مرافعة : الارتفاع المخيف للقضايا وأسبابه!
رغم الدعوات التي أطلقها رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار فيصل المرشد بضرورة إعداد مؤتمر وطني لمناقشة قضية زيادة أعداد القضايا التي تنظرها المحاكم كل عام والتي قاربت مليون قضية، فإن هناك العديد من الأسباب التي برأيي ساعدت على تكوين هذا الرقم المخيف، والذي بالإمكان تخفيضه لكونه برأيي ليس رقما حقيقيا إذا ما قامت الأجهزة المعنية ممثلة بالمباحث والمرور والبلدية والادعاء العام بالجنح والنيابة العامة وحتى المحاكم ممثلة بالقضاء بالعمل نحوه بل والمشرع الكويتي أيضا.وللارتفاع الكبير لعدد القضايا المعروض أمام المحاكم جملة من الأسباب التي يتعين النظر إليها، وإذا ما تم العمل بموجبها حتما سيقل عدد القضايا المعروضة أمام المحاكم وتلك الأسباب ناجمة من حقائق واقعية وليست فرضيات.
وأول تلك الأسباب هي القضايا التي تحقق فيها الإدارة العامة للمباحث الجنائية والتي ترد إليها من بلاغات او شكاوى مباشرة والتي غالبا ما تكون الأدلة المقدمة منها ضعيفة وأحيانا كثيرة كيدية من الشاكي أو المبلغ فيتم الاستمرار بها وإحالتها الى النيابة، وهو ما يجب على المباحث إعادة النظر فيها وحفظها لعدم الجدية، والاستمرار فقط بالتحري بالقضايا القائمة على أدلة حقيقية لامحتملة، خاصة أن المحاكم تشهد يوميا مئات القضايا وليس العشرات التي تنتهي فيها إلى البراءة لعدم وجود أية تحريات حقيقية فيها لا يكون الهدف منها سوى إرهاق القضاء.بينما ثاني تلك الأسباب هي كثرة البلاغات أو الشكاوى التي ترد إلى النيابة أو إدارة التحقيقات وتحديدا الأخيرة والتي غالبا ما تكون ضعيفة الأدلة سواء الخاصة بالتحري أو المضبوطات أو التي تتضمن الكيدية من المبلغ أو حتى ضابط المباحث والتي يستحيل على القضاء أن يصدر فيها حكما بالإدانة، وهو ما يتعين على جهات التحقيق حفظها لعدم كفاية الأدلة وعدم إرهاق القضاء بها. وهناك العديد من الشكاوى أوردها على سبيل المثال لا الحصر ويتم إرهاق النيابة والتحقيقات رغم أنها ليست جهة اختصاص أو أنها لم تعد مجرمة لافتقاد التجريم كالبلاغات التي تقدمها وزارة الإعلام على الصحف بسبب ما يسمى الصمت الانتخابي أو ما يخص عدم تقديم ميزانيات أو الشكاوى ذات النزاع المدني أو الشكاوى التي تقام من دون صفة قانونية وهي من جرائم الشكوى بحسب ما نص عليها القانون، وعدم استقبال شكاوى الحسبة إلا ما ينطبق عليها تماما مع نص القانون وعدم التوسع بالسماح بتقديمها بكل الجرائم.بينما ثالث تلك الاسباب وهي القضايا التي ترفع أمام المحاكم بلا مستندات والتي استلزم القانون أن ترفق مستنداتها لدى رفعها كالدعاوى الإدارية أو حتى دعاوى الاسترداد أو غيرها من الدعاوى المستعجلة وهذه الدعاوى يجب الا يتم استقبالها من موظفين المحاكم إلا بعد إرفاق مستنداتها من قبل المتقاضين، وكذلك الدعاوى العمالية التي ترفع دون لجوء العامل إلى وزارة الشؤون.بينما رابع تلك الأسباب وهو إصدار المشرع الكويتي تعديلا على قيد تحريك بعض الجرائم ببعض القيود كوضع قيود للتقادم بسقوطها إذا لم يتم الإبلاغ عنها بأشهر معينة أو إلزام رافعي عدد من الدعاوى المدنية أو التجارية بتقديم مستندات لدى رفعها لإثبات جديتها علاوة على تشدد المحاكم في النظر بشكل الدعاوى وسلامتها قانونا قبل إحالتها للخبراء كالدعاوى العمالية مثلا.بينما الأمر الأخير هو ضرورة توجيه الأفراد والشركات في حل نزاعاتهم عن طريق غرف التحكيم المتخصصة وهو ما سيقلل فرصة عرض الكثير من النزاعات أمام القضاء والتخفيف عليه.