الإلحاد والردة مرة أخرى (1)
![باسم يوسف](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1491404945710385100/1491404945000/1280x960.jpg)
وحتى نكون منصفين فإن هذه الأصوات لم ترتفع فقط بعد وصول الإسلاميين إلى الحكم، ففي التسعينيات كانت هناك دعاوى ردة ضد د. نصر حامد أبوزيد ودعاوى للتفريق بينه وبين زوجته، وبالرغم من إلغاء الحكم عن طريق محكمة النقض فإنه مات منفياً بعيداً عن بلده، أيضاً في أغسطس سنة 1977 تم تقديم مشروع إلى مجلس الدولة بإقامة حد الردة، ونص هذا المشروع على حبس المرتد أكثر من مرة مدة عشر سنوات، وتصاعدت العقوبة لتصل إلى الإعدام في بعض الحالات، لم يتم تطبيق هذا القانون، ولكن إذا عرفنا أن مقدمي مقترح القانون استندوا إلى وجود المادة الثانية في الدستور وأن من قدمه كان لفيفاً من المحامين والقانونيين، حدث ذلك والإسلاميون بعيدون كل البعد عن الحكم في ظل حكم السادات ومبارك، فربما الآن في ظل الحكم الإسلامي هناك فرصة أكبر لإعادة الكرة خاصة مع ارتفاع الكثير من الأصوات لتطبيق الحد أو على الأقل الاستتابة. في هذا المقال لن أواجه موضوع حد الردة باستخدام شعارات حقوق الإنسان وحرية التعبير، ولكنني سأحاول محاولة متواضعة لتفنيد هذا الحد من خلال قراءاتي المتواضعة في القرآن والسنة، فإذا أخطأت فعلى الأقل لي أجر، كالعادة ستكون هناك تعليقات مثل "مش فاضل إلا أنت كمان اللي تتكلم في الدين" و"دعوا الكلام في الدين للمتخصصين" كأن الكلام في الدين حكر على فريق معين، ربما يكون هو نفس الفريق الذي أوصلنا إلى حد أننا نناقش الإلحاد كظاهرة معلنة في مجلس الشورى، الدين يا سادة مجال مفتوح للجميع ليتكلموا فيه، نحن لا نفتي ولا نقدم نصيحة أو مشورة، نحن نبدي رأينا والمجال مفتوح للجميع. المهم، لنرجع للموضوع يعتمد أنصار حد الردة على ثلاثة أو أربعة أحاديث لتأييد موقفهم، أشهرها "من بدّل دينه فاقتلوه"، والحديث الآخر عن أنه لا يحل قتل المسلم إلا في إحدى ثلاث خصال: زان محصن فيرجم، ورجل قتل مسلماً متعمداً، والتارك لدينه المفارق للجماعة. أما عن الحديث الأول فبالنسبة إلى السند فإن الروايات المتكررة له تنتهي إلى عكرمة عن ابن عباس، والمشكلة هنا أن الإمام مسلم استبعد عكرمة من أحاديثه ولم يخرج له إلا حديثاً واحداً في الحج مقروناً بسعيد بن الجبير، وتركه لطعن طائفة من العلماء فيه أنه كاذب، وأنه كان يرى رأي الخوارج، وكان يقبل جوائز الأمراء (كما قال عنه الشيخ محمد أبوزهرة في كتابه الحديث والمحدثون، وخصص الإمام الذهبي صفحتين في كتابه ميزان الاعتدال أورد فيهما مختلف الآراء على أنه كاذب لا يحتج به). أما الحديث الثاني عن المسلم المرتد المفارق للجماعة، فهناك روايات كثيرة للحديث تقرن برواية عبدالله بن مسعود التي تقرن الارتداد وفراق الجماعة بإعلان الحرب وإيقاع الضرر بالمسلمين، فبعض العلماء أخذوا بظاهر القول أن المفارق للجماعة أي الذي تركها والكثير قالوا إنه يجب أن يقرن الارتداد بإعلان الحرب وإيقاع الأذى بالمسلمين، وحيث إننا نتكلم عن أرواح بشر فالكثير من العلماء لا يرجّحون أن مجرد ترك الدين مبرر كاف للقتل بل يجب إقرانه بتهديد الجماعة أو الأمة. ولكن ما هو رأي القرآن الواضح والصريح في موضوع الردة؟ وكيف تعامل الرسول مع من ارتد من المسلمين على عهده؟ وما هي قصة عبدالله بن خطل الذي قتل بالرغم من تعلقه بأستار الكعبة؟ وما هو السبب الحقيقي لإعلان الحرب في ما سُمي بحروب الردة في عهد أبي بكر الصديق وأخيراً ما هي شرعية أحكام الاستتابة؟ أحاول الإجابة عن هذه الأسئلة الأسبوع المقبل إن شاء الله. * ينشر باتفاق خاص مع «الشروق» المصرية