حين تتدخل السلطات في البنوك، فإن هدفها حماية الاقتصاد من البنوك وليس حماية البنوك من الاقتصاد. هذا تعبير مميز مستعار من ميرفن كينغ، محافظ بنك إنكلترا الذي سيغادر منصبه قريباً، وينبغي أن يكون المقياس الذي نقيس به التقدم.

Ad

في صباح اليوم التالي على إلقاء محاضرتين في مانشن هاوس من قبل محافظ بنك إنكلترا ووزير المالية، جورج أوزبورن، السؤال المهم هو: هل من الصحيح أن نقول إن بريطانيا وصلت إلى نقطة تحول من «الإنقاذ إلى الانتعاش؟» هل الاقتصاد الآن محمي من البنوك؟

تغيرات

إذا حكمنا من خلال حجم النشاط ربما نظن أن السلطات انتقلت إلى طور جديد. فقد جاءت أولاً التغيرات في الموظفين، حيثُ أُلقي من النافذة ستيفن هستر، الرئيس التنفيذي لرويال بانك أوف اسكوتلاند، والإعلان عن قرب رحيل بول تَكَر، نائب محافظ بنك إنكلترا. وبعد ذلك جاءت حركة استعراضية من خلال نشر مجلد ثقيل الوزن حول أخلاقيات القطاع المالي من اللجنة البرلمانية حول المعايير المصرفية، وإطلاق تحقيق من مكتب التجارة العادلة حول المنافسة في البنوك بالنسبة لقروض الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. ثم أعطى أوزبورن الضوء الأخضر من أجل البيع المؤسسي المبدئي لجزء من مقتنيات الحكومة في مجموعة لويدز المصرفية وتعهد بمراجعة فكرة استخلاص عدد من أسوأ الأصول من رويال بانك ووضعها في بنك سيئ.

وجاء بعد ذلك شروع «سلطة التنظيم الحصيف» في تحديد الكيفية التي تعتزم بها أكبر 8 بنوك ومؤسسات ادخار وإقراض التصدي لأي نقص في رأس المال -لقد كان أسبوعاً حافلاً حقا. لكن بعد هذا كله، هل الاقتصاد محمي الآن من البنوك؟ الجواب البسيط هو «لا». إن الانتقال من الإنقاذ إلى الانتعاش هو مسألة تتعلق بالدرجة، ولاتزال أمامنا مسافة طويلة لنقطعها. فقد تحدث السير ميرفن عن «عمل يستغرق جيلاً».

ومع ذلك تم تحقيق تقدم كبير منذ عام 2007. الأزمة في «البنك التعاوني» تثبت لنا أن أجزاء من الآليات التنظيمية الجديدة تعمل بالطريقة المرغوبة في نهاية المطاف. وقد وضعت لجنة السياسة المالية في بنك إنكلترا اصبعها على جوانب النقص الرأسمالي عبر القطاع المصرفي ورفعت نتائجها إلى «سلطة التنظيم الحصيف». وهذه الذراع الجديدة لبنك إنكلترا تمسكت بموقفها وأصرت على أن يقوم «البنك التعاوني» بسد فجوة حجمها 1.5 مليار جنيه في مبالغ الوقاية الرأسمالية. ولأن السلطات تطالب باتخاذ إجراء، ولأنه لا توجد أموال متاحة من دافعي الضرائب، فإن مجموعة البنوك التعاونية الأوسع مضطرة إلى حقن المال من أجزاء أخرى من الأعمال واقتطاع مساهمة لا بأس بها، والتي سيتم تحديدها في ما بعد، من حاملي السندات. ولم يكن هناك إجهاد بالضربة القاضية أصاب تكاليف التمويل، أو الإقراض في البنوك. وكان هذا تعافياً مصرفيا عملياً، وهو تدخل تنظيمي أفضل كثيراً من حل أحد البنوك المحتضرة، أو الإنقاذ عن طريق دافعي الضرائب.

بنوك كبيرة

لكن ما ينطبق على البنك التعاوني، أو ما ينطبق على المؤسسات المالية الصغيرة الأخرى لا ينطبق على البنوك الكبيرة. فإذا أحاطت المتاعب ببنوك مثل رويال بانك، أو لويدز، أو باركليز، أو إتش إس بي سي، أو نيشن وايد، أو سانتاندر يو كيه، فلن تقف السلطات مكتوفة الأيدي. ولن نعلم في نهاية المطاف مدى صحة بنوك بريطانيا إلا حين تعود السياسة النقدية إلى أمر شبيه بالوضع الطبيعي. إن العودة في نهاية المطاف إلى أسعار فائدة قريبة من 4 أو 5 في المئة تشتمل على كثير من المخاطر الخفية للبنوك، إذا لم يتمكن زبائنها من التكيف مع تكاليف الاقتراض الأعلى.

وقبل أن يصبح من الممكن تحقيق عالم جديد يسوده الوضع الطبيعي، لاتزال الحاجة تدعو إلى اتخاذ إجراءات على عدة جبهات من أجل أن نجعل البنوك والمصرفيين جزءاً طبيعياً من الاقتصاد البريطاني أكثر من ذي قبل. وهناك أربعة عوامل مهمة على وجه الخصوص لإزالة الصفة الخاصة الملتصقة بالمصارف والمصرفيين.

* (فايننشال تايمز)