الدراما الخليجية!
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
إن انتشار المحطات الفضائية، جعل من أي عمل محلي شأناً عربياً، حيث يتابعه الجمهور أينما كان، وبالتالي فمن المفترض أن يزيد ذلك من مسؤولية كاتب القصة والسيناريو في التناول الصادق لأوضاع ومشاكل بلدانهم، وكذلك مسؤولية الفنان في اختيار أدواره، وأخيراً مسؤولية المخرج في تقديم عمل يليق باسمه وسمعته. لكن الجمهور الذي تابع المسلسلات الخليجية التي عُرضت في شهر رمضان، وباستثناء عمل أو عملين، يدرك أن الأعمال لم تكن هابطة بمستواها الفني، بل إنها أساءت إساءة كبيرة للمجتمعات الخليجية، لأنها نقلت صوراً كاذبة وتافهة عنها، وربما صدّق بعض المشاهدين العرب الذين لا يعرفون المجتمعات الخليجية أن هذه هي الحقيقة!خيط رفيع يفصل بين الكوميديا والتهريج، خيط يفصل بين خفة الدم والبذاءة، بين كوميديا الموقف، واصطناع موقف مضحك، بين أن يقدم الفنان مشهداً مسلياً، وأن يبتذل نفسه حتى ليغدو مهرجاً ساقطاً يبعث على التقزز بأدائه! ما شاهدناه في معظم المسلسلات الخليجية كان إساءة للفنان الخليجي وإساءة لبلدان الخليج. وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن البلدان الخليجية، لكني بصدد الدفاع عن الحقيقة من جهة، وعن إدانة القبح الذي مررنا به في شهر رمضان تحت مسمى "مسلسلات رمضانية". إن العصر الذي نحيا، وتحول العالم إلى قرية كونية، يستوجب من القائمين على محطات التلفزيونات الخليجية وأي تلفزيونات أخرى التدقيق فيما يقدم إليهم، والتفريق بين مسلسل كوميدي، ومسلسل يلبد خلف كلمة الكوميديا، ليقدم بذاءة وسخفاً وحركات لا علاقة لها بالفن لا من قريب ولا من بعيد. فعدد ليس بالقليل من الفنانين صار يؤدي أدواراً تافهة يخجل الإنسان من متابعتها، وتضخمت ذوات البعض حتى خُيل إليهم قدرتهم على ممارسة كل ما يحلو لهم من صغار وتفاهة تحت اسم الفن!لا أدري كيف تحول شهر رمضان من شهر عبادة روحانية، إلى شهر تسليع، وترويج لكل بضاعة كاسدة، حتى إن تفكيراً بسيطاً في كثرة البرامج والمسلسلات ودعايات الأطعمة والمطاعم، ليبعث على التساؤل: أين كل هذا من روح رمضان؟ وما علاقة هذا بشهر الصوم والعبادة؟! تمرّ أقطار الوطن العربي بظروف ليست طبيعية، مصبوغة بالثورة والعنف والقتل وربما القليل من الأمل، ولا أظن أن هذه الظروف المتفجرة والخطيرة والتاريخية تسمح بمسلسلات تافهة بعقليات عفا عليها الزمن!==================بمناسبة عيد الفطر السعيد، كل عام وأنتم بخير، ونتمنى أن يأتي العيد القادم وشعوب الوطن العربي في أوضاع أحسن وأفضل مما هي عليه اليوم.