حظرت مصر على المسافرين من وإلى البلاد حمل مبالغ مالية تزيد على عشرة آلاف دولار، في إطار إجراءات تقوم بها الحكومة لضمان عدم تزايد الضغوط على العملة المحلية، وتقليل توجه المودعين إلى سحب مدخراتهم من البنوك.

Ad

وأكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي صدور القرار الذي يسري على الدولار الأميركي، أو ما يعادله بعملات أجنبية أخرى، كما يحظر إرسال النقد الأجنبي عن طريق البريد، وسابقا كان ينبغي على المسافرين إبلاغ السلطات ما إذا كان بحوزتهم مبلغ يزيد على 10 آلاف دولار.

ويحظر البنك المركزي بالفعل على المصريين تحويل ما يزيد على 100 ألف دولار إلى خارج البلاد، منذ ثورة 25 يناير، ما لم يقدموا ما يفيد بأنهم في حاجة ماسة إلى تلك الأموال.

وعن دوافع القرار الأخير أوضح مراقبون أن الاضطرابات السياسية، التي شهدتها مصر الشهر الماضي، أثارت مخاوف المواطنين من أن تعجز الحكومة عن السيطرة على الأوضاع المالية الهشة، ومنذ الثورة أنفق البنك المركزي أكثر من 20 مليار دولار من الاحتياطي الأجنبي لدعم الجنيه، ما أدى إلى انخفاض الاحتياطي إلى نحو 15 مليار دولار، أي ما يغطي واردات ثلاثة أشهر فقط.

وقبل يومين خفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني تصنيف مصر طويل الأجل، ونبهت إلى أنها قد تخفضه مجددا إذا استمرت الاضطرابات السياسية التي تؤثر على الاقتصاد والمالية العامة في البلاد.

وبشأن القرار الأخير، بين مصرفيون أن المودعين بدأوا سحب مبالغ أكبر من حساباتهم منذ إصدار الرئيس مرسي إعلانا دستوريا الشهر الماضي يمنحه سلطات إضافية، وما أعقب ذلك من اضطرابات سياسية في البلاد. وأدى الإعلان الدستوري إلى اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي مرسي.

تراجع الجنيه

وقال مسؤول بإدارة الخزينة في بنك بالقاهرة: «منذ الاشتباكات في 28 نوفمبر وبعد الإعلان عن إرجاء قرض صندوق النقد الدولي مدة شهر بدأت بعض عمليات تحويل الأموال إلى دولارات، من خلال تعاملات نقدية بشكل رئيسي».

وأضاف المسؤول أن التراجع غير المتوقع للجنيه المصري أقلق المودعين أيضا، إذ سمح البنك المركزي للعملة بالانخفاض نحو 1 في المئة على مدى الشهر الماضي.

وأصدر البنك المركزي الاثنين الماضي بيانا أوضح فيه أنه في إطار سعيه لدحض «الشائعات يقوم باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان الودائع في البنوك المصرية، سواء كانت بالعملة المحلية أو بالعملات الأجنبية».

وعزا رئيس الوزراء المصري هشام قنديل، أمس الأول، تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار إلى الاضطرابات السياسية، وهون من شأن هذا التراجع قائلا إن نسبته لا تتعدى 1 في المئة، لكنه أقر بأن هذا الأمر سيكون له انعكاس سلبي على أداء الاقتصاد المحلي.

توقيع القرض

من جانبه، توقع عضو اللجنة الاقتصادية في حزب الحرية والعدالة في مصر د. محمد جودة أن يتم توقيع قرض صندوق النقد الدولي البالغ 4.8 مليارات دولار نهاية شهر يناير المقبل.

وأضاف جودة، في حديث لـ»العربية.نت» من القاهرة، «تخفيض التصنيف الائتماني لمصر من قبل وكالة ستاندرد آند بورز لن يؤثر في مسار المفاوضات وإتمام قرض صندوق النقد الدولي لمصر، الصندوق ليس بحاجة إلى أن تحدد له مؤسسات التصنيف الجدارة الائتمانية للدول، فهو لديه مؤسساته».

وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد خفضت تصنيف مصر طويل الأمد من B إلى -B مع نظرة مستقبلية سلبية، مشيرة إلى أن طلب القاهرة من الصندوق إرجاء المحادثات بشأن القرض حتى يتم تحقيق التوافق عليه محلياً، يجعل تصنيفها سلبياً.

وقال جودة إن ما يهم صندوق النقد هو الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الدول، وليس تصنيفها الائتماني، ومصر قدمت خطة إصلاح قبلها الصندوق، مشيرا إلى أن قروض المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد يختلف عن القروض الخارجية التي تأخذ بعين الاعتبار التصنيف الائتماني للدول، وكلما كان التصنيف منخفضا أثر ذلك على معدلات الفائدة وأسعار التأمين على هذه القروض.

وأكد أن خطط الإصلاح المقدمة من الحكومة المصرية نالت قبول صندوق النقد الدولي، وتم التوقيع عليها في 20 نوفمبر الماضي، لولا أن الرئيس محمد مرسي أجل تطبيق القرارات وتعديلها بما يتلاءم مع الظروف الاجتماعية.