قال الباحث الأكاديمي د. محمد حسان الطيان إن الغرب أكدوا تفوق العرب في علم الصوتيات، مؤكدا أن العرب خلفوا تراثا حافلا بالبحث والدراسة التطبيقية لبعض النظريات.

Ad

جاء ذلك ضمن محاضرة "علم الأصوات عند العرب" استضافتها رابطة الأدباء الكويتيين، ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي التاسع عشر، تحدث فيها د. محمد حسان الطيان، وأدارها الكاتب مهنا المهنا.

بداية، تحدث د. الطيّان عن رسالة العالم ابن سينا التي تشمل ستة فصول، إذ يركز في الفصل الأول على ماهية الصوت وأسباب حدوثه من قرع أو قلع، مستشهداً بعض النماذج التي تدل على كل صفة، وفي الفصل الثاني، يرصد تحول الصوت إلى حرف، أما في الثالث فيقدم ابن سينا تشريحا للحنجرة واللسان متتبعاً مراحل خروج الحرف، وتناول في الفصل الرابع حروف العربية حرفاً حرفاً مبيّناً سببَ حدوثِها وما يعتري كلاً منها من عمليّات عضوية تتبدّى في دفع الهواء، وحبسه، وكيفية هذا الحبس وإلى ما هناك من هذه العمليات الدقيقة، وخامساً يسلط الضوء على الحروف الشبيهة بالحروف العربية وليست في لغة العرب وفي الفصل السادس: تتبع الحروف التي قد تسمع من حركات غير نطقية كالتصفيق.

الأصوات المقارنة

واشار الباحث إلى تفرد ابن سينا في دراسته البحثية، إذ عالج من خلال هذه الرسالة أصوات اللغة على نحو فريد وهو يتصل بما يسمى علم الأصوات النطقي فقد جاء حديثه فيها حديثَ العالم الفيزيائي حين أشار إلى كنهِ الصوت وأسبابه، وحديثَ الطبيب المشرِّح حين وصف الحَنجرة واللسان، وحديثَ اللغوي المجوِّد حين عرض لوصف مخارج الحروف وصفاتها، وحديثَ عالم الأصوات المقارنة حين تصدى لوصف أصوات ليست من العربية، وحديثَ فقيهِ اللسان وأسرار الطبيعة حين ربط بين أصوات الطبيعة وأصوات الحروف.

وأضاف الطيّان أن تراث العربية حافل بعلم الصوت وما إليه، فقد خطَا علماء العرب بهذه الدراسات الصوتية خطوات واسعة، وضربوا فيها بسهم وافر، شهد بذلك نصفة الدارسين من الغربيين، غير أولي الهوى والزيغ، حتى قال قائلهم: "لم يسبق الأوروبيين في هذا العلم إلا قومان العرب والهنود".

وقال المستشرق الألماني شادِه عن الأصوات عند سيبويه: "فيستحق ما قد وصل إليه من غايات علم الأصوات أن نعتبره كما أجمع على تسميته كل من درسه من علماء الشرق والغرب مفخراً من أعظم مفاخر العرب".

ويتابع الطيّان: "ومع أن علم الأصوات لم يعرف بهذا الاسم عند العرب إلا في مرحلة لاحقة، فإنه لم يغب عن مصنفات المتقدمين من علماء العربية؛ نحوها وصرفها وعروضها وبلاغتها وموسوعاتها الأدبية، والطب والحكمة والموسيقى والقراءة والتجويد... ذلك أنه مازج هذه العلوم المختلفة وداخلها حتى لا تكاد تقع على كتاب فيها يخلو من كلام في علم الأصوات أو أثارة منه".

واستعرض الطيان بعض الدراسات والمؤلفات للكثير من علماء العرب ومنهم سيبويه والفراهيدي والكندي.

علوم وفنون

ويقسم الطيّان العلوم التي أسهمت في علم الأصوات إلى ثلاث زمر، تشمل الأولى علوم اللغة، ويتصدرها مبتكر العروض والموسيقي المرهف العالم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي ألّف كتاب العين وهو الكتاب الأول في دنيا المعاجم وبُني على أساس صوتي وصدِّر بمقدمة صوتية، كما استعرض مؤلفات أخرى تسير في الاتجاه نفسه.

واشار الى ان الزمرة الثانية تتضمن الفلاسفة والأطباء والحكماء، وتستعرض أمراض اللغة التي تصيب الإنسان كاللثغة مستشهداً بحديث الفيلسوف الكندي عن المساس بالصوتيات والعلل التي تعتريها، إذ يرى أن هذه الأمراض لها أسباب نفسية أو عضوية.

وفي القسم الثالث يشير الطيان إلى أن التجويد والترتيل يقوّمان أي خطأ يعانيه الإنسان في لفظ الحروف بشكلها الصحيح والمنضبط، وأسف لتدهور الوضع الراهن بسبب المسخ التي تعانيه اللغة العربية، ثم استعرض مجموعة من المؤلفات منها الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة للشيخ مكي بن طالب القيسي.

ولفت إلى أن علماء القراءات تركوا تراثا ومدونات تتضمن اتقاناً وإحساناً وتتبعاً لوجوه الأداء القرآني وتأصيلاً لأصول القراءات وتعليلا لحكامها ما بين فتح وإمالة وإدغام وتحقيق وما هنالك من مصطلحات.