مُكابدات العِلم والعمل معاً
![آدم يوسف](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1463597677535940800/1463597704000/1280x960.jpg)
يأتي حديثي عن هذا الرجل، الباحث، العصامي، بعد أن وقع بيدي كتاب أصدرته مؤسسة البابطين أخيرا، بعنوان «المشهد الإنساني في الشعر العربي قبل الإسلام- تمثّل وتمثيل». والمفاجأة أن هذا الكتاب في أصله رسالة الدكتوراه التي أعدّها الراحل، لجامعة الجزائر، وكان على وشك مناقشة البحث، والحصول على الدرجة العلمية، لولا أن القدر عاجله قبل بضعة أيام من المناقشة، فارتأت الجامعة مناقشة الرسالة علنا، وبالفعل تم ذلك صباح يوم الثلاثاء 9/12/2012، بعد وفاة المؤلف، استنادا إلى لوائح الجامعة وقوانينها، وقد تشكلت لجنة المناقشة من: الطاهر الحجار، وعثمان بدري، وجميلة بو تمجد، والسيد محمد عبدلي، ومحمد مصطفى أبوشوارب. وقررت لجنة المناقشة أن تمنح الرسالة درجة دكتوراه، بتقدير مشرّف جدا، مع التوصية بطبع الرسالة، وهو أعلى تقدير تمنحه الجامعة.أن تتضمن لوائح الجامعة –المعروفة بصرامتها- شقا إنسانيا عاليا، يسمح بمناقشة الرسالة، ومنح الدرجة العلمية، إذا كانت في ظروف مشابهة لما أشرنا إليه، فإن ذلك يدل على رقيّ في التعامل مع البحث العلمي، والباحثين، لاسيما أن الباحث قد استكمل جميع شروط نيل الدرجة العلمية، ولم يتبق سوى المناقشة العلنية، التي حال الموت بينه وبينها، فتحية تقدير هنا لجامعة الجزائر، وطاقمها العلمي.قد لا يسمح المجال هنا لمناقشة الكتاب، ومحتوى المادة العلمية فيه، إلا أن قصة حياة الباحث الراحل، ومكابداته من أجل لقمة العيش، والسير في طريق العلم جنبا إلى جنب، تنطوي على مفارقات إنسانية، لا تقل أبدا عن خبر الرحيل، وفُجاءة القدر ذاته، ومن ثم حصوله على الدرجة العلمية بعد غيابه. وهو في رحلة الطموح هذه ربّما يتقاطع مع كثير ممن وفدوا إلى الكويت، في فترة الستينيات، والسبعينيات، ومن ثم ارتأوا شق طريق البحث العلمي والعمل في الوقت ذاته، من دون غطاء، أو معاونة من مؤسسة رسمية، أو حكومية، بل اعتمدوا على الاجتهاد الذاتي، وبعضهم قدم مؤلفات مهمة تتعلّق بتاريخ الأدب والثقافة في الكويت، كما أن بعضهم أسهم في إصدارات أدبية، والانخراط في الوضع الثقافي المحلي.