رئيس «سلام دارفور» لـ الجريدة•: دول الخليج لن تشهد ربيعاً عربياً لعدم وجود قيادات شبيهة بالقذافي ومبارك
خلال زيارته لتقديم دعوة إلى الأمير للمشاركة في مؤتمر المانحينأكد أن التجربة السياسية الكويتية من التجارب التي ستفيد المنطقة
أكد وزير الدولة برئاسة الجمهورية السودانية رئيس مكتب متابعة سلام دارفور رئيس وفد الحكومة السوداني المفاوض د. أمين عمر أن زيارته المفاجئة للكويت جاءت لتقديم دعوة إلى سمو الأمير، لمشاركة الكويت في مؤتمر مانحي دارفور، الذي سيقام في الدوحة من 7 إلى 8 أبريل المقبل. وبين د. عمر، في حوار مع "الجريدة"، أن الكويت تنعم بحراك شبابي مميز، متفائلاً بأن التجربة الكويتية ستكون واحدة من التجارب التي يستفاد منها على المستوى الإقليمي، مستبعداً وصول الربيع العربي إلى دول الخليج، لاستقرارها اجتماعيا وسياسيا، وعدم وجود قيادات شبيهة بالرئيسين السابقين القذافي ومبارك، وفي ما يلي تفاصيل الحوار:• بداية، حدثنا عن سبب الزيارة المفاجئة للكويت؟- حقيقة، زيارة الكويت جاءت مزدوجة، بين مشاركة د. مصطفى عثمان في المؤتمر الدولي الأول لمجلس العلاقات العربية والدولية، وزيارة الوفد الوزاري لتقديم دعوة الكويت للمشاركة في مؤتمر مانحي دارفور، الذي سيقام في الدوحة 7 - 8 أبريل المقبل.وهذا المؤتمر مخصص للمانحين من أجل دارفور، وهو تكملة للعملية السلمية في دارفور، والكويت لها علاقات وثيقة مع السودان، لاسيما في مجال دعم التنمية، فالكويت عندما دشنت صندوقها التنموي "الصندوق الكويتي للتنمية" قدمت أول قرض للسودان عام 1962، لتجديد السكة الحديدية به، التي أنشئت في 1889، والكويت أرض خير، لذلك جعلناها أولى محطاتنا في جولتنا لتقديم الدعوات لمؤتمر المانحين.جهات إنسانية• من سيمثل الكويت في مؤتمر مانحي دارفور؟- نحن جئنا لنقدم رسالة من رئيس الجمهورية الى سمو الامير الشيخ صباح الاحمد، الذي كان خارج البلاد في وقتها، وسلمناها لسمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد، والكويت هي التي ستحدد من سيمثلها، إضافة الى اننا قدمنا الدعوة الى جهات شعبية وجمعيات خيرية وانسانية ومستثمرين كويتيين، والمؤتمر ليس للمانحين فقط بل للمستثمرين ايضا.• هل هناك مساهمة كويتية في الوصول الى حلول سلمية بشأن دارفور؟- بالطبع هناك اياد بيضاء كويتية كثيرة، فالكويت لم تتوان يوما لا في دارفور او في السودان او حتى في العالم عن تقديم المساعدات، وكانت شريكا في التنمية السودانية ومازالت، وهناك استثمارات كويتية كبيرة، ونحن جئنا من السودان لأريحية الكويت، فهي دائما تدعوك ان تطلب المزيد، وكما يقال "اذا اعطيت فالناس تريد المزيد"، ونحن نطمع بمشاركة الكويت في مؤتمر المانحين بالدوحة.حراك كويتي• هل تعتقد ان دول الخليج التمست الربيع العربي؟- لا اعتقد ان هذا وارد اصلاً، فذلك في الثقافة الاسلامية الفقهية يقال عنه: "القياس مع الفارق ليس قياسا"، فالأوضاع في منطقة الخليج لا تقارن ببقية الدول، ولدينا الكثير من السودانيين في الخليج، ونعرف انها بلدان مستقرة ولديها حرية في التنقل والتعبير بعيدا عن الاستبداد.وربما تكون هناك مجموعات سياسية، وهذا طبيعي، لكن لا توجد ازمة استبداد لحدوث ربيع خليجي، خاصة أن الاسباب التي تقوم عليها الثورات، وابرزها الكبت والظلم، لا توجد في دول الخليج، والواقع الاجتماعي والسياسي واضح، فعلى سبيل المثال ليبيا كانت تحت حكم رجل يريد أن يجعل البلد حقلا لتجارب افكاره.وكذلك حسني مبارك الذي كان يريد ان يفرض نوعا من الاستبداد في بلد أوضاعه الاجتماعية ضعيفة، أما أوضاع الخليج الاجتماعية والسياسية في تقديري فهي مستقرة، وهذا عامل مهم ومستقر أيضا في المزاج السياسي العام، وهو معتدل عند الحكام والشعوب ولا يمكن توقع مفاجآت.• هل تتابع الشأن الكويتي باستمرار؟- بالتأكيد، فنحن نتابع الشأن الكويتي بتمعن، ونتابع صحفها باستمرار، واتمنى لها الاستقرار، فلها تجارب ديمقراطية وبرلمانية كبيرة، وتجاربها مهمة للمنطقة، خاصة عبر تطورها على مر الزمان، الى جانب ان هناك قبولا للعملية السياسية، سواء من الحكومة او من القوى السياسية، رغم الانفعالات، وهذا طبيعي، وانا متفائل بالكويت لتجربتها التي ستكون واحدة من التجارب التي يستفاد منها على المستوى الاقليمي.• ما رأيك بالحراك الشبابي والشعبي الكويتي؟- هذا طبيعي فهذه الدولة رعت الشباب وعلمتهم وجعلتهم منفتحين على العالم، الأمر الذي من شأنه أن يرتقي برغباتهم وطموحاتهم وتطلعاتهم، والناس عادة ما تريد الاكثر والافضل.• وما رأيك في اعتقال البعض لمجرد تعبيره عن رأيه بشأن بعض المواقف السياسية؟- بالطبع، لا نستطيع الدخول في تفاصيل هذه الحالات، لكن أعتقد ان هناك مؤسسات محترمة في الكويت وقيادة رشيدة، ممثلة في سمو الامير، تحظى باحترام الجميع، واذا كانت هناك جهات يمكن ان يحتكم اليها فيجب الا تخشى على الناس.عدم استقرار• رغم انفصال جنوب السودان فإننا لم نشهد اي استقرار في المنطقة حتى الآن، ما الاسباب؟- الحرب الطويلة ارجعت جميع الاطراف الى البداية، ونحن بحاجة إلى نسأل انفسنا: هل هذه المسألة تستحق اهدار الامكانات والدماء لاكثر من 50 عاما، ليتمسك كل طرف بموقفه؟ ام اللجوء الى الشعب ليقول كلمته؟ هذا ما فعلناه، فقد ذهبنا الى الجنوب وسألنا شعبه حول ذلك، وصحيح ان يكون الجنوب جزءا من السودان او لا يكون، وهذه واقعة قديمة لو لم تتم الواقعة الاستعمارية.• كيف بدأت عملية الانفصال، وما السبب برأيك؟ - السلطات الاستعمارية البريطانية وضعت الجنوب معزولا عن الشمال، في مناطق مغلقة، ومنعت تدريس اللغة العربية والدين الاسلامي، لذلك نشأ واقع اجتماعي وتعليمي مختلف في الجنوب، ونشأت طبقة متعلمة في ظل تحريض اجتماعي.وجاء الانفصال نتيجة للجزء الجغرافي في السودان، فمساحة المنطقة الجنوبية تعادل حوالي 28 في المئة من المساحة الكلية، فالسودان قبل الانفصال كان اكبر دولة عربية واكبر دولة افريقية، ومساحته بعد الانفصال 1.8 مليون كيلو متر مربع، أما قبل الانفصال فكان 2.6 مليون كيلو متر مربع.وأرى ان الموضوع لا يتعلق بالسودان فقط، بل بسياسة استعمارية كلية تريد فصل افريقيا السوداء عن افريقيا العربية، وهذا ما تعكسه المصطلحات الجغرافية والسياسية، من خلال الحديث عن افريقيا جنوب الصحراء لا إفريقيا الزنجية، ونحن بالطبع ليس لدينا هذا الوضع الحاد، بل خليط بين العرب والزنوج، واصبحت بلدنا "افروزنجية".سلام دائم• باعتقادك كيف السبيل إلى سلام دائم وشامل في السودان؟- ليس هناك حل غير التفاوض والحوار والتفاهم والاتفاق على صيغة ديمقراطية تقبل بالتنوع وتقبل بمبدأ الاغلبية.• هل ترى أن الأرض خصبة في الوقت الراهن للتفاوض والتفاهم؟- نحن الآن مندمجون في عملية حوار مستمرة ولا نستطيع أن نكون جميع الأطراف بل نحن طرف، وإذا كانت هناك أطراف غير قابلة للحوار تظل خصماً على عملية الحوار خصوصا إذا كانت اطراف مدعومة من قبل بعض الجهات، والآن فصائل قليلة من دارفور تريد ألا تكون جزءا من الحوار، بسبب تحريض من حكومة الجنوب بتحريض من بعض الدول مثل دولة أوغندا ومن ورائها مجموعات ضغط صليبية متعصبة، إلا أنني أستطيع القول إنه حاليا توجد فرصة واقعية للسلام.• هل هناك مؤشرات جادة من الطرف الآخر بالمبادرة للبت في عملية السلام الحقيقية؟- وقعنا الآن اتفاقية الدوحة للسلام في أواخر العام قبل السابق مع فصيل رئيسي من الفصائل التي كانت تحارب في دارفور، والآن أصبحوا جزءاً من الحكومة إلى جانب اننا قبل عدة أيام وقعنا اتفاقية بوقف إطلاق النار مع فصيل رئيسي ثاني، وغالباً سنوقع اتفاقية نهائية حول السلام مع المجموعة الأخرى، إلى جانب أن هناك فصائل انشقت من هذه المجموعات تؤويها حكومة الجنوب، إلا أن قدرتها في التأثير على دارفور ليست قوية.• ذكرت أن القذافي سبب رئيسي في دارفور، فهل سنشهد السلام بعد سقوطه بشكل ملحوظ؟- نعم بالتأكيد، وهذا انعكس بشكل ملحوظ وبصورة مباشرة من خلال الهدوء الذي عم الجبهة الشمالية والجبهة الغربية بعد سقوطه، ولم يبقى الا وجود بعض الحركات الصغيرة تؤويها حكومة الجنوب، إلى جانب أننا نعتقد أن حكومة الجنوب ستضطر إلى أنها ستطرد هذه المجموعات قريباً، لأنها لا تستطيع أن تستمر في عدائها لحكومة الشمال من خلال حرمانها من أي علاقات عادية تسمح لها بتصدير النفط عبر الشمال أو التبادل التجاري، وهذا ضروري من أجل بقاء علاقات حكومة الجنوب مع تلك العلاقات المهمة.مانحو دارفور• ماذا عن مؤتمر المانحين الذي سيقام في الدوحة؟- مؤتمر المانحين هو المرحلة التالية ما بعد السلام في دارفور من خلال بداية الإعداد للعمل التنموي الذي سيعقد في الدوحة 7 و8 ابريل المقبل.• ماذا تم بشأن المفاوضات الخاصة بالثروة الطبيعية خصوصا النفط؟- توصلنا إلى اتفاق شامل حول ذلك ووقعناه، واشترطنا ان تطبق حكومة الجنوب الترتيبات الأمنية التي أولها أن ترفع يدها عندعم الحركات المتمردة ضد حكومة السودان، وهي لم تفعل المطلوب في هذا الملف حتى الان، وان تخرج هذه الحركات من الجنوب ولا تتورط في دعمها، خصوصا أن هذه الجماعات جزء لا يتجزأ من حكومة الجنوب، ولذلك عليها ان يتم هذا الفصل بين القوى الشمالية السودانيةوالجنوب، إذا كان يريد أن يحتفظ الجنوب بعلاقات طبيعية.• برايك هل سنشهد انفصال أقاليم جديدة على غرار الجنوب السوداني في ظل مطالبات جديدة خصوصا من الأقاليم الغربية؟- لا توجد أي حالة مشابهة، فالجنوب لم يكن في يوم من الأيام في علاقة وحداوية مع الشمال، والأقاليم الغربية مندمجة والغرب به اعراق عربية كثيرة اكثر من الزنجية، ولذلك صعب ان يتفق جميعه على الانفصال، وليس هناك مقومات للانفصال بتاتاً.القذافي محرض رئيسي لأزمتنا... ومصر في عهد مبارك سلبيةأكد د. أمين عمر أن ما يحدث في السودان سينتهي قريباً للوصول إلى حلول جذرية لدارفور، مبينا أن القوى التي كانت تحرض على وضع الفوضى في السودان انتهت، أبرزها الرئيس الليبي السابق معمر القذافي الذي كان لديه "اليد الطولى"، متعبراً إياه محرضا رئيسيا في هذه الأزمة، والذي لم يكن يسمح لها أن تهدأ رغم ادعائه بغير ذلك، مبينا أنهم كانوا يعلمون بذلك من خلال التجهيز العسكري لهذه الحركات بتمويل ليبي، إلى جانب أن هذه الحركات ضعفت بعد سقوطه بشكل واضح.وأضاف أن مصر في عهد مبارك لم تكن متطورة بدرجة كبيرة، وكان لها موقف سلبي من خلال علاقاتها مع بعض هذه الحركات المتمردة، معتقداً أن الشعور في مصر كلها بعدم استقرار السودان سينعكس على مصر، رغم أن النظام القديم كان يرى أن التوجه الديمقراطي خطر عليه، إلى جانب أن التوجه الإسلامي خطر أيضا، وهذا ما كان موجودا في السودان.وقال "العلاقات حاليا مع مصر جيدة من حيث المبدأ، وهناك شعور لا أستطيع أن أقول مع تيار سياسي أو حزب واعد مثل "حزب الحرية والعدالة"، بل جميع الأحزاب المصرية، والأحزاب المصرية الوطنية تدرك أن السودان عمق مهم لمصر، ولذلك علاقاتنا جيدة مع جميع القوى السياسية، وصحيح ان مصر تمر بمرحلة انتقالية، وفوران ما بعد الثورة قد يستغرق بعض الوقت، وأعتقد أن أي قوى سياسية ستقود ستصبح علاقاتها مع السودان أفضل مما كانت عليه مع نظام حسني مبارك".التنمية البشرية الكويتية في تطورأشار عمر إلى أن آخر زيارة له إلى الكويت كانت 1978، قائلا: "أستطيع أن أقول إنني شاهد على التطور الرهيب الذي حصل ليس فقط في المباني والعمران، ولكن في الحياة السياسية والاجتماعية عامة، خصوصا في مجال التنمية البشرية، فأنا درست في الولايات المتحدة الأميركية، ولي زيارات كثيرة في المملكة المتحدة البريطانية وقابلت الكثير من الكويتيين وهم أصحاب عقول كبيرة، وأنا متأكد أن الكويت ليست غنية بالنفط والغاز فقط، بل غنية أيضا بالعقول النيرة، وربما الحراك الذي تشهده اليوم إن شاء الله سيكون ثمرة من الثمرات الطيبة بالتنمية البشرية".وأضاف: أود أن تدعم الكويت الدول في جميع المجالات، فهي الان تعد للمؤتمر الإفريقي العربي، وهي بلاشك مركز من المراكز العربية التي من الممكن أن يعتمد عليها، مثمناً في الوقت ذاته دعم سمو الأمير، وسمو ولي عهده، وسمو رئيس مجلس الوزراء والبرلمان والشعب الكويتي، لدورهم مع السودان بمواقفهم الوطنية عامة والإسلامية خاصة.