كان وما زال القائمون على اتحاد كرة القدم يتعاملون مع جميع الأمور وفي مقدمتها، للأسف الشديد، الكرة الكويتية من منظور "شخصي" بحت، بغض النظر عن سمعة الكرة وتاريخها الزاخر، حيث جاءت مشاركة منتخب السيدات في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس آسيا في المملكة الأردنية بقرار جانبَه الصواب تماماً، فلا استعدادات حقيقية للتصفيات، ولا معسكرات خارجية، ولا حتى نشاط كروي نسائي.
والمعلوم لدى الجميع أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" قد أرغم مسؤولي الاتحادات الأهلية في وقت سابق على وجوب وجود نشاط كروي نسائي في جميع الاتحادات، ومنح مسؤولو "الفيفا" مهلة لجميع الاتحادات لتفعيل النشاط الكروي النسائي، لكن مسؤولي الاتحاد الكويتي وفي التفاف على تعليمات "الفيفا" قرروا تكوين منتخب نسائي من دون وجود نشاط كروي، والمضحك المبكي في الوقت ذاته أن مسؤولي الاتحاد هم أكثر من ينادي ويهدد في الكويت بضرورة تنفيذ تعليمات "الفيفا" بحجة خطورة تعليق النشاط الكروي، وتوقيع عقوبات على الكرة الكويتية!.واعتراضنا هنا ليس على الخسارة، فالفوز والخسارة واردان في الرياضة، لكننا نعترض بكل تأكيد على الخسارة اللامعقولة بهذه الأعداد الكبيرة من الأهداف، التي أثرت على سمعة الكويت كدولة، وعلى الرياضة الكويتية، وأظهرتنا أمام العالم بمظهر المتخلفين رياضياً، على الرغم من أننا نمتلك جميع الإمكانات البشرية القادرة على تحقيق النجاح، والدليل أننا تمكنا من تكوين فريق وإيجاد فتيات مستعدات لممارسة اللعبة بشكل عفوي وسريع، إلا أنه من المؤكد أن قرار المشاركة صدر الإحباط إلى نفوس أولئك اللاعبات المغلوبات على أمرهن، خصوصاً أنهن بتن مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما تناقلته المواقع الرياضية الإلكترونية بشكل موسع، وذلك بعد الخسارة أمام أوزبكستان صفر-18، وأمام الأردن صفر-21، علماً بأن اللاعبات لا ذنب لهن في هذه النتائج الكارثية، فالمسؤولية كاملة يجب أن يتحملها من اتخذ قرار المشاركة بهذا الشكل دون إعداد ودون وجود قاعدة اختيار صحيحة وهو رئيس مجلس إدارة اتحاد الكرة الشيخ طلال الفهد، ورئيسة لجنة كرة القدم النسائية الشيخة نعيمة الأحمد، فهل سيتم وضع طلال وعمته نعيمة تحت مقصلة الحساب على العبث بسمعة الكرة الكويتية، وبسمعة المنتخب الذي يحمل اسم الكويت، أم أن طلال وعمته نعيمة أكبر من أن يحاسبهما أحد؟!والغريب في الأمر أن طلال الفهد يبتاهى دائماً بالتخطيط للكرة الكويتية، ولا يخلو مؤتمر صحافي من حديثه بإسهاب عن الخطط العشرية والخماسية والسنوية والخطط طويلة الأجل وقصيرة الأجل، لماذا لم يخطط الفهد لمنتخب الكرة النسائية؟ وما يثير علامات الاستفهام أن الشيخة نعمية الأحمد التي تترأس اتحاد رياضة المرأة لم تضع في اعتبارها، عن قصد أو غير قصد، إدارج الكرة النسائية في الدوري الرياضي النسائي الذي انطلق مؤخراً بمشاركة ثلاث لعبات هي كرة السلة وكرة الطاولة وألعاب القوى، خصوصاً أن هذه البطولة تعد احتكاكاً جيداً نسبياً للاعبات والسبيل الأمثل للاختيار.ويبقى السؤال الأهم في حلقة أسئلة إخفاق الكرة النسائية ومفاده، هل سيستمر الجيل الحالي من اللاعبات اللاتي تم ذبحهن، أم سيتم تسريحهن مع الإبقاء على رئيسة اللجنة؟ وهل سيعمل الاتحاد على إطلاق النشاط الكروي النسائي أم سيظل الحال على ما هو عليه؟.وبعيداً عن الأسئلة السابقة، فأين كانت أندية الفتيات الثلاثة من قرار تشكيل المنتخب؟ وما هو دورها الحقيقي في هذا الشأن؟ أم أن الأندية بلا دور حقيقي ويتفرغ أعضاء مجالس إدارتها فقط للصراعات على المناصب، والجلوس على المقاعد الوثيرة من دون انتخابات؟يذكر أن ثمة فتيات عملن من قبل على انطلاق النشاط الكروي النسائي عن طريق طالبات الجامعة، وكاد أن يتوج مجهودهن بالنجاح بالفعل، خصوصاً بعد مشاركة عدد كبير من اللاعبات في بطولات تم تنظيمها في الجامعة الأميركية وغيرها، بيد أن الشيخة نعيمة قبضتها على مشروع النشاط الكروي النسائي بمساعدة أصدقاء، كحال بعض أبناء الأسرة الحاكمة، الذين يهبطون بـ"البارشوت" على الأفكار المتوقع لها النجاح والمشاريع الرياضية الناجحة بالفعل من أجل الاستحواذ عليها، وأجهزت نعيمة بدورها على فكرة الفتيات اللائي عملن بجهد وإخلاص دون انتظار مكافأة من أحد.باختصار شديد، كرة القدم النسائية في الكويت باتت في الوقت الراهن أمام مفترق طرق، فإما أن تسند المهمة كاملة إلى العالمين ببواطن الأمور بعيداً عن أي مجاملات، مع إقامة نشاط كروي حقيقي قادر على إفراز لاعبات يدافعن بقوة عن ألوان وشعار الأزرق النسائي، أو إلغاء الفكرة من الأساس، مع انتظار عقوبات الاتحاد الدولي المتوقعة!
رياضة
من يحاسب طلال ونعيمة؟
10-06-2013