كان ناظراً لثانوية الشويخ عندما تعرفت عليه أول مرة، كان خلية نحل، وبذل جهداً كبيراً في إقناعنا بالتوجه إلى الولايات المتحدة لاستكمال الدراسة، وقدّم لنا الأعمال التي تحتاجها الكويت، ونتيجة لجهوده فقد اختار 67 طالباً عام 1963 الذهاب إلى الولايات المتحدة ورتّب لنا برنامجاً ينظم لأول مرة، وهو سفرنا إلى مدينة نيويورك بالبحر من ساوث هامبتون بجنوب إنكلترا.

Ad

وكانت الباخرة "سفن سيز" بمنزلة مركز تأهيل لدخول أميركا، وكان على متنها أساتذة جامعات وطلبة من كل أنحاء العالم، ولعل الزملاء كافة في تلك الرحلة يتذكرون بالشكر والثناء أستاذنا الذي نظم تلك الرحلة الرائعة. لم أر أستاذي غاضباً حتى ونحن نتعبه بمظاهراتنا في "ثانوية الشويخ"، وكان يواجه الطلبة ويحاول فض التظاهرات بالتفاهم والمرح. كان يحاول في إحدى المرات أن يثنينا عن الخروج بالمظاهرة، فصرخ طالب يمني متحمس خلفه: "لا حرية ولا استعمار"... فالتفت إليه يقول: و"ماذا تريد إذن؟"، وكدنا نلغي المظاهرة من كثرة ما ضحكنا.

وحين نافسته في مهنة الاستشارات الإدارية، ورأيته مسؤولاً في شركة "نفط الكويت"، ورأيته وزيراً للتخطيط لم أكن أرى الابتسامة تفارقه.  يتعامل مع الحياة بحب ومرح، وحين تعرف من هي زوجته، فإنك تعرف سر هذه الابتسامة وهذا المرح الذي ينمّ عن بيت سعيد، صاحب تعليق لاذع وطرفة في التعليق على أمور الحياة.  أذكر أني مازحته في اجتماع الإعداد لأحد مؤتمرات التعليم التطبيقي، وكنا مجموعة من المستشارين، وكان رئيساً للاجتماع، فاقترح أن نتخيل أنفسنا مجلس الوزراء، وأننا نعدّ برنامجاً للمستقبل، وأنه بصفته رئيساً للوزارة يطلب آراءنا واقتراحاتنا، فقلت له: "طال عمرك الرأي رأيك والشور شورك وأنت تشق واحنا نخيط"... فكانت ضحكته وتعليقاته التي يتميز بها دائماً خير بداية لذلك الاجتماع. هذا هو أستاذي سليمان عبدالرزاق المطوع، رحمه الله، وأعان عائلته وأعاننا على فراقه.