بعيداً عن نتائج الانتخابات أياً كانت، حيث تمت كتابة هذا المقال قبل يوم واحد من موعد الاقتراع لأسباب تتعلق بالنشر خلال شهر رمضان المبارك، نتمنى أن تكون الحكومة الجديدة القادمة قد درست المرحلة السياسية السابقة بمختلف أبعادها، وكذلك إفرازات صناديق الاقتراع من أجل بناء مرحلة جديدة.

Ad

ولعل من أبرز ما يستحق البحث الموضوعي، إحساساً بمسؤولية الدولة وطريقة إدارتها، نسبة المشاركة بعد الكثير من الأخطاء الإجرائية وإبطال مجلسين متتاليين في ظل استمرار المخاوف من إبطال المجلس الجديد أيضاً.

ومن الاستحقاقات الجدية والجديرة بالاهتمام السلوك الانتخابي والثقافة السياسية الكويتية التي واكبت الانتخابات الأخيرة، فعلى الرغم من كثرة الانتخابات التي وصلت إلى ست محطات خلال السنوات السبع الأخيرة، وفي ظل ثلاثة أنظمة انتخابية مختلفة سواء الخمس والعشرين دائرة بنظام الصوتين أو الدوائر الخمس بنظام الأربعة أصوات أو الدوائر الخمس وفق الصوت الواحد، هل تغير سلوك الناخب أو معايير انتخابه؟ وهل اختلف الرأي العام الكويتي بين وجود المعارضة أو انسحابها من العملية السياسية؟ وهل اختلفت علاقة الحكومة مع المجالس المختلفة في تركيبتها وتشكيلاتها إلى حد كبير؟ وهل اختلف الأداء البرلماني رغم تبدل الوجوه السياسية بنسبة وصلت إلى مئة في المئة تقريباً خلال الانتخابات الخمسة الأخيرة؟

والأهم من ذلك، هل كانت انتخاباتنا الأخيرة خالية من ظاهرة شراء الأصوات؟ وهل خلت من الانتخابات الفرعية؟ وهل خفّت الفزعة الطائفية والتحريض الفئوي فيها؟

حتى إن كان الجواب بأنه لا انتخابات تخلو من هذه المثالب ونحن شعب لسنا ملائكة، وأن مثل هذه المعايير باتت متأصلة في الثقافة الانتخابية، فإن الحكومة بأجهزتها وخبرائها وأموالها قادرة على بحث هذه الأسئلة وتقدير مؤشرات التصويت العاطفية و"الفزعوية"، وهذا هو المطلوب، وإذا ما شخصت دوافع هذا التوجيه التي قد تختزل في إحساس المواطن بعدم وجود دور حقيقي للدولة ومؤسساتها في حماية حقوقه وفرض النظام والقانون على الجميع، فتأتي المسؤولية ذات الأولوية القصوى بوضع نظام انتخابي يعكس هموم الناس من جهة وتطلعاتهم من جهة أخرى، ونظام قادر على ترجمة الرأي العام الكويتي العام وليس الشيعي أو السني أو الحضري أو القبلي في مجلس منتخب كشبداية لمشروع بناء دولة.

لعل التكرار صار مملاً في طرح مثل هذه الأفكار، ولكن من باب إبراء الذمة أمام الله تجاه وطننا نقول إننا في سباق مع الوقت وعلى مفترق طرق، إما نحو بناء بلد أو هدم بلد أو المضي على البركة كما نحن الآن ولكن إلى متى؟!