ترى قيادات سياسية بارزة في "قوى 14 آذار" أن الاتفاق بين معظم مكوناتها على قانون للانتخاب يجمع بين النظامين النسبي والأكثري سمح لها بتحقيق مجموعة من المكاسب أبرزها:

Ad

1- إنقاذ وحدتها ومنع تشتيت قواها، وبالتالي الحفاظ على الشراكة المسيحية- الإسلامية التي تجسدها والتي تعتبر سر قوتها الرئيسة.

2- رمي كرة النار المتمثلة بوضع مشروع قانون "اللقاء الأرثوذكسي" بندا وحيدا على جدول أعمال الجلسة التي كانت مقررة لمجلس النواب يوم أمس، والتي سعى رئيس مجلس النواب نبيه بري الى إحراج مسيحيي 14 آذار من خلالها، في ملعب "قوى 8 آذار" التي فقدت زمام المبادرة المتمثل بالأكثرية "المنقوصة الميثاقية" التي كانت تظلل مشروع "اللقاء الأرثوذكسي" بفعل رفضه من الطائفتين السنية والدرزية.

3- إحراج رئيس مجلس النواب بمشروع قانون مختلط كان هو صاحب المبادرة في طرح فكرته في وقت سابق كحل وسط بين القانون الحالي الساري المفعول دستوريا ومشروع اللقاء الأرثوذكسي. ويتمثل الإحراج في كون المشروع المختلط قد حظي بموافقة مسيحية – سنية – درزية. فإذا تراجع الرئيس نبيه بري عن فكرته تكون "قوى 14 آذار" قد نجحت في تثبيت وجهة نظرها القائلة بأن "قوى 8 آذار" لا تريد انتخابات نيابية إلا من خلال قانون يسمح لها بوضع يدها على القرار السياسي للدولة اللبنانية. في حين أن أي قانون "متوازن" سيدفع حزب الله وحلفاءه الى دفع الأمور في اتجاه الفراغ التدريجي على المستويات الحكومية والنيابية والأمنية والعسكرية وربما الرئاسية في مرحلة لاحقة بعد أقل من سنة. أما إذا سار بري بمشروع القانون المختلط فتكون "قوى 14 آذار" قد نجحت في إيقاع الرئيس بري وحلفائه في الفخ الذي نصبوه لها أصلا. بمعنى أن بري على الأقل سيكون مضطرا إلى مواجهة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الرافض لغير مشروع "اللقاء الأرثوذكسي"، علما أن حزب الله سيجد بدوره إحراجا كبيرا في التوفيق بين موقف بري الداعم للقانون المختلط في حال سار فيه حتى النهاية وبين موقف عون الرافض لما يسميه التنازل عن حق المسيحيين في خمسة عشر نائبا ممن سينتخبون بأصوات غير المسيحيين.

وانطلاقا من هذه المعطيات يرى المراقبون أن لعبة التجاذب وشد الحبال وعض الأصابع بين "قوى 14 آذار" و"قوى 8 آذار" لاتزال بعيدة عن نهايتها لمصلحة وجهة نظر على حساب أخرى. كما أنها لاتزال بعيدة عن تسوية يرضى بها الجانبان. فلا "قوى 14 آذار" باتت تملك القوة الكافية لفرض وجهة نظرها، ولا حزب الله يشعر بالتراجع الكافي لموقعه لكي يقبل التنازل. أما منطق التسوية المحلية فلايزال في حاجة الى بوادر تسوية إقليمية على قاعدة استحالة الفصل بين تطورات الوضع اللبناني وموازين القوى الداخلية من جهة وتطورات الوضع الإقليمي، لاسيما في سورية وموازين القوى السورية – الإيرانية – الروسية من جهة والخليجية – التركية – الأميركية من جهة مقابلة.

وعليه فإن المراقبين يتوقعون تمديدا طويل الأمد للمراوحة السياسية مع ما يعنيه ذلك من استحالة إجراء انتخابات نيابية قريبة. أما الوضع الحكومي فسيكون من جديد اعتبارا من الأيام القليلة المقبلة موضع محاولات متبادلة بين "قوى 14 آذار" و"قوى 8 آذار" لمحاولة كل فريق تسجيل نقاط في ملعب الفريق الآخر من خلال إحياء فكرة حكومة "الأمر الواقع" التي تطالب بها "قوى 14 آذار"، وحكومة "التوازن السياسي" التي يطالب بها حزب الله وحلفاؤه.