تحمل الأخبار الواردة من مجلس الأمة ملامح مرحلة قادمة، تشتد فيها الصراعات والأزمات وتعيد المجلس إلى أجواء التوتر والتأزيم.

Ad

فمنذ الجلسة الافتتاحية وحسم انتخابات رئاسة مجلس الأمة، بدأت تتشكل فصول معركة قادمة، تطايرت شظاياها سريعا لتصيب الوزراء والنواب على حد سواء.

فبعد نحو أسبوع على أداء النواب القسم الدستوري إيذانا ببدء عملهم النيابي، تعالت أصوات التهديد بالاستجوابات والمطالبات برحيل الحكومة، في موقف أثار الكثير من التساؤلات عن خلفيات وأسباب التصعيد ضد الحكومة.

نوعية النواب

صحيح ان المواجهة بين المجلس والحكومة ليست جديدة فهي لم تتوقف على مدى عمر المجالس النيابية المتعاقبة، وكانت تشتد وتخفت بحسب تركيبة المجلس ونوعية أعضائه، بل انه حتى في المجلس المبطل الثاني الذي كان غالبية أعضائه محسوبين على الحكومة لم يخل من المواجهة بين السلطتين اذ قدمت ستة استجوابات مختلفة لأعضاء الحكومة. الا أن تكرار الأزمات السياسية يعرقل عمل الحكومة ويغير مسار وجهتها من السير نحو البناء والتنمية إلى التفكير في كيفية مواجهة وتجاوز هذه المطبات.

تبدل المواقف

اللافت ان الفريق النيابي الذي كان يقود التهدئة، ويدفع نحو التعاون مع الحكومة في المجلس المبطل الثاني، هو من يتصدر اليوم مشهد التصعيد البرلماني ضد الحكومة، في موقف يثير الكثير من الأسئلة، ويضع علامات الاستفهام حول أسباب تبدل مواقف البعض من إشادة بالحكومة إلى انتقاد لها وتصيد لأخطائها.

ربما ليست ثمة مشكلة حقيقية لدى الحكومة في مواجهة "تأزيم" المجالس النيابية، فهي باتت تملك الخبرة والقدرة على التعامل مع أي استجواب يقدم إليها بوسائلها المختلفة إما بإحالة مادة الاستجواب إلى المحكمة الدستورية أو اللجنة التشريعية أو بالتأجيل الطويل الأمد أو أحيانا بالطلب من الوزير المستجوب الاستقالة، وفي أسوأ الحالات رفع كتاب عدم تعاون والدفع نحو حل المجلس.

غير أن الجديد في المجلس الحالي تحول الصراع السياسي من بين المجلس والحكومة إلى ما بين النواب أنفسهم في مشهد قلما تكرر في التجربة الديمقراطية الكويتية.

 وبات التراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات وتصيد الأخطاء والزلات بين النواب عنوان عمل المجلس الذي مازال يتلمس خطوات دربه الأولى.

حل البرلمان

 وتعكس السجالات التي دارت بين رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم والنائبة صفاء الهاشم واقع حال المجلس، وتنبئ بمشهد قادم تشتد فيه الخلافات النيابية وتزداد حده الطروحات داخل البرلمان.

بيد أن حادثة الغانم وصفاء ليست سوى رأس جبل الجليد لحالات المواجهة الكثيرة التي سيشهدها المجلس في القادم من الأيام سواء مع الحكومة أو بين النواب أنفسهم في محاولة تصعيد وتأزيم لدفع علاقة السلطتين إلى زاوية عدم التعاون وصولا إلى حل البرلمان.

يبدو أن معركة دور الانعقاد القادم بدأت مبكرا وتكشفت أدواتها وأسلحتها، ولا يظهر أنها ستكتفي بالهجوم على الحكومة والتصعيد ضد وزرائها إنما ستمتد إلى رئاسة مجلس الأمة التي باتت هدفا لإفشال عمل المجلس ومحاولة إضعافه، بدءا من انتقاد استبيان الأولويات وصولا إلى ترصد التصريحات.