عالم الصقور مليء بالإثارة والأعاجيب، هذه المخلوقات الراقية والمختلفة عن الطيور الأخرى تحض الإنسان للتعرف عليها وفهم "شخصياتها" واحترام تاريخها وتقدير أعمالها وتلبية احتياجاتها.

Ad

الصقر لديه كرامة وعلو شأن، فلن تجد صقراً أبداً على الأرض، يستحيل أن "يهبط" إلا مطارداً فريسته فيقضي عليها ويرتفع إلى حيث ينتمي، فقمم الجبال غايته ومكان سكنه، كما لا يمكن أن يأكل الصقر صيد غيره ولا يرضى أن يُعطى "البايت"، يموت من الجوع ولا يخالف نظامه الغذائي. ومعلومة أخرى تقول إن الصقر لا يستكبر الأعداء فيدخل في معركة يعرف أنها حتفه ولا يبالي، يقاتل العقاب والذئب مفضلا الموت على التراجع.

وقد عرف أهل الجزيرة الصقور منذ عشرات السنين، وأصبحت "الصقارة" مهنة الأمراء والنبلاء، وتكونت علاقة صداقة واحترام متبادل بين هؤلاء وثلاثة أنواع من الصقور المشهورة، فهناك نوع "الحر" الذي يتميز بالضخامة والجمال والقوة... والفتك عند "الهداد". ولـ"الحر" قيمة واحترام عند "الصقاقير" فلا تستغرب أن تراه في مجلس الرجال على يد "راعيه" يمسح عليه ويناديه، ونستطيع أن نقول عن "الحر" إنه من "عليّة" الصقور.

نأتي إلى "الشاهين" الذي هو أقرب إلى العسكري، فهو سريع الطيران منضبط الحركات مفتول العضلات ومتناسق الأطراف، يفضله الأمراء والشيوخ لأنه سريع ومطيع ولديه ولاء ظاهر وألوانه متباينة.

أحد أنواع صقور الجزيرة هو "الوكري" صغير الحجم، متوافر منه كميات كبيرة في السوق، وأسعاره مناسبة، ليس أقل شأناً فهو في النهاية "صقر" لكن كفاءته أقل من سابقيه وقدراته عادية، و"الوكري" يمثل الصقر المواطن العادي والبسيط.

مع التطور التكنولوجي والطفرة الجينية خرج نوع من الصقور لم يألفه "الصقارون الجدد"، هذا الصقر يسمى "الجير" وهو أكبر حجماً من "الحر"، وملامحه قوية، ويخلق الرعب لدى الفريسة قبل أن يفتك بها، ويعرف عنه صعوبة طباعه واستحالة خضوعه، ولا يقيم وزناً لمالكه "العليمي" وقليل الخبرة، فيحلق في السماء عالياً خلف طموحاته ليترك الأرض لمن لا يعرف ما هو "الجير".

المتعلمون وأدعياء المعرفة ومحدثو الشيخة أرادوه مدجناً خائفاً يسمع الكلام، يرهبونه بمقولة أنا شيخ بن شيخ بن شيخ فيرد عليهم بكلمة من حرفين كلنا نعلمها لكن الجير لا يستطيع نطقها.