تبدو ظاهرة إقبال جمهور القراءة، وتحديداً فئة الشباب، على اقتناء كتب دور النشر الكويتية، من الظواهر المفرحة خلال نشاط معرض الكتاب الكويتي في السنوات الثلاث الماضية، مما أثار الكثير من ردود الأفعال تجاه هذه الظاهرة، بين مؤيد ومعارض؛ مؤيد يرى في إقبال الشباب على القراءة دليلاً يبعث على التفاؤل، أياً كان مستوى الكتاب الذي يقرأونه، وبين معارض يرى أن مستوى الكتب المنشورة في عمومها متدن، إن على مستوى حرفة الكتابة أو على مستوى اللغة أو مستوى الإخراج.

Ad

وفي أمسية حوار مفتوح مع أصحاب دور النشر الكويتية أقامها «الملتقى الثقافي» مساء الأحد 30 ديسمبر الماضي، اتفق الناشرون على أنهم يسعون سعياً جاداً إلى طباعة ونشر كتاب يليق بالمشهد الثقافي الكويتي والعربي، في زمن صار الكتاب قادراً على تخطي كل الحدود والوصول إلى قارئ العربية أينما كان.

عن دار «بلاتينيوم» قال أحمد حيدر: «إن بعض التنازل في قيمة الكتاب قد يأتي أحياناً طمعاً في كسب قارئ، وقال إن 150 عنواناً أصدرتها الدار قدمت للقارئ داخل وخارج الكويت أسماء شبابية كويتية يؤمل عليها الكثير في ميدان القصة والرواية». وأضاف: «إن حضور دور نشر كويتية في معارض الكتب العربية، إنما هو حضور للأدب الكويتي».

أما الناقد فهد الهندال صاحب دار «الفراشة»، فقد أشار إلى «ضرورة تفريق الناشر بين مهنة التاجر ومهنة الناشر الأدبي، لأن الجمع بينهما يكاد يكون مستحيلاً. مما يضع على عاتق الناشر مهمة تاريخية كبيرة». كما أشار إلى وجود لجنة قراءة لدى الدار وتقوم بتقييم الأعمال قبل طباعتها. وأكد أن التوزيع داخل الكويت هو التحدي الأكبر الذي يواجه الناشر الكويتي، حيث المكتبات في الكويت لا تقبل بنسبة تخصّها تقل عن خمسين في المئة. وأثنى على تجربة تعاون دور نشر كويتية مع دور نشر عربية.

وتحدث صاحب أحدث دار نشر «نوفابلس» خالد النصر الله قائلاً: «إن الدار قامت بالاستعانة بمستشار إعلامي لترتيب أمور التسويق، وتمنى على الأجيال المخضرمة من الكتّاب الكويتيين التعاون مع الناشر الكويتي، مما يشكّل دليل اعتراف بوجوده، ويكون دعماً كبيراً له».

إن الوقوف على آراء أصحاب دور النشر، يظهر نوايا طيبة وجهداً ثقافياً لا مجال لنكرانه، لكن ولأن النوايا والجهد أعجز بكثير من أن يُنجحا عملاً، دون الاستعانة بضوابط أساسية مطلوبة، فإن على دور النشر الكويتية، قراءة سوق النشر العربي، والوقوف عند أنجح التجارب ومحاولة مسايرتها، على شرط أن تكون قيمة المنتج الثقافي الإبداعية هي الشرط الأساسي الذي يجب عدم التفريط به أو التنازل عنه.

إن المتأمل لسوق النشر العربية، يرى أن الكتاب العربي، عبر معارض الكتب، ونقط بيع شبكات الإنترنت، وأخيراً الجوائز العربية، استطاع أن يكون حاضراً على ساحات الثقافة أياً كان مكانها، وإن المبدع العربي، صار معروفاً لدى جمهور القراء. وهذا ينفي مقولة النشر للقارئ المحلي، ويدحض الرأي القائل بإمكانية التساهل مع الكاتب الشاب والكتاب الأول.

إن الساحة الثقافية الكويتية تبدو مزدحمة بأسماء شبابية كثيرة، في مجال كتابة القصة القصيرة والرواية، وإذا كان هذا المشهد مبعث فرح لاهتمام الشباب وانحيازهم إلى عالم المعرفة والكتاب والثقافة، فإنه لابدَّ من التذكير بمسؤولية النشر، وأن الكاتب متى ما نشر كتاباً لاحقه ذلك الكتاب طوال حياته، ولذا عليه أن يتأكد من مستوى كتاباته من خلال عرضها على أصحاب الخبرة أو من خلال توقفه عند رأي لجان القراءة في دور النشر. ولا تقل مسؤولية الناشر الكويتي عن مسؤولية الكاتب نفسه.