المستشار الفاضل والأخ الأكبر شفيق إمام
شرَّفتني بتعليق وعتاب في مقالك الأخير حول مقالين متتابعين لي وقد سعدت- رغم الاختلاف في الرأي- بهذا التشريف، وإن لم أكن مخطئاً فقد جاء تعليق سيادتك في صورة إجابة عن سؤالين؛ الأول، عن تشبث القضاة بالإبقاء على سن التقاعد (70 عاما)، وقد أوضحت سيادتكم أن ذلك يرجع إلى عدم جواز عزل القاضي تبعاً للمادة (170) من الدستور... وإن لم تخني الذاكرة فقد ذكرت سيادتكم في مقال سابق ما يؤكد أن العزل يختلف عن خفض سن التقاعد، ووصمت القانون المقترح بالالتفاف حول الدستور وأن هذا الالتفاف لا ينطلي على أحد.سعادة المستشار: النص الدستوري واضح لغوياً وقانونياً ولا يحتمل التأويل، ولو كان المشرع في حاجة إلى إضافة كلمة أو عبارة لما كان لأحد أن يمنعه، وقد جاء نص المادة (170): "القضاة مستقلون غير قابلين للعزل... ويحدد القانون شروط وإجراءات التعيين..."، أما الالتفاف ومحاكمة النوايا فلم نعهده يوماً من سيادتكم ولا من قضاء مصر الشامخ، ولو كانت الأحكام- مثلاً- بالنوايا لاختلفت أحكام محاكمة "القرن" تماماً وما نال مساعدي "العادلي" البراءة.ثانياً: بالنسبة إلى مد سنّ التقاعد لغير القضاة أوضحت سيادتكم، وأوافقك تماماً، أن مد السن يخضع للظروف السياسية والاجتماعية والملاءمات والدليل- هذا حديثي أنا- هو الظروف التي تم فيها مدّ السن للقضاة، وأعتقد أن سيادتكم تتذكرها جيداً، أما ما أختلف معك حوله فكيف تكون الظروف والملاءمات سبباً مقبولاً في مد السن ونعترض عليها في خفضه؟سيادة المستشار هناك الكثير من الحديث، ولكن المساحة تضيق وأعلم أنني أحاور شيخاً جليلاً من شيوخ القانون يقرأ ما بين السطور، ويعلم ما أود قوله دون شرح أو إسهاب.أتقبل عتابك بصدر رحب وعقل منفتح، فأنت أخ أكبر أعتز كثيراً- إذا سمحت لي- بزمالته في "الجريدة"، ولكن دعني أوضح شيئاً؛ لقد شبهت أنا تشبث القضاة بتشبث الطفل الرضيع، وهو تشبث فطري غريزي عفوي سلمي بينما وصفته سيادتك بالانتفاضة، وهي تشبث قوي وعنيف ومخطط له، فأيهما أكثر تشدداً السلمي العفوي أم العنيف المخطط له؟ أيهما أكثر تقديراً للقضاء؟وبالنسبة إلى حديثكم حول السخرية، أعاذني الله منها فأعتذر لكل من فهم من حديثي أي سخرية لفرد أو فئة، ولكن نقدي ورفضي هو للفكر والأسلوب وليس للأفراد أبداً، وأعتقد أن نقد الفكر ورفض الأسلوب وإبداء الرأي حق مكفول للجميع وبنص الدستور.سيادة المستشار... لا يمكن النظر إلى هذا القانون وغيره بمنأى عمّا حدث ويحدث في مصر. إن الفساد الذي عانته مصر زمناً طويلاً ألقى بظلاله على جميع مؤسسات الدولة بلا استثناء، كما أن ثورة يناير رمز الأمل لمصر المستقبل تؤثر في الجميع وتحرك المياه الراكدة في كل مكان.إن بعض القضاة- لن أقول جميعهم- لا يرون القضاء سلطة مستقلة فقط بل يرونه سلطة فوق السلطات جميعها تحكم وتأمر ويرون أفراده أرفع مكاناً وأعلى منزلة من بقية المصريين لا لشيء إلا لكونهم قضاة (راجع تصريح رئيس نادي القضاة عن أعضاء مجلس الشعب قبل حله) ولتذهب المواطنة والمساواة إلى سلة المهملات.سيادة المستشار... إن نبض الجماهير في الشارع وإحساسهم الذي يعبر عنه الكاتب أمانة يشرف حاملها ويؤثم مضيعها لا تبطلها شفاعة ولا تحجبها زمالة، وإذا كان الدستور يرى الشعب مصدراً للسلطات، فأعتقد- وعذراً- أن ما يقوم به "بعض القضاة" من تشنجات وتصريحات وتدويل... إلخ لا معنى له، خصوصاً أن القانون المعروض نص على أخذ رأي الهيئات القضائية أثناء مناقشته، وعلى عرضه على المحكمة الدستورية قبل إقراره، فأي ضمانات دستورية أخرى يمكن إضافتها؟!***"إلى كل مصري لا تجعل كرهك للإخوان أكبر من حبك لمصر... ولا تجعل انتماءك إلى الإخوان أكبر من انتمائك إلى مصر".
مقالات
مع خالص الاحترام والتقدير
07-06-2013