شعراء ومثقفون كويتيون: سليمان الفليّح قيمة أدبية لن تتكرر

نشر في 23-08-2013 | 00:01
آخر تحديث 23-08-2013 | 00:01
عددوا مناقب الراحل مستذكرين إنسانيته وصفاته البدوية
عبر الشعراء والمثقفون في الكويت عن عميق حزنهم وأسفهم لوفاة الشاعر سليمان الفليح، مقدمين خالص العزاء في فقيد الأدب والتراث إلى أسرته، مشيرين إلى تنوع إنجازاته الثقافية والأدبية.

فجعت الساحة الثقافية المحلية والخليجية أمس الأول بخبر وفاة الكاتب والشاعر السعودي سليمان الفليح، الذي كان يقضي إجازة خاصة في الأردن، حيث وافاه الأجل المحتوم، وقد ووري الثرى ظهر أمس بالمقبرة الهاشمية.

ويعد الفليح أحد أعلام قصيدة الحداثة في الخليج، منذ السبعينيات، وانطلقت شاعريته من الكويت، وشارك بفاعلية في صحافتها ومنتدياتها الثقافية، ومنها انطلقت زاويته الصحافية "هذر لوجيا"، التي عرف بها، وانتقلت معه إلى الصحافة السعودية.

ولد الفليح في منطقة الحماد، شمال السعودية، بين عامي 1950 و1951، حيث كان يملك قطعان والده الشاعر فليح بن لافي، رحمه الله، ومن أشهر ما يروى عنه في هذا المجال قوله: "توفي أبي وأنا ابن الأربع سنوات، وأصبحت يتيما، ولم يكن لي إخوة! فقلت حينما اتزوج سأنجب قبيلة من الأبناء تعوضني مأساة اليتم، لكي لا يتذوقوا ما ذقت من مرارة اليتم والوحدة دون إخوة! وضعتني أمي تحت شجيرة في الصحراء ولفتني بطرف عباءتها ثم سارت تغني في ركب القبيلة الظاعنة نحو حدود الغيم".

روح البداوة

بدوره، أكد رئيس اللجنة الثقافية والإعلامية برابطة الأدباء الكويتيين الشاعر إبراهيم حامد الخالدي أن الأدب العربي فقد علما شاهقا من أعلامه، وشاعرا مبدعا كبيرا برحيل الأديب والشاعر السعودي سليمان الفليح، تاركا إرثا ثقافيا منوعا.

وعن نتاجه الشعري، أكد الخالدي أنه صنع خطا شعريا متفردا بمزاوجته بين التجربة الشعرية الحداثية وروح البداوة النقية بكل مفرداتها وتفصيلاتها.

وتحدث عن علاقة الراحل برابطة الأدباء الكويتيين، التي شهدت بدايات الفقيد خلال السبعينيات، وتتبعت مسيرته الأدبية في العقدين اللاحقين حتى غادر وطنه الكويت إلى وطنه السعودية في أواخر التسعينيات، وهي الآن إذ تنعيه تستذكر جانبا من كلماته الجميلة في محاضرته الأخيرة التي أقامها في رابطة الأدباء في يناير الماضي، واستذكر فيها أيامه الجميلة في الرابطة.

وأضاف: "ان الرابطة لا تملك إلا أن تتقدم بخالص العزاء لأسرة الفقيد، ومحبيه، وقرائه، وتعلن نيتها إقامة حفل تأبين للشاعر الراحل سليمان الفليح في ذكرى اليوم الأربعين لوفاته 2 أكتوبر المقبل قي مقر الرابطة بالعديلية، بمشاركة عدد من الشعراء والأدباء، كما سيتم خلال ذلك الحفل توزيع كتاب تذكاري عن الفقيد وما قيل في رثائه، نقوم حاليا بجمع مادته مما ينشر تباعا في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أبسط ما يمكن تقديمه لشاعر كبير بحجم سليمان الفليح يرحمه الله".

البدوي المخلص

وفي مفتتح حديثه، أكد الشاعر رجا القحطاني مكانة الراحل الأدبية في منطقة الخليج العربي، مستعرضا بعض المحطات المهمة في مشواره الثري، ويقول ضمن هذا السياق: "ها هي فصول الرثاء وكلمات الحزن تتوالى كلما فقدنا شخصا أثرى حياتنا الإنسانية أو الأدبية بعطاءاته الجمة التي ستظل محفورة في جدار الزمن".

وزاد القحطاني: "بالأمس القريب فقدنا الرجل الأول للعمل الدعوي والخيري الدكتور عبدالرحمن السميط، إذ عانقت روحه سحائب الرحمة، وها نحن نودع رجل الأدب والمقال سليمان الفليح الذي أعطى الكثير في مجال الشعر والمقالة الصحافية، ذلك الإنسان البسيط في مظهره وتعامله مع زملائه وأصدقائه والمخلص لقيمه البدوية المستقاة من واقع حياته التي عاشها في الصحراء والمدينة، وانعكست على نتاجه الشعري الثري بمدلولات إنسانية ظل الفقيد ابو سامي متمسكا بها أصالة ووثوقا، ليفتح نوافذ الحرية والأمل نحو غد مشرق لا يفقد فيه الإنسان قيم الماضي النبيلة مهما طغت من حوله ضوضاء الحاضر".

واستطرد متحدثا عن شفافية الفقيد، معتبرا أنه عاش منسجما مع قناعته وفلسفته في الحياة حينما تلون الآخرون وفصلوا حاضرهم عن ماضيهم فضاعوا في الزحام، متقدما بواجب العزاء إلى أسرته الكريمة، متضرعا إلى المولى أن يتغمد الراحل برحمته الواسعة، لاسيما انه سيبقى شعلة إنسانية وإبداعية في ذاكرة الأجيال.

العم المعلم

من جهته، أشار الشاعر عبدالله الفلاح إلى أن "الراحل تبوأ مكانة مرموقة في الأدب الخليجي، متمسكا بصفات نادرة يصعب توافرها في وقتنا الراهن"، معتبرا رحيله خسارة كبيرة لمحبيه الذين أمتعهم أدباً وشعرا وإنسانياً، فهم سيتحسرون على فقده كلما بحثوا عن إنسانيتهم وتلمسوا دروب المتعة الإبداعية فلم يجدوا ما يغذي ذائقتهم.

وتابع الفلاح: "حزنت لوفاته متحسرا على عدم تمكنني من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، بسبب ظروف منعتني من السفر إلى مرقده الأخير، لم يودعنا... الشاعر والمعلم الذي علمنا كيف نتمرد على هذه الحياة بالروح والشعر لندركها... ونسخر منها، لم يودعنا... البدوي الذي يستحق أن يقال له العم وتقف الدلة في قدومه، لم يودعنا... الذي خذلته الدنيا والأوطان ولم يخذلها ولم يخذل إنسان، لم يودعنا... أبو سامي الرجل الذي يقدم نبل روحه وطهر وصاياه، ذلك الذي علمنا كيف نترك أعيننا معلقة على غيمة في الصحراء، لم يودعنا... آخر البدو".

واردف: "كتب لأصدقائه قصيدة الراحلون، لم ننتبه لها جيداً، ولم ننبهه أنه سيتركنا نجلس منهكين في الفقد في الذاكرة".

آخر محاضراته في رابطة الأدباء

في آخر محاضرة أدبية ألقاها في الكويت ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي التاسع عشر، عبر الشاعر سليمان الفليح عن سعادته لاستضافته في رابطة الأدباء الكويتيين التي تسكن أعماقه، لأن أروقتها تحمل مواقف وذكريات جميلة.

وتمحورت المحاضرة حول شعر الصعاليك وحنشل البوادي المتأخرين، وأدارها الشاعر إبراهيم الخالدي، وتحدث فيها الراحل عن مفهوم "الصعلوك" لغوياً، مصححاً بعض المعلومات المغلوطة في هذا الجانب، وتتبع الفليح مجموعة من الشعراء منذ العصر الجاهلي مرورا بالعصور الأخرى، مستشهداً ببعض القصص التي تروي بطولاتهم، معتبراً أنه ظهر في أواخر الدولة العباسية حينما أوهنها التشرذم والتفكك شعراءُ استمروا في أسلوب أسلافهم مكتسبين طرقاً جديدة تواكب عصرهم.

وقدّم الفليح مقاربات شعرية بين بعض النصوص باللغة الفصحى ومشابهاتها باللهجة العامية، مؤكداً أن النصوص الشعرية جاءت متشابهة إلى حد كبير رغم اختلاف المكان والزمان والأسماء.

ترجمة أعمال الفليّح إلى لغات

1- الإنكليزية

2- الروسية

3- الصربواكية

4- الفرنسية

دراسات في شعر الفليّح

1- دراسة الدكتور عبده بدوي "ديوان من الكويت".

2- دراسة بقلم خليل عبويني من كتاب "نافذة إلى رؤية نقدية" عام 1982.

3- دراسة الدكتورة نجمة إدريس "أسفار الترحّل والهجر ومرجعياتها في شعر سليمان الفليح".

4- "ميزة البدوي المتجول سليمان الفليّح" للكاتب والأديب المصري محمود السعدني.

من إصداراته

1-ديوان الغناء في صحراء الألم في عام 1979.

2-ديوان أحزان البدو الرحل في عام 1980.

3-ديوان ذئاب الليالي في عام 1993.

4-ديوان الرعاة على مشارف الفجر في عام 1996.

5- ديوان رسوم متحركة في عام 1996.

6- البرق فوق البردويل 2009.

وله عدد من الدراسات الأدبية المخطوطة.

back to top