تتجه الأنظار إلى سورية حيث من المتوقع أن تشهد الساعات القليلة المقبلة تصعيداً كبيراً يتمثل بتوجيه ضربة عسكرية دولية لنظام الرئيس بشار الأسد، عقاباً على استخدامه السلاح الكيماوي ضد مدنيين في منطقة الغوطة الأسبوع الماضي، في هجوم وحشي أسفر عن مقتل أكثر من 1300 شخص.   

Ad

بات من شبه المؤكد والمحسوم أن القوى الغربية ستوجه ضربة عقابية لنظام الرئيس بشار الأسد خلال أيام قليلة رداً على استخدامه السلاح الكيماوي ضد المدنيين في منطقة الغوطة الشرقية يوم الأربعاء الماضي، في هجوم وحشي أسفر عن مقتل أكثر من 1300 شخص بينهم العديد من الأطفال والنساء.  

ونقلت قناة «أن بي سي» الأميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن الضربة الصاروخية قد توجه إلى سورية «بحلول الخميس كأقرب موعد»، مضيفين أن الضربات ستكون محدودة وتستمر «ثلاثة أيام»، وهي تهدف إلى توجيه رسالة إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد وليس لتدمير قدراته العسكرية. وقال المسؤولون إن الضربة لا تهدف إلى قتل الأسد، وستكون محدودة لأن الهدف هو الرد على استخدام السلاح الكيماوي.

بدورها، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن مسؤولين قولهم إن «الرئيس باراك أوباما يدرس شن ضربة عسكرية ضد سورية ستكون محدودة النطاق والمدة، ومصمّمة لتكون عقوبة على استخدام سورية للسلاح الكيماوي وكرادع لها، مع إبقاء الولايات المتحدة بعيدة عن التدخل العميق في ذلك البلد الذي يشهد حرباً أهلية».

وفي السياق، أكد عضو الهيئة السياسية للائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد رمضان أن الضربة العسكرية على الأسد هي مسألة أيام، وأوضح: «ليس هناك كلام عن توقيت محدد لأن هذا الأمر عسكري، ولكن هناك حديث عن تحرك دولي وشيك الآن ضد النظام، ونحن نتحدث عن ايام وليس عن أسابيع».

وجدد وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أمس التأكيد على استعداد القوات الأميركية للتحرك ضد سورية في أي لحظة بمجرد أن يصدر أوباما القرار.  وأكد هيغل ان الولايات المتحدة ستكشف قريبا عن الادلة بأن النظام السوري استخدم اسلحة كيماوية ضد شعبه.

وعقب التحدث مع نظيريه البريطاني والفرنسي في وقت سابق أمس، قال هيغل: «معظم حلفائنا ومعظم شركائنا، ومعظم أعضاء المجتمع الدولي الذين تحدثنا معهم ليس لديهم شك في أن أبسط المعايير الانسانية الدولية انتهكت باستخدام النظام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه». 

ودعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس نواب مجلس العموم إلى اجتماع طارئ غداً الخميس من أجل التصويت على قرار واضح اما بإجازة استخدام القوة ضد النظام السوري أو العكس.

وأعلن مصدر في الرئاسة الفرنسية قبيل خطاب للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن فرنسا «لن تتهرب من مسؤولياتها» في سورية. 

وقال المتحدث باسم الحكومة التركية بولاند ارينج إن أنقرة ستنضم الى أي تحالف دولي ضد النظام السوري. وأعرب ارينج عن الاعتقاد بأن هذا التحالف المحتمل سيضم حوالي 25 دولة من بينها دول غربية وعربية وإسلامية.

 

موسكو وطهران 

 

في المقابل، دعت وزارة الخارجية الروسية أمس الولايات المتحدة والأسرة الدولية الى الحذر بشأن سورية، محذرة من أن أي تدخل عسكري ستكون له «عواقب كارثية» على دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

وأعلنت الوزارة في بيان أن «المحاولات الرامية الى الالتفاف على مجلس الأمن وايجاد ذرائع واهية وعارية عن الاساس مرة جديدة من اجل تدخل عسكري في المنطقة ستولد معاناة جديدة في سورية، وستكون لها عواقب كارثية على الدول الاخرى في الشرق الاوسط وشمال افريقيا».

وأعربت الخارجية مجدداً عن «خيبتها البالغة» لقرار الولايات المتحدة ارجاء اجتماع ثنائي كان مقررا عقده في لاهاي حول الأزمة السورية.

الى ذلك، ذكر مصدر عسكري دبلوماسي روسي أمس أن أي تدخل عسكري غربي في سورية لن يحقق «نصرا سهلا» لأن الحكومة السورية لديها ما يكفي من أنظمة الدفاع الجوي لصد الهجمات، مضيفا أن «نظام بوك- ام 2 اي لصواريخ ارض جو المتعدد الوظائف وغيره من وسائل الدفاع الجوي التي تملكها القوات السورية سترد بالشكل المناسب على المعتدين».

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن «الغرب يتصرف كقرد في يده قنبلة» وذلك في تغريدة على «تويتر». وفي وقت غادرت بعض السفن الروسية من سورية، أعلنت مصادر روسية أن سفينة الامداد التقني في قاعدة طرطوس البحرية ستغادر فور حدوث تصعيد حاد، وهبطت أمس طائرة نقل روسية تحمل مساعدات غذائية في مدينة اللاذقية السورية أمس على ان تقوم بإجلاء رعايا روس يرغبون في مغادرة البلد المضطرب، بحسب ما أفادت وزارة الطوارئ الروسية.

من ناحيتها، حذرت طهران أمس الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان الموجود في طهران أن «استخدام الوسائل العسكرية ستكون له عواقب وخيمة ليس فقط على سورية بل ايضا على المنطقة برمتها»، معربة عن أملها في أن «يبدي القادة الاميركيون وبعض الدول الاوروبية ما يكفي من الحكمة، لا سيما انه لم يصدر اي تفويض من مجلس الامن الدولي» لعملية عسكرية.

 

المعلم

 

وفي دمشق، أعلن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان النظام لديه أدوات دفاع ستفاجئ بها الآخرين في حال تعرضها لهجوم غربي، ويتحدى الذين يتهمونه باستخدام السلاح الكيماوي في أن يقدموا أدلتهم للرأي العام. وقال المعلم في مؤتمر صحافي: «في حال قيامهم بضربة عسكرية أمامنا خياران إما الاستسلام أو الدفاع عن أنفسنا، وسندافع عن أنفسنا بالوسائل المتاحة». وأضاف «سورية ليست لقمة سائغة، لدينا أدوات دفاع عن النفس سنفاجئ بها الاخرين... يجب أن نؤمن بالنصر».

وقال إنه من الوهم الاعتقاد ان أي ضربة عسكرية ستحدث توازنا بين قوات النظام والمعارضة المسلحة، مضيفاً: «إن كانوا يريدون العدوان على سورية فإن ذريعة استخدام السلاح الكيماوي غير دقيقة وباهتة، وإذا كان الهدف من حملتهم التأثير المعنوي على الشعب السوري فهم مخطئون وأتحداهم أن يظهروا ما لديهم من أدلة».

وأكد المعلم أن «التنسيق السوري الروسي على المستوى السياسي يكاد يكون شبه يومي وعلاقات البلدين تاريخية، وأن روسيا جزء من صمود سورية، ولا غبار على العلاقات بين البلدين»، موضحا «لدينا تنسيق كامل مع الاخوة في إيران، وهم يعلمون أن ما يجري في سورية والعراق هو تنفيذ لسياسة مرسومة منذ عام 2009 للوصول إلى طهران»، زاعما أن اي «عدوان على سورية سيخدم إسرائيل وتنظيم القاعدة».

 

الجامعة 

 

واتهم مجلس الجامعة العربية الذي عقد اجتماعا طارئا أمس على مستوى المندوبين الدائمين النظام السوري بشن الهجوم بالأسلحة الكيماوية على الغوطة. وفي ختام اجتماعه الطارئ في القاهرة عبر المجلس عن «إدانته واستنكاره الشديدين للجريمة البشعة التي ارتكبت باستخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً» وحمل النظام السوري «المسؤولية التامة» عن الهجوم. وطالب «بتقديم كل المتورطين عن هذه الجريمة النكراء لمحاكمات دولية عادلة أسوة بغيرهم من مجرمي الحروب». ودعا مجلس الجامعة العربية «المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياته وتجاوز الخلافات بين أعضائه، وذلك عبر القيام بالإجراءات الرادعة واللازمة ضد مرتكبي هذه الجريمة التي يتحمل مسؤوليتها النظام السوري، ووضع حد للانتهاكات وجرائم الابادة التي يقوم بها النظام السوري منذ أكثر من عامين». 

 

سعود الفيصل 

 

وطالب وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل المجتمع الدولي باتخاذ موقف «حازم وجاد» ضد النظام السوري الذي قال انه «فقد هويته العربية». وقال الأمير سعود في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الرسمية انه بعد «استخدام السلاح الكيماوي المحرم... بات الامر يتطلب موقفا دوليا حازما وجادا لوقف المأساة الإنسانية للشعب السوري، خصوصا أن النظام السوري فقد هويته العربية ولم يعد ينتمي بأي شكل من الأشكال للحضارة السورية التي كانت دائما قلب العروبة».

 

لجنة سيلستروم 

 

إلى ذلك، اعلنت الامم المتحدة أمس تأجيل الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها فريقها للتفتيش على الاسلحة الذي يقوده آكي سيلستروم الى موقع قرب دمشق بسبب مخاوف «على أمنهم». وقال المتحدث باسم الامم المتحدة فرحان حق إن تعرض فريق الخبراء أمس الأول الى هجوم بنيران القناصة أدى الى مراجعة خطة العودة إلى الغوطة في ريف دمشق.

 (عواصم - أ ف ب، كونا، رويترز، د ب أ، يو بي آي)