قال تقرير "الشال" الاسبوعي إن أعضاء الحكومة والبرلمان في النرويج منتخبون في انتخابات حرة ونزيهة جداً من قبل الشعب، وهناك قام المنتخبون كلهم بتحييد إيرادات النفط عن تمويل المالية العامة لسببين، الأول هو حماية تنافسية الإنتاج السلعي والخدمي التقليدي من طغيان "المرض الهولندي" أو التدفق الكبير والسهل للنقد الأجنبي في اقتصادهم، والثاني هو تقديرهم الصحيح أن أمواله حق لسيل من أجيال قادمة، واستخدامها سرقة لهذا الحق.
في النرويج اقتصاد غني ومتنوع وبيئة بالغة النظافة ونوعية حياة هي الأفضل، ولديهم صندوق سيادي بلغ حجمه نحو 653 مليار دولار، في نهاية الربع الثالث من عام 2012، أو ضعف حجم الصندوق السيادي الكويتي، تحت مسمى صندوق التقاعد، الذي تذهب إليه إيرادات النفط، كلها، وعمره ربع عمر الصندوق السيادي الكويتي. وتشير أرقام مدير الصندوق-Norges Bank Investment Management- يوم الخميس 07/03/2013 إلى أن قيمة الصندوق السوقية في ذلك اليوم بلغت نحو 713.1 مليار دولار، وتوزع استثماراته بنسبة 60.4 في المئة للأسهم، و39.3 في المئة للسندات أو أدوات الدخل الثابت، و0.3 في المئة للعقار، بينما ننتظر في الكويت إلى شهر يونيو، من كل عام، لعرض سري على مجلس الأمة للحجم الإجمالي للصندوق الكويتي.أما في الكويت، فتمول إيرادات النفط، في المتوسط، ما نسبته 90 في المئة من مصروفات الموازنة العامة، ويمثل النفط ومشتقاته نحو 66.7 في المئة من حجم الاقتصاد، بعد نصف قرن من تبني هدف تنويع مصادر الدخل. وفي الكويت، وفي زمن الخطة الخمسية وأحد أهدافها الرئيسة ردم الفجوة المالية، أي خفض الاعتماد على إيرادات النفط، زادت النفقات العامة للسنوات المالية 2010/2011-2012/2013 بمعدل نمو مركب بلغ 14.1 في المئة، وهو الأعلى في ثلاث عقود. وفي الكويت، إن استمر معدل نمو النفقات العامة عند هذا المستوى، أي 14.1 في المئة، ستحتاج إلى إنفاق 53.3 مليار دينار، في السنة المالية 2020/2021، وذلك غير ممكن. وفي الكويت بلغ عدد العاملين، من المواطنين، في الحكومة، في يونيو 2012، نحو 300.6 ألف عامل، بينما يقدر أن يبلغ عدد القادمين الصافي من المواطنين إلى سوق العمل، بحلول عام 2030، نحو 600 ألف عامل جديد.وأضاف التقرير: من يرسم السياسات المالية في النرويج مواطنون نرويجيون، ومن يرسمها في الكويت مواطنون كويتيون، وأرقامهم منشورة وبالتفصيل، وحججهم متداولة وبالتفصيل، وأرقامنا شحيحة وسرية لأننا نخاف الحقائق، ولكننا نعرفها، وسياساتنا وحججنا معاكسة تماماً لمنطق نماء وحماية الدولة. ذلك يحدث في الكويت، إما لأن الإدارة العامة لا تفهم أبجديات مسار الأرقام، وإنقاذاً للبلد، من الواجب تغييرها قبل أن يفقد التغيير جدواه، وقد فقد، معظمها. وإما أنها لا تهتم بمآل أو مصير البلد ومستقبل أجياله، وتلك حالة مرضية ترقى إلى مستوى الخيانة وتحتاج إلى علاج، فهي، أي الإدارة العامة، أمام خيارين، إما أن تأتي بأرقام مغايرة، أو تقر بتعمد الخطيئة.والجدل هذه الأيام ينحصر في مواضيع مثل إسقاط فوائد القروض أو زيادة بدلات موظفي الحكومة، أو حتى وضع حد أدنى لأجر الكويتي بحدود الـ1500 دينار، وكلها مقترحات تعني الاقتراض على حساب المستقبل، وتعني اقتراب الاصطدام بالحائط، مع زيادة سرعة الاصطدام. ذلك كله يحدث، وسط تحذيرات جادة من احتمال ضعف في سوق النفط وهو تكرار لما حدث في النصف الثاني من عقد الثمانينيات والنصف الثاني من عقد التسعينيات من القرن الفائت، حينها كان مستوى النفقات العامة أقل كثيراً، والمواطنون نصف عددهم الحالي. ومازال هناك عدد قليل من المسؤولين في الإدارة العامة يعون مخاطر ما يحدث من انتفاخ لنفقات المالية العامة، وبسببها ما يحدث من تخريب لتنافسية الاقتصاد المحلي وتلاشي فرص قدرته على خلق فرص عمل جديدة، ونعتقد أن خيارهم بات بين موقف قاطع ورافض لنهج الانتحار المالي، أو على الأقل عدم المشاركة فيه.
اقتصاد
تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي : لشال: ليتنا نفهم من النرويج طرق الإدارة السليمة والتنوع الاقتصادي وحفظ حقوق الأجيال القادمة
10-03-2013