحمة بالخلق.

هل تعتبر التخويف الذي يمارسه بعض الدعاة عبر المنابر أو الفضائيات تطرفاً؟

قال رجل: يا رسول الله! إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها، فغضب رسول الله {ص}، غضبا ما كان في موضع أشد غضبا منه يومئذ، ثم قال: يا أيها الناس! إن منكم منفرين، فمن أمَّ الناس فليتجوز؛ فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة}، ونحن عندما نتأمل هذا التوجيه النبوي الرحيم، نرى فيه حرصا شديدا على عدم تحويل الشعائر إلى التنفير والإثقال، وقد وضع {ص} بين أيدينا مجهرا نرى به أثر أدائنا على شرائح المجتمع، وإن المستمعين الذين نخاطبهم فيهم الضعيف، والكبير، وفيهم صاحب الحاجة، إلى غير ذلك من العوارض التي تنزل بالإنسان، فيجب علينا أن نراعيها، ونضعها في عين الاعتبار، حتى إنه {ص} كان يخفف الموعظة عليهم خشية أن يسأموا، وابن مسعود يقول: {كان النبي «ص» يتخولنا بالموعظة في الآيام، كراهية السآمة علينا}، فالخطاب الديني الصادر من مشكاة النبوة شديد المراعاة للإنسان، والحرص عليه، لا يصدمه ولا ينفره، بل يتلطف به، والخروج عن هذا النسق النبوي إلى التنفير الزائد، أو الحدة والصياح خروج عن حد الاعتدال، ومجاوزة حد الاعتدال تطرف.

كيف ترى ظاهرة كثرة الدعاة على الفضائيات؟

لا تعنيني القلة ولا الكثرة، ولكني أقلق بشدة من أن يتكلم غير المؤهل، لأن تصدر غير المؤهل كارثة، وكان الإمام الغزالي يقول: {لو سكت من لا يعلم لارتفع الخلاف}، وهو أمر شبيه بأن يتصدر للطب والعلاج أشخاصٌ لم يدرسوا الطب، ولم يمارسوا المهنة ولم يتدربوا عليها، فهذا ضرر عظيم، حتى ولو كان القائم بذلك شخصاً واحدا، أما إذا قام بذلك الداعية المؤهل فإنه لا ضرر من الكثرة، لأن الخطاب الصادر منه نابع من مشكاة النبوة، ويصنع وعياً حقيقيا، ويلفت نظر الناس إلى حقائق الدين ومقاصده، وتسري من خلاله منظومة القيم إلى المجتمع، فالكثرة والقلة ليست معيارا، بل المعيار هو الكفاءة والتأهيل، والإعداد العلمي والتربوي والأخلاقي للدعاة، وأن يطمئن العلماء والهيئات العلمية المتخصصة كالأزهر الشريف مثلا إلى صلاحيته ومقدرته، وأن يكون حاصلا منهم على إجازة، والواقع الذي نعيشه اليوم، يشهد عددا هائلا من المتحدثين، وكثر منهم ليس له أي إعداد علمي، وهو مع ذلك يقتحم المجال، فلا بد أولا من الإنصاف، ثم لا بد من شيوع الوعي وثقافة التحري عند الناس في من يأخذون بكلامه، وقد قال ابن سيرين: {إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم}، ثم لا بد من قيام المؤسسات العلمية الكبرى بإجراءات كثيرة، تضمن وصول الخطاب الأصيل والرصين إلى الناس.

إلى أي مدى يساهم الفقر في صنع التطرف؟

كان النبي {ص} يعلمنا أن نستعيذ بالله من الكفر والفقر، لأن الفقر هو الأساس في هدم الإنسان وانهياره معنوياً، وفي مثل هذا الجو تشيع الخرافة، ويموت العلم، ويولد التطرف.

 كيف يمكن تعزيز روح التسامح في المجتمع؟

بالإنصاف من النفس، وسريان الأخلاق النبيلة، وقد علمنا الله تعالى في مواضع الخصومة قيمة كبيرة، وهي قوله تعالى: {ولا تنسوا الفضل بينكم}، وفي الحديث {إنكم لا تسعون الناس بأموالكم وليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق}، فلا بد من شيوع الأخلاق خصوصا عند الاختلاف.

 إلى أي مدى أثر التطرف على تقدم المسلمين وانتشار الإسلام في العالم؟

كان النبي {صلى الله عليه وسلم} شديد الحرص على الصورة الذهنية التي يرى العالم من خلالها هذا الدين، فقال: {لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه}، لأن تلك الصورة الذهنية الشائعة في العالم إما أن تكون ربانية سامية، فتكون مرآة للإسلام، وإما أن تكون مظلمة جدا، تجعل الناس تصد عن هذا الدين، والتطرف اليوم جعل العالم كله يقول إن الإسلام دين إرهاب وقتل وهمجية.

كيف ترى دور الأزهر الشريف في مواجهة التطرف؟

الأزهر الشريف هو صمام الأمان، وهو الذي ظل ألف سنة يحمل أمانة الدين، فما رأت منه الشعوب والثقافات والحضارات إلا العلم والبصيرة، وحفظ الأوطان، وإكرام الإنسان، وعند غياب منهج الأزهر تظهر التيارات التكفيرية المعاصرة، فدور الأزهر محوري ومهم جدا، وهنا نقطة مهمة جدا، وهي الأهمية البالغة لإطلاق قناة فضائية للأزهر، لأن الناس الآن في أشد الحاجة إلى الصوت الأزهري الرحيم الهادي، وقد أعلن الإمام الأكبر أن العمل في القناة يجري على قدم وساق، ولعلها تنطلق خلال أشهر بإذن الله.

ولد في الإسكندرية في يوليو 1976م، ويشغل منصب المشرف على مكتب رسالة الأزهر الشريف، المعني ببيان حقيقة المنهج الأزهري الأصيل من خلال إعادة تنشيط العقل الأزهري.

حصل على شهادة العالمية {الدكتوراه} من كلية أصول الدين بمرتبة الشرف الأولى، عام 2011، ويعدّ من أبرز العاملين على نشر الفهم المستمد من التراث ومفاتيحه، ليحتوي الواقع المعاصر، وذلك من خلال دروسه في الأزهر وخطب الجمعة، ومؤلفاته، ومحاضراته في مختلف المحافل في داخل مصر وخارجها.

من مؤلفاته:

- إحياء علوم الحديث، مقدمات منهجية، ومداخل معرفية.

- المدخل إلى أصول التفسير.

- معجم الشيوخ.

- الإحياء الكبير، لمعالم المنهج الأزهري المنير.

- أسانيد المصريين.

back to top