يطرح هذه الأيام بقوة مقترح مضاعفة علاوة الطفل الكويتي من خمسين ديناراً إلى مئة دينار، ضمن المقترحات التي يطلق عليها المقترحات الشعبية المالية، وهي مقترحات بعضها مستحق والآخر ذو صبغة ترويجية لبعض السياسيين لكسب التأييد الشعبي في هذه المرحلة غير المستقرة على الساحة الكويتية انتظاراً لحكم المحكمة الدستورية الذي قد يثبت وضع المجلس النيابي الحالي أو يعيدنا إلى المربع الأول عبر انتخابات برلمانية جديدة.

Ad

موضوع علاوة الأولاد عندما أقر في سبعينيات القرن الماضي كان له غرض أساسي هو تشجيع الشعب الكويتي المحدود العدد على الإنجاب في بلد يعيش مرحلة فورة تنموية ويشهد فائضاً مالياً كبيراً وحاجة ماسة إلى أيدٍ عاملة في جميع المجالات في تلك الحقبة، ورغبة كذلك في زيادة عدد السكان لتوزيع مواطنيه على رقعته الجغرافية لمواجهة تحديات جيرانه في أراضيه وسيادته عليها، ولكننا اليوم وبعد عمليات التجنيس الكبيرة العشوائية القانونية وغير القانونية، واكتشافنا من تجربة الغزو الصدامي العراقي الآثم أن عدد السكان لم يكن يشكل فارقاً بسبب التأييد والتضامن الدولي معنا، ومن جهة أخرى ما نعانيه الآن من مشاكل البطالة ونقص الخدمات تجعلنا نعيد النظر في سعينا إلى زيادة عدد السكان والتشجيع على الإنجاب.

الكويتيون يحمدون الله ويشكرونه على نعمه للكويت التي كانت دائماً يأتيها رزقها رغداً حتى قبل الثروة النفطية بفضل المولى عز وجل ورجالها الأشداء الذين يجوبون البحار لجلب خيرات الأرض لها. ولكننا يجب أن نتوكل على الله ولا نتواكل، فالكويت فقيرة الموارد من مياه وثروات زراعية وغيرها، والنفط هو مورد وحيد ناضب، كما أننا فشلنا على مدى نصف قرن في ابتكار موارد مالية بديلة للدولة وخلق بلد مكتفٍ الى حد ما، ونعاني مشاكل بنيوية في تأهيل وتنويع مجالات العمل المطلوبة للبلد من العمالة الوطنية، ولدينا مشاكل في النظام الصحي والتعليمي والإسكاني مستعصية على الحل من قبل مؤسسات الدولة مجتمعةً وفرادى، فماذا سيكون حالنا إذا رافق كل ذلك انفجار سكاني عبر التشجيع على الإنجاب؟

ويقيناً فإن التعامل العقلاني والعلمي مع قضية السكان في الكويت في ظل أوضاعنا الحالية يتطلب من الدولة أن تحث المواطنين على تنظيم النسل وتحديده وليس زيادته عبر مميزات مالية جديدة، لأن مشاكلنا ستتعاظم مع زيادة سكانية سريعة في ظل محدودية مواردنا رغم فوائض النفط التي لا نعلم مداها الزمني والتحديات التي ستواجهها مستقبلاً عبر وسائل الطاقة الجديدة.

وإذا كنا نريد أن نحافظ على مستوى رفاهية المجتمع الكويتي وضمان مستقبله وتوفير وسائل حياة كريمة له وعدم تعاظم مشاكله الاقتصادية والخدماتية فعلينا أن ننظم النسل ونوقف مقترح زيادة علاوة الأولاد لأنه تصرف ينم عن قصر النظر في التخطيط لمستقبل الكويت.