«وين العلة»؟!

نشر في 02-01-2013
آخر تحديث 02-01-2013 | 00:01
المطالبات الشعبية ليست وليدة اليوم، لكنها امتداد تاريخي منذ العمل بالدستور، وطالما تم العبث بالخريطة الانتخابية ونظام التصويت والتأثير على الناخبين بكل الأشكال والألوان، لكن النتيجة بقيت واحدة ومتمثلة في الخلل الحكومي والأداء والنهج الحكوميين.
 د. حسن عبدالله جوهر المجلس الجديد "شاد حيله" على إثارة ملفات ساخنة، سواء في البعد التشريعي كقضية القروض والزيادات المالية والارتقاء بالخدمات العامة، أو على الجانب الرقابي، حيث التلويح والتهديد بالاستجوابات التي طالت الوزراء مصطفى الشمالي ورولا دشتي وهاني حسين وأحمد الحمود.

وبغض النظر عن دوافع هذا الحماس النيابي ونتائجه، ومحاولة النواب خصوصاً الجدد منهم إثبات عكس السائد بأن مجلسهم ضعيف وولد في جيب الحكومة، إلا أن المطالب الشعبية والمخالفات الحكومية تفرض نفسها فرضاً على الوضع السياسي العام.

وسواء نجح أعضاء مجلس 2012 في إقرار حزمة القوانين الشعبوية ذات الكلفة المالية التي طالما وقفت الحكومة ضدها لسنوات واصطدمت بالمجالس المتعاقبة، أو استطاع هؤلاء الأعضاء عزل بعض الوزراء عبر بوابة المساءلة أو كانت الأمور مجرد استعراض صوري لا غير، فإن المشهد السياسي يظل ثابتاً ومتمركزاً حول النهج الحكومي في إدارة شؤون الدولة.

فغياب معايير الكفاءة والاستحقاق في التعيينيات والترقيات لمصلحة الواسطة والمحسوبية، واستمرار مسلسل التنفيع في المشاريع الحكومية على كل المستويات، وتحول الحكومة إلى مجرد واجهة سياسية عاجزة عن التحكم في صناعة القرار وخاضعة لقوى الهيمنة والنفوذ، كلها مؤشرات على تشخيص مكامن الخلل المفصلية، فضلاً عن أن تغير تركيبة المجلس وتفاوت نبرة الخطاب لا ولن تغير من هذا الواقع شيئاً.

ومثل هذه المطالبات الشعبية ليست وليدة اليوم، لكنها امتداد تاريخي منذ العمل بالدستور، وطالما تم العبث بالخريطة الانتخابية ونظام التصويت والتأثير على الناخبين بكل الأشكال والألوان، لكن النتيجة بقيت واحدة ومتمثلة في الخلل الحكومي والأداء والنهج الحكوميين.

ولا تختلف المطالبات الحالية للمجلس في جوهرها عمّا أثارتها المعارضات السابقة، بل إن الإصرار عليها حوّل المعارضة إلى أغلبية كاسحة في المجلس المبطل، ومن ثم إلى انطلاق الحراك الميداني.

وعلى الرغم من أن المجلس الجديد وضع نفسه في ورطة المواجهة المبكرة، وما يروج له بعض النواب من أنهم مجرد مرحلة ولن يعمّروا طويلاً، فإن الحقيقة الثابتة تبين أن محطات التجارب التي وُضع فيها الشعب من تعديلات الدوائر والتصويت لم تغير طبيعة مشاكلنا ولا حتى طريقة مواجهتها الوحيدة، وهي مع الحكومة التي لم يتغير طريقة تشكيلها ولا نهجها ولا نمط تفكيرها منذ عام 1963 حتى الآن، فهل عرف السبب وراء كل أشكال التأزيم السياسي على مدى نصف قرن من الزمان؟!

back to top