الحكومة المصرية تعرض «التصالح» على رجال أعمال مبارك

نشر في 22-02-2013 | 00:01
آخر تحديث 22-02-2013 | 00:01
تقرر رفع أسعار الطاقة 50% «دون إعلانه»

قررت الحكومة المصرية رفع أسعار بيع المازوت والغاز للمصانع نحو 50%، وذلك في إطار مساعيها لإصلاح نظام الدعم الذي يلتهم ربع ميزانية الدولة، وذلك وفقاً لما جاء بالجريدة الرسمية التي تنشر القرارات الرئاسية والحكومية بمصر.
عرضت الحكومة المصرية مسارا «للتصالح» مع رجال أعمال أدينوا غيابيا بعد فرارهم من البلاد منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك وذلك في محاولة لإغرائهم على العودة للمساعدة في احياء اقتصاد البلاد.

وغادر رجال أعمال أثرياء مصر منذ الإطاحة بمبارك في فبراير 2011 لتفادي السجن عن تعاملات شابها الفساد أثناء حكمه الذي استمر ثلاثة عقود.

وأخذوا معهم مبالغ كبيرة من الأموال تشتد حاجة الحكومة إليها الآن لإنقاذ الاقتصاد من أزمته التي نتجت عن عامين من الاضطرابات السياسية والاجتماعية.

وكان لعدد من نخبة رجال السياسة والأعمال روابط وثيقة مع أسرة مبارك وصدرت عليهم أحكام غيابية عن التربح من بيع أصول عامة أو إبرام عقود شابها الفساد مع الدولة.

ومن بينهم رجل الأعمال حسين سالم الذي أدين غيابيا في 2011 وحكم عليه بالسجن سبع سنوات وغرامة مالية تزيد على 4 مليارات دولار عن اتهامات بغسل أموال والتربح.

وقالت الحكومة المصرية في بيان إن التصالح المقترح سيؤدي الى إلغاء أحكام السجن التي صدرت بحقهم وإنهاء تجميد أصولهم.

وذكر البيان ان مجلس الوزراء وافق يوم الأربعاء على تعديل مرسوم بقانون خاص بضمانات وحوافز الاستثمار. واضاف ان التعديل يتضمن «اضافة فقرة تنص على انه في حالة صدور حكم غيابي بالإدانة يجوز اتخاذ إجراءات إعادة نظر الدعوى بناء على طلب وبحضور مدافع خاص عن المستثمر».

و»يترتب على تمام التصالح... سقوط الأمر الصادر بضبط المحكم عليه وحبسه وإنهاء منعه من التصرف في أمواله او إدارتها وانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمستثمر».

وفي السابق كان القانون يشترط أن يحضر المستثمر بنفسه الى مصر لإتمام إجراءات إعادة النظر في الدعوى الجنائية.

وقال البيان إن انقضاء الدعوى الجنائية «لا يمتد لباقي المتهمين معه في ذات الواقعة ولا يستفيدون منه».

وقال المحامي التجاري أشرف الشاذلي «هذا يعني أن اولئك الذين صدرت عليهم احكام قضائية نهائية وفروا الى الخارج يمكنهم الدخول في عملية التصالح واعادة الاموال... دون ان يتعرضوا للمحاكمة او يلقى بهم في السجن».

وأضاف قائلا «الدافع الى هذا هو حاجة ماسة الى الأموال... هم (الحكومة) يريدون تشجيع هؤلاء الاشخاص على العودة واعادة تنشيط الاقتصاد».

وقال المحلل السياسي اليجاه زروان المقيم في القاهرة ان محاولة الحكومة لاغراء رجال الاعمال الذين يعيشون في المنفى على العودة الى البلاد «تأتي من منطلق الضرورة الاقتصادية -بالنظر الى الحالة المزرية لمالية البلاد- وايضا الضرورة السياسية وهي الخشية من ان رجال الاعمال الاثرياء الذين كانوا قريبين من النظام القديم ربما يعملون على إذكاء المشاكل في الداخل».

من جانب آخر، قررت الحكومة المصرية رفع أسعار بيع المازوت والغاز للمصانع بما يعادل نحو 50%، وذلك في إطار مساعي حكومة الدكتور هشام قنديل لإصلاح نظام الدعم الذي يلتهم ربع ميزانية الدولة، وذلك وفقاً لما جاء بالجريدة الرسمية التي تنشر القرارات الرئاسية والحكومية بمصر.

ووفقا للأسعار الجديدة التي لم تعلنها الحكومة، فقد رفعت سعر بيع المازوت من 1000 إلى 1500 جنيه للطن، كما رفعت سعر بيع الغاز الطبيعي المحلي لمصانع الأسمنت ومصانع الطوب من 4 إلى 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مع مراجعة أسعار المازوت سنويا لمدة ثلاث سنوات لتصل تدريجيا إلى سعر التكلفة. ويبدأ العمل بهذا القرار الصادر في 14 فبراير الجاري من اليوم التالي لتاريخ صدوره.

وقال نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، محسن عادل، في تصريحات خاصة لـ «العربية نت»، إن فرص نجاح هذه الاجراءات رغم اثرها الايجابي علي تخفيض عجز الموازنة وقيمة الدعم الا انها ترتبط دوما بقدرتها علي عدم زيادة معدلات التضخم المحلي وهو امر معقد في العديد من جوانبه.

وأوضح أنه من الضروري دراسة مثل هذه القرارات قبل تنفيذها حتى لا يتحمل الجميع تبعاتها، مشيرا إلى أن التأثير السلبي على المناخ العام للاستثمار والتكلفة النهائية للمنتجات الصناعية والتي ستدفع المصنعين والمنتجين لإعادة النظر في حساب تكلفتهم النهائية للسلع بعد أن اطمأنوا خلال الفترة الأخيرة لتحسن مناخ الاستثمار لصدور العديد من القرارات المدروسة.

وأكد ان الإجراء الحكومي جاء ليحدث نوعا من التوازن في السوق، وكذلك ليعيد توظيف المبالغ المنفقة على الدعم المقدم لصالح قطاعات أخرى في حاجةٍ لهذه المبالغ الكبيرة التي قدمت لتلك الصناعات خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أنه لأول مرة تفصح جهة حكومية عن خطة تسعيرية مستقبلية تتميز بالتدرج في التطبيق بما يعطي الفرصة للمصانع لتكييف أوضاعها ورسم سياستها المستقبلية أيضا.

وطالب عادل الحكومة باللجوء الى تقليص الانفاق الحكومي في بعض القطاعات بهدف توفير بعض السيولة التي تساعد في سد العجز كبديل لرفع دعم الطاقة على الصناعات، مشيرا إلى أننا نحتاج في ظل الظروف الراهنة إلى اجراءات لزيادة الانتاج والصناعة وتخفيض الاسعار النهائية للمستهلكين وزيادة الاقبال عليها لزيادة الحراك الاقتصادي وهو ما يولد فائضا لسد العجز.

وأشار إلى أن الغاء دعم الطاقة سيخفف العبء على ميزانية الحكومة وسيساعد على تقليل العجز المالى لمعدل الناتج المحلى الإجمالي. ومع ذلك، فإن القلق بشأن ارتفاع الأسعار موجود. وأوضح أن المصانع قليلة الاستهلاك للطاقة لن يضيرها أو يؤثر في أرباحها بشكل كبير إلغاء أو تقليل الدعم الموجه إليها، مؤكدا أن بعض الشركات التي تعمل في تصنيع الأجهزة المعمرة وشركات الغزل والنسيج والسجاد، فتمثل الطاقة نحو 3% من إجمالي التكلفة الا انه فى حال رفع الدعم ستتأثر الشركات المستخدمة للطاقة بكثافة بشكل سلبي مثل شركات قطاع البتروكيماويات والاسمدة والحديد والاسمنت وأعرب عن تخوفه أن تقوم الشركات المتأثرة بالقرار بنقل الأعباء الناتجة عن ذلك إلى المستهلك، متوقعاً أن تتأثر أرباح الشركات بهذا القرار.

وطالب بضرورة وضع برنامج زمني محدد مع الالتزام به، لإلغاء دعم الطاقة الموجه للشركات والمصانع على ان تتم الزيادة تدريجيا، مع التأكيد على ان الاموال الفائضة نتيجة لذلك يجب ربطها بأهداف اجتماعية أو اقتصادية قابلة للقياس كنسبة القيمة المضافة محليا وحجم العمالة أو تطبيق مبادئ الادارة الرشيدة أو توفر مؤشرات مالية محددة تؤكد توفر قدر من الجدية وفرص النجاح للشركات التي يتم دعمها مستقبلا.

وشدد على ضرورة دراسة تأثيرات قرار رفع دعم الطاقة عن مشروعات إنتاج الحديد والأسمنت والأسمدة والسيراميك بشكل جدي قبل تطبيقه حيث تشير التوقعات الى وجود تأثيرات هذا القرار على ارباح الشركات سلباً في حال تطبيقه، موضحا انه في حال تطبيق القرار سيؤثر ذلك على حجم الاستثمارات الأجنبية القادمة كما سيمتد تأثيرها على الاستثمارات المحلية في تلك القطاعات وهو امر يستدعي تدرجا في التطبيق وطرح بدائل جديدة للتنفيذ، لافتا الى عدم تأثر البورصة المصرية بتلك الامور.

وكشف عادل ان القطاع الصناعي يعاني العديد من المشاكل على رأسها ارتفاع اسعار المواد الخام والتضخم العالمي فضلا عن الارتفاع في مواد الطاقة اللازمة للتصنيع ما يؤدي الى ارتفاع تكلفة الانتاج وبالتالي سيرتفع السعر النهائي ويتحمله المواطن وهو مايشكل عبئا على الاسرة المصرية خاصة مع الارتفاع الحاد في التضخم واسعار المواد الغذائية الاساسية.

(رويترز والعربية نت)

back to top