بعد الاطلاع على العديد من الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من المغردين ممن اتهموا بجريمة المساس بذات الأمير والعيب على صلاحياته والطعن بمسند الإمارة وفق ما تعاقب عليه المادة 25 من قانون أمن الدولة، أثارني العديد من العبارات التي كتبت في حساباتهم على شبكة التواصل الاجتماعي (تويتر)، والتي حملت لدي شخصيا على الاقل كقانوني انطباعا بأن هذا النوع من المغردين سيصدر بحقه حكم قضائي بالسجن لسببين، الأول اعترافه بأن الحساب الذي صدرت منه التغريدات هو حسابه، والأمر الآخر هو وضوح العبارات ذاتها بأن الأمير هو المقصود بغض النظر عن إنكاره اللاحق بأن المقصود فيها هو الأمير، أو أنه يقصد الأمير ولكن يقصد توجيه النص له!

Ad

ليس ذلك وحده ما أثارني في هذا النوع من القضايا بل بطريقة تعاطي رجال البحث والتحري في التعاطي مع هذا النوع من القضايا في تقديم أقوالهم سواء للنيابة العامة أو حتى عندما يطلب منهم الحضور للمحكمة لمناقشة أقوالهم بتحقيقات النيابة، والتي تنتهي إلى أن تحرياتهم السرية دلت على أن المقصود بالعبارات الواردة بحساب المغرد هو سمو الأمير. والسؤال يطرح نفسه هنا هل هناك مصادر تعرف عن قصد المتهم وما بداخله؟ هل البطين الأيمن أم البطين الأيسر للمتهم أبلغا الضابط عن تلك المقاصد الداخلية للمتهم، خصوصا وإن كانت تلك العبارات غير واضحة وبها الكثير من العموم والاطلاق في ظل إنكار المتهم للتهم المنسوبة إليه!

الأمر الثالث هو في تعاطي المحاكم مع هذا النوع من الجرائم، والذي لم تعرض عليه هذا النوع من الجرائم منذ 40 عاما إلا بالشيء القليل حتى يستقر في تحديد القصد الجنائي لهذا النوع من الجرائم، فمن الأحكام ما اعتبر بأن هذا النوع من الجرائم يتحقق بمجرد النشر والعلانية ولا يعتد بالبواعث التي يتحدث عنها المتهم، في ما ينتهي قضاء آخر بأن هذا النوع من الجرائم هو من الجرائم العمدية التي تستلزم إنصراف نية المتهم إلى تحقيقه، وبالتالي يجب توافر ركني الجريمة تماما المادي والمعنوي، ومثل هذا الاختلاف القضائي بالأحكام لن ينتهي بالتأكيد إلا بتوحيد قضاء محكمة التمييز للعديد من المبادئ الخاصة بهذا النوع من الجرائم.

أخيرا وبعيدا عن الجانب القضائي والقانوني في هذا النوع من القضايا، يحتاج الأمر منا لمعرفة الأسباب التي دعت بعض المغردين لاستخدام هذا النوع من المفردات والتي لا يقوى على الأقل بتوجيهها لوالده على سبيل المثال والتي برأيي تحتاج إلى بحث لمعرفة الأسباب الداعية لذلك، خصوصا وأنه لا أحد يرغب في الذهاب برجليه إلى زنزانة الحبس وهو عالم بذلك!