رامز جلال ممثل شاب بريء الطلة، ورث عن أجداده المصريين خفة الظل وسرعة البديهة وفراسة {الفلاح الفصيح}، ونظراً إلى نشأته في كنف عائلة فنية؛ حيث امتهن والده جلال توفيق الإخراج المسرحي، واحترف شقيقه ياسر جلال التمثيل، اتجه بدوره إلى المشاركة في عدد من الأعمال الفنية التي بدأها بأدوار {السنيد} أو {صديق البطل}؛ مثلما فعل مع أحمد حلمي في فيلم {ميدو مشاكل}، {حبك نار} مع مصطفى قمر، الباشا تلميذ} مع كريم عبد العزيز، و}غاوي حب} مع المطرب محمد فؤاد.

Ad

أصبح رامز، مع إطلالة عام 2005، القاسم المشترك لعدد من الأفلام السينمائية التي تعتمد على البطولة الجماعية؛ مثل {عيال حبيبة} و{أحلام عمرنا}، لكن طاقة القدر انفتحت أمامه عام 2007 عندما أعجب به أحد المنتجين، ولفرط حماسته أسند إليه البطولة المطلقة في فيلم بعنوان {أحلام الفتى الطايش}، ولحظتها أدرك رامز أنه ولج منطقة مغايرة لا يمكن الرجوع بعدها إلى مرحلة {السنيد}، ومن ثم كانت تجربته في فيلم {شبه منحرف} نقطة الانطلاق لتجربة أكثر أهمية على صعيدي الفكر والشكل، في فيلم {حد سامع حاجة} الذي أكد من خلاله أنه يملك الإمكانات والمقومات التي تجعل منه ممثلاً صاحب أسلوب خاص، اختير العام الماضي لبطولة فيلم {غش الزوجية} الذي شاركته بطولته إيمي سمير غانم، لكن الفيلم عانى مشاكل في اللغة والرؤية كانت سبباً في عدم تحقيق النجاح الجماهيري المأمول!

توقع كثيرون أن يصقل رامز جلال موهبته أكثر فأكثر، وأن يعكف على تحليل ودراسة الأسباب التي تحول دون انطلاقه كممثل يستطيع أن يتبوأ المكانة اللائقة بموهبته وخفة ظله، لكن يبدو أنه اختار التفكير بأسلوب آخر؛ حيث ركز جل اهتمامه على تقديم برامج {المقالب}، التي بدأها عام 2011 بـ {رامز قلب الأسد} ثم أتبعه بـ{رامز ثعلب الصحراء} (2012). ومع حلول رمضان هذا العام قدم {رامز عنخ آمون}، الذي تقوم فكرته على التغرير بعدد من نجوم الفن، وإيهامهم بأنهم في مهمة وطنية لتنشيط السياحة في مصر، والترويج للأماكن الأثرية على أرضها، وأثناء تواجد الضيف (نجم في مجال من المجالات الفنية) في مقبرة تم الكشف عنها حديثاً يمارس رامز ألاعيبه الشيطانية التي تثير الرعب في نفس الضيف، وتخرجه عن طوره المعتاد!

تنويعة أخرى على البرامج التي اصطلح على تسميتها {الكاميرا الخفية}. لكن رامز جلال، الذي كان يعد كممثل بالكثير، يجعل من برنامجه مثالاً صارخاً للسادية (التلذذ بتعذيب الآخرين) وغياب الإحساس بالمسؤولية، بل إنه أسهم العام الماضي، بغير وعي، في تكدير الأمن والسلم العام، وتكريس الصورة المشوهة لمصر التي تفتقد الأمن والأمان، بتقديم برنامج تقوم فكرته على اصطحاب الضيف في حافلة تُقل عدداً من السائحين الأجانب إلى إحدى المحافظات السياحية، وفي الطريق تتعرض لهجوم إرهابي يؤدي إلى مصرع وإصابة بعض الركاب، ويثير ذعر الضيف قبل أن يكتشف أنه كان ضحية {مقلب} من رامز!

الغريب في الأمر أن السادية التي تتملك رامز تزداد توحشاً واستفحالاً العام بعد الآخر؛ فمن برنامج إلى آخر تتنامى جرعة القسوة، والرغبة المرضية في إحكام الشرك المنصوب لإثارة المزيد من الرعب في نفس الضيف، بينما يتلقى رامز الإهانات واللعنات، التي تصل إلى حد اللطمات والركلات، كما حدث في حلقة هيفا وهبي، من دون أن يرمش له جفن أو تطرف له عين!

 لا يمكن بالطبع أن نتجاهل الطرف الآخر في المعادلة، وأعني النجوم الذين يعميهم النهم والجشع المادي عن استيعاب خطورة المشاركة في مثل هذه البرامج الهزلية، ومن ثم يهرولون إليها مدفوعين بحفنة من الدولارات، وليس الوازع الوطني كما زعمت وفاء عامر في حلقتها، لكن رامز كذبها وأكد أنها رفضت المبلغ الرمزي، وأصرت أن تتقاضى سبعة آلاف جنيه مصري، بينما تراجع بعض الضيوف عن مقاضاة البرنامج بعد زيادة المبلغ المخصص لاستضافتهم، وهو ما يعني أن رامز جلال يُدرك جيداً أن نقطة ضعف ضيوفه من الفنانين تكمن في {الدولارات}، وأن معظمهم لا مانع لديهم من {التظاهر} بأنهم منزعجون من {المقالب} بينما هم في الحقيقة في قمة السعادة لما أصابهم، وكأنهم يعانون اضطراباً نفسياً يصل إلى حد التلذّذ بالألم والاضطهاد، وهو ما اصطلح على تسميته {المازوخية}، وهو السلاح الذي أتقن رامز استخدامه، بدعم شركات الإنتاج التي تتعاقب على تمويل برنامجه، ونجح من خلاله في إخضاع الجميع، من دون استثناء، ومن ثم ضمن استمرار {المهزلة} من عام إلى آخر، لكنه تناسى أن موهبته كممثل تحترق أيضاً!